الأرض تعيش خطر التصحر
لنتصور أن مساحة ضخمة من الأرض الجرداء تعيش بدون أي أثر للخضرة، ولا حتى غصن واحد، ولا بضع قطرات من الماء لترطيب الأرض العطشى. ولنتصور أيضاً أن التصحر يزحف على كوكب الأرض بمعدل 12 مليون هكتار سنويا. حسناً: هذا الأمر يحدث بالفعل الآن.
وتشير الدراسات إلى أن 24 مليار طن من التربة الخصبة تتآكل كل عام، في حين تدهور حوالي ملياري هكتار من الأراضي بصورة شديدة نتيجة التصحر.
ومن المقدر أن تزداد مساحة الأراضي الجافة في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى وحدها بنسبة 15 في المئة في العقد المقبل.
وعلى الصعيد العالمي يقف نحو 1,5 مليار شخص على حافة الهاوية القاحلة، حيث تتعرض أرواحهم وأراضيهم وسبل معيشتهم للخطر بسبب زحف الغبراء.
انطلاقاً من هذه الخلفية، أقامت الأمم المتحدة «اليوم العالمي لمكافحة التصحر» في 17 حزيران الماضي، وترافق ذلك مع تحذيرات قاتمة من بعض المسؤولين على أعلى المستويات بشأن خطر التصحر.
وعلى سبيل المثال، فقد شدد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، على أنه «بارتفاع عدد سكان العالم، أصبح من المُلح أن نعمل على بناء قدرة كل موارد الأراضي المنتجة والمجتمعات التي تعتمد عليها».
ويتزامن ذلك مع توقعات منظمة الأغذية والزراعة «الفاو» بزيادة بنسبة 50 في المئة في الطلب على الغذاء بحلول العام 2050، وذلك على الرغم من تحذيرات العلماء بأن غلة المحاصيل الرئيسية مثل القمح والأرز والذرة قد تنخفض بنسبة 20 في المئة في السنوات العشر المقبلة بسبب ارتفاع درجات حرارة.
وهنا يمكن أن تؤدي ندرة المنتجات الغذائية الأساسية إلى امتصاص المزيد من الأراضي لأغراض الزراعة الصناعية، وهي التي أثبتت انها احد المحركات الرئيسية لظاهرة الاحتباس الحراري بنسبة 15 إلى 30 في المئة من انبعاثات الكربون وغاز الميثان في جميع أنحاء العالم، وهو ما يغذي بدوره ظاهرة التصحر.
في ضوء هذه الأزمات المتقاربة والمترابطة في ما بينها، أطلقت اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر شعار العام 2014 «الأرض ملك للمستقبل...»، وذلك بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة التصحر هذه السنة.
يذكر أن الأراضي الجافة تمثل نسبة 35 في المئة من إجمالي سطح الأرض، بما يشمل السافانا والسباسب والغابات الجافة، وهي التي تمتص مجتمعة 36 في المئة من مخزونات الكربون في العالم، وتدعم 50 في المئة من جميع الماشية.
وفي هذا السياق، أفادت كبيرة مستشاري بناء الشراكات وتعبئة الموارد في اتفاقية مكافحة التصحر لويز بيكر أن هناك «ما يقرب من ملياري هكتار من الأراضي المتدهورة في جميع أنحاء العالم يمكن إنعاشها»، مضيفة أن «هناك أيضاً حوالي 480 مليون هكتار من الأراضي الزراعية المهجورة التي قد تعود إلى الإنتاج، لا من خلال استثمارات إضافية، ولكن عن طريق إعادة ترتيب الأولويات».
وشرحت بيكر أنه «على سبيل المثال، قد يكون الاستثمار في استخدام الأسمدة مهماً، ولكن إذا استثمرنا بدلاً من ذلك في الحوافز لتحسين الإدارة المستدامة للأراضي، سنكون قادرين على إعادة الكربون مرة أخرى إلى التربة ومساعدة الأهالي ليصبحوا أكثر قدرة على التكيف مع التغير المناخي بدلا من الاعتماد على إنتاج الأراضي المخصبة».
وأضافت الخبيرة الأممية أن «كل ذلك عبارة عن مسألة إعادة تنظيم تدفقات التمويل، حتى يتسنى لنا تمكين التكيف من قبل الطبيعة، بدلا من محاولة شرائها».
(عن «وكالة الأنباء العالمية»)
إضافة تعليق جديد