إعادة الاعتبار إلى مفهوم السعادة نفسياً
يعيد كتاب «السعادة: كشف أسرار الثروة النفسية»، الاعتبار لمفهوم السعادة، باعتباره من الأبعاد المهمة في علم النفس الذي لطالما شُغِل بالوجة القاتم للعيش الإنساني. ويعتبر الكتاب أن قيمة السعادة تفوق الثروات المادية. ويبحث عنها في ثنايا مفاهيم شائعة مثل الذكاء العاطفي ورأس المال الاجتماعي وغيرهما. ووفق الكتاب، تتأثر حياتنا لا محالة، إذا لم نقم بتنمية أوجه الثروة النفسية كلها. ويرى الكتاب الذي صدرت ترجمته العربية أخيراً عن «المركز القومي للترجمة»، أن المرء لا يحتاج أن يكون مليونيراً للحصول على السعادة. ويستند في هذا إلى أنه يعتبر الثروة النفسية بمثابة القيمة الحقيقية الصافية، لأنها تشمل اتجاهاتنا نحو الحياة، والمساندة الاجتماعية، والارتقاء الروحي، والموارد المادية، والحال الصحية، والنشاطات التي ينخرط فيها الكائن البشري.
لا سحر للنجومية
ألّف الكتاب إد داينر وروبرت بيزاوس- داينر، وترجمته مهى بكير، وراجعه معتز سيد عبدالله. ويتحدى كثيراً من المفاهيم السائدة، على نحو تشكيكه في سحر نجومية المال والإعلام والتلفزة وغيرها. ويشرح المؤلفان كيف تعتمد الثروة النفسية على السعادة والرضا عن الحياة، كما يبيّنان العوامل التي تؤدي إليهما. ويُفسر الكتاب سبب اعتبار الثروة المالية مجرد عنصر مُفرد في الثروة الحقيقية، بل إنها ليست وجهها الأكثر أهمية. وفي فصله الأخير، يعطي الكتاب طريقة لقياس ثروته النفسية، ما يمكن القارئ من مقارنة نفسه بقائمة من 400 شخص يعتبرهم الكتاب الأوسع ثراءً بمقياس السعادة.
وفي إطار بحثهما عن مفهوم السعادة، يطرح المؤلفان أسئلة دقيقة حولها. إذ دقّقا في الحياة الانفعالية لذوي الثراء الفاحش، ولشريحة واسعة من المعدمين. كما نظرا إلى الدور الذي تؤدّيه الثقافة والدين والعلاقات الاجتماعية والسلوكيات الإيجابية في تكوين للسعادة. ويتّفق الكاتبان على أن يُعرّفا السعادة باعتبارها «حسن الحال ذاتياً»، لأنها تتعلق بالطريقة التي يقوّم عبرها الأفراد حياتهم والأشياء المهمة بالنسبة اليهم. ويريان أن شعور الفرد بحسن الحال ذاتياً يرتبط إلى حد ما بالظروف الموضوعية، لكنه يعتمد أيضاً على التفكير بهذه الظروف والتفاعل معها. كما يتّصل حسن الحال بانفعالات مثل الفرح والتعلّق، إضافة الى عيش حياة لا تتضمّن كثيراً من الانفعالات غير السارة مثل الخوف والغضب والحزن. وبمعنى آخر، فالسعادة هي الاسم الذي نطلقه على التفكير والشعور الإيجابيين تجاه الحياة، كما يمكن تعريف الثروة النفسية بأنها معايشة خبرة حسن الحال ونوعية الحياة الجيدة. وتلخيصاً، فالسعاده هي أعمق من البهجة البسيطة العابرة، وأكثر من غياب القلق والاكتئاب، بالأحرى انها العيش بطريقة مجزية وممتعة وذات معنى.
يذكر أن مؤلفا الكتاب هما إد داينر، أستاذ علم النفس في جامعة إلينوي الأميركية، ويعتبر حجة عالمية في علم السعادة، وروبرت بيزاوس– داينر، وهو مدير «مركز علم النفس الإيجابي التطبيقي» في بريطانيا، ويُلقّب بـ «إنديانا جونز علم النفس الإيجابي»، بسبب دأبه في البحث عن حُسن الحال ذاتياً، في ثقافات عدّة.
المصدر: الحياة
إضافة تعليق جديد