البادية السورية: مقترحات لوقف التدهور

24-04-2008

البادية السورية: مقترحات لوقف التدهور

تمر البادية السورية خلال هذه الفترة بمرحلة صعبة جداً نتيجة حالة الجفاف، التي تعرضت لها في الأشهر الأخيرة، والتي ترافقت بكثير من الأحيان بالعواصف الغبارية والرملية، إضافة لموجة الصقيع وندرة الأمطار، التي لم يكن لها اي تأثير على الغطاء النباتي او في نمو الشجيرات الرعوية، بل ساهم الصقيع والعواصف الرملية في القضاء على اي نوع للحياة، فكان للجفاف أثره السلبي على البادية ومكوناتها وسكانها، وتأثرت القطعان من الأغنام التي تعتمد بشكل أساسي على المراعي، فاتجه المربون إلى الأعلاف لاستمرارية حياتها، فارتفعت أسعارها بشكل كبير جداً، وانخفض سعر الرأس الواحد من الأغنام، وبالتالي تعرض المربون إلى خسائر مالية فادحة حولت القسم الأكبر منهم إلى حالة الفقر.
وقد دلت مؤشرات الإنذار المبكر للجفاف هذا العام إلى مرحلة التنبيه في بعض مواقع البادية وإلى مرحلة الإنذار في مواقع أخرى، وان مخزونات المراعي من الأعلاف تحت الطبيعي، وقد أشارت المبادىء الأساسية للاستراتيجية الوطنية لإدارة الجفاف انه لا يمكن تجنب الجفاف، ولكن يمكن الحد من آثاره كموت المواشي وفقر الأسر بواسطة التدخل الفعال في الوقت المناسب، وباعتبار ان البادية السورية تشكل 55٪ من إجمالي مساحة القطر، كان للدولة حيز كبير في اهتماماتها وعنايتها بإصدار العديد من القرارات والمراسيم، التي يتم من خلالها الحد من ظاهرة تدهور أراضي ومراعي البادية، فقد تم إحداث الهيئة العامة لإدارة وتنمية البادية، التي أخذت معالمها تتكون شيئاً فشيئاً بتشكيل مكوناتها الأساسية، وإتمام إجراءاتها الإدارية من أجل قيامها بأعمالها نحو تحقيق أهدافها الاستراتيجية في تطوير البادية، وتنمية مجتمعها المحلي ومواردها الطبيعية والبشرية والبنى التحتية، وإدارة وتنشيط الفعاليات المختلفة فيها، والتنسيق بين الجهات المعنية كتنفيذ برامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية والخدمية فيها.
«البعث» ومن خلال مواكبتها لعملية انطلاق الهيئة نحو تحقيق أهدافها، التقت المهندس علي حمود مدير عام الهيئة، الذي أكد على انه يتم إنجاز مجموعة من التدابير الكفيلة بوقف تدهور تربة البادية ومراعيها، بإعداد برامج تنموية وخطط سنوية لإعادة الغطاء النباتي..

 وقد تم إصدار العديد من المراسيم والقوانين للحفاظ عليها، حيث صدر المرسوم التشريعي رقم /140/ لعام 1970 والمعدل بالقانون 13 لعام 1973، الذي منع بموجبه التعدي على أراضي البادية بالحراثة والاحتطاب وغير ذلك، كما صدر القانون 62 لعام 2006، الذي ألغى المرسوم 140 والقانون 13، وحدد مجموعة من المواد الهادفة إلى استثمار أراضي البادية بالشكل الأمثل، ومجموعة من المواد الأخرى الصارمة والرادعة لمن يتعدى على أراضيها، وصدور المرسوم 34 لعام 2006 القاضي بإحداث الهيئة، التي سوف تقوم بأعمال جبارة وكبيرة تنعكس بشكل ايجابي على أراضي البادية وسكانها.

البادية وأسباب التدهور
تتكون البادية من أراض جبسية وكلسية تغطى بالحصى الصغيرة، تربتها مالحة او رملية فقيرة بالمواد العضوية، منخفضة لا تصلح في غالبيتها إلا لنمو النباتات الرعوية، وتوجد فيها بعض الغيضان ذات التربة المنقولة (الطمي) وبعض الجبال والمرتفعات مثل جبل أبو رجمين والبلعاس والبشري، وتتخلل البادية بعض السبخات، وتتميز بوجود بعض الواحات كواحة تدمر، التي قامت بسبب وجود الينابيع الصغيرة.
وقد أكدت الدراسات والخبرات على زيادة المساحات المتدهورة الناتجة عن عوامل طبيعية، وأسباب وعوامل بشرية وسكانية نذكر منها:
- الرعي الجائر: الذي انتج بسبب زيادة حمولة الأغنام في وحدة المساحة عن طاقة المرعى أضراراً بالغة، ما أدى إلى زيادة الضغط على المراعي، وساهم في نقص الأنواع المرغوبة من النباتات الحولية، وبالتالي تدهور المرعى وتعرية التربة.
- فلاحة الأراضي: والتي تسببت في تدهور الغطاء النباتي.
- حقوق الرعي: فحرية الرعي ومشاعيته تؤدي إلى الوصول إلى مرحلة التصحر.
- الاحتطاب: وذلك من خلال اقتلاع الشجيرات الرعوية.
- الآليات: استخدام وسائل النقل والجرارات بشكل عشوائي ساهم بعدم السماح للنباتات بالنمو وتفتيت التربة وتطايرها.
- حفر الآبار الارتوازية: التي تزيد من الحمولة الرعوية ببعض المواقع، إضافة إلى ان هناك عوامل أخرى كتكرار فترات الجفاف، وبعض النشاطات العمرانية والصناعية التي تساهم في التدهور الحاصل.
وأوضح الحمود: انه يترتب على هذا التدهور العديد من الآثار السلبية، التي تتركز في تدني إنتاجية المراعي الطبيعية من الأعلاف، وإجهاد التربة وتدني الإنتاج الحيواني، وانخفاض مستوى معيشة مربي الأغنام، وهجرة السكان من البادية، إضافة إلى الخسائر الكبيرة، التي تتحملها الحكومة من خلال الدعم العلفي، كما ساهم هذا التدهور في اختفاء وانقراض بعض الكائنات الحية، الأمر الذي استدعى بذل جهود كبيرة من قبل مديرية البادية لإعادة الحياة لها، والتي ستكون للهيئة التي ستتابع ما تم إنجازه من قبل المديرية، وضمن إمكانيات إضافية جبارة، وتحقيق ما لم يتم إنجازه وعلى مستوى أوسع ونطاق أكبر.
ومن أهم المشاريع التي تم القيام بها:
إنشاء المحميات وتثبيت الكثبان، حيث بلغ عدد المحميات حوالي 68 محمية رعوية، بلغت مساحتها حوالي /970/ ألف هكتار، تهدف إلى إعادة الأنواع النباتية وتحسين وضع الغطاء النباتي وتأمين جزء من العلف الاحتياطي، خاصة في فترة الجفاف وإعادة الحياة البرية، وبالتالي عودة التوازن البيئي وإيجاد فرص عمل لسكان البادية، والحد من العواصف الرملية.
وعلى صعيد تثبيت الكثبان الرملية، فقد تم حفر خنادق عمودية على حركة واتجاه الرياح، إضافة إلى استزراع الأراضي بمعدل /1000/ غرسة في الهكتار الواحد، وذلك للحد من العواصف الرملية، وتخفيف الآثار السلبية لحركة الرمال والغبار على البيئة، كما تساهم في حماية الخطوط الحديدية من تجمع الرمال ما يقلل من حوادث القطارات، ووقف زحف الرمال نحو التجمعات السكنية وطرق المواصلات.
وتمت زراعة مناطق محددة من أراضي البادية بالأشجار الحراجية والمثمرة والرعوية، وذلك يساهم بإعطاء منظر جمالي وإيجاد فرص عمل لسكان البادية والحفاظ على البيئة والتوازن البيئي وخدمة المسافرين .

 مشروع احياء المراعي
 وتهدف الى الحفاظ على البيئة وصيانة الموارد الطبيعية ورفع مستوى الوعي البيئي ورصد المراعي واجراء القياسات النباتية في موقع المشروع بهدف الدراسة ووضع برنامج لإرشاد المربين في البادية، والاهتمام بالمرأة الريفية واعادة الحياة البرية الى المنطقة وادخال حيوانات الغزال والمها العربي وجعلها مركزاً لاستقطاب السياح كما في محمية التليلة حيث بلغ عدد الغزلان ضمنها 429 غزالاً و103 رؤوس مها عربي.
 ويتم من خلال هذه المحميات رصد الطيور النادرة مثل طائر ابو منجل.
ويتم من خلال المشاتل تأمين الغراس الرعوية المتأقلمة محلياً والمتحملة للجفاف والمستساغة للاغنام وذات القيمة العلفية العلية وتوزيعها على المحميات الرعوية والجهات الاخرى.
 كما تهدف مراكز اكثار البذار الى تأمين البذور الرعوية الناضجة والنظيفة وذات الحيوية العالية لتستخدم في انتاج الغراس الرعوية في المشاتل ولأعمال النثر المباشر في المحميات.
 كما بدأ تنفيذ المشروع 107 عام 2002 بالتعاون ما بين برنامج الغذاء العالمي والحكومة السورية ويهدف الى اتاحة الفرصة للنساء والاميات الفقيرات في مجتمعات البدو في محو اميتهم وتأهليهم لمهارات اعلى واقامة محميات رعوية تشاركية في البادية للفقراء من المربين من خلال اعادة تأهيل الاراضي للرعي.
 ويتم حفر الابار الارتوازية بشكل مدروس لتأمين المياه اللازمة لسقاية الاغنام، وتأمين حاجة المربين منها اضافة لري الواحات والمحميات الرعوية والمشاتل الرعوية وتشغيل الايدي العاملة وتوطين البدو حيث بلغ عدد الابار المستثمرة في البادية273 بئراً موزعة على محافظات البادية.

 المقترحات
 من أجل الوصول الى الاهداف المرجوة من باديتنا مترامية الاطراف والتي تشكل مصدراً هاماً من مصادر ثروتنا الوطنية كان لابد من السعي بجدية لتحقيق بعض المقترحات وهي:
-تأمين الاعلاف بالكمية الكافية وبالاسعار المناسبة وتنظيم تجارة الاعلاف ومتابعة مواصفاتها وضمان نوعيتها.
-اعادة النظر بأسلوب تسويق الاغنام ومنتجاتها وتسهيل عملية التصدير.
- التأكيد على حماية المراعي والاستمرار بإقامة المحميات الرعوية وتوسيعها وزيادة المساحات المستزرعة بالغراس والبذار الرعوية.
-رفع مستوى الوعي البيئي لدى السكان المحليين في البادية للمحافظة على المراعي والمحميات الرعوية وحمايتها باستثمارها وفق الحمولات الرعوية الأنموذجية وعدم الرعي المبكر للمرعى وعدم الاحتطاب .
-تأمين القروض المناسبة للمربين لإنقاذ الثروة الحيوانية لديهم.
-تشجيع الاستثمار الوطني والعربي في البادية السورية.
-وضع خطط مستقبلية للاستفادة من مياه الامطار من خلال تفعيل مشاريع حصاد ونشر المياه لتنمية المراعي.
-الاستمرار في اقامة مشروعات تثبيت الكثبان الرملية ووقف التصحر.
-تشجيع تربية الابل في البادية للحد من سيطرة بعض النباتات التي لاتستهلكها.
-توفير الخدمات الاجتماعية والثقافية والصحية والاقتصادية للتجمعات السكنية في البادية.
-منع صيد الطرائد في البادية، وعدم السماح بالبناء العشوائي.

معمر الخطيب

المصدر: البعث

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...