الفضائية السورية تودّع الاستوديو الزجاجي
توقّف برنامجا «صباح الخير» و«مساء الخير» على الفضائية السورية من التسجيل في الأستوديو الزجاجي المشرف على ساحة الأمويين بدمشق. وأطلّ البرنامجان من أستوديو مغلق داخل مبنى «الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون»، بعد التفجيرين الإرهابيين اللذين استهدفاه الأحد الماضي، وأسفرا عن تدمير الجزء الجنوبي من السور المحيط به، وسقوط عدد من الجرحى. هكذا، ودّعت الفضائية السورية اللقطات البانوراميّة لنوافير ساحة الأمويين، ومبنى «دار الأوبرا» و«المكتبة الوطنية»، أبرز المعالم المدنيّة التي كانت كاميرا البث المباشر تنقل صورها على مدار حلقات «صباح ومساء الخير».
احتجاب النقل من الأستوديو الزجاجي، يعدّ تغييراً دراماتيكياً في سجلّ الفضائية السوريّة، بعدما طالت التفجيرات حجارة مبناها. مع العلم أنّ مبنى «الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون»، هو واحد من أهمّ المعالم المعاصرة في ذاكرة السوريين العمرانية. حلقة برنامج «مساء الخير» التي تلت التفجير، وحملت عنوان «سوريا في مواجهة الإرهاب»، لم تبثّ من الأستوديو المعتاد، مكتفية بلقطات من التفجير الإرهابي المزدوج الذي ضرب مدخل ساحة الأمويين في قلب العاصمة. المفارقة أنّ فريق إعداد «مساء الخير» استعان بديكور لبرنامج «هنا دمشق» (إعداد وتقديم أمجد طعمة) المتوقّف عرضه. وذلك دليل على حجم الاستسهال في برنامج «مساء الخير»، حيث تنعدم الرغبة في تصميم ديكور خاص بهذا البرنامج أو ذاك، بل يمكن الاستعانة بديكور لبرنامج قديم، من دون أية مراعاة لعين المشاهد وذاكرته، وما يمكن أن يكونه من فكرة عن هوية هذا البرنامج أو ذاك. بل يمكن اعتباطياً الاتكاء على مستودع الهيئة العامة للتلفزيون والذي يزخر بكمية كبيرة من الخردة، لتوضيب ديكورات «من قريبه»، حتى ولو كانت قد استخدمت مراراً وتكراراً في برامج تم إيقافها أو تنحيتها من الدورات البرامجية السابقة.
يأتي إجراء التلفزيون بالاستغناء عن الأستوديو الزجاجي الذي صممته مديرة التلفزيون المخرجة سهير سرميني (قبل أن تنتمي إلى أحد أحزاب «معارضة الداخل»)، في إطار تخوف إدارة التلفزيون من تفجيرات أخرى قد تستهدف المبنى. وذلك ما قد يؤدي في حال تكرار تلك لحوادث المؤسفة إلى إلحاق أذى مباشر بموظفي الهيئة. استراتيجية مواجهة الإرهاب قد تكون ضروريّة للحفاظ على حياة موظفي المؤسسة الإعلامية الحكومية، لكنها لا تعني العودة إلى سوق البالة الموجود في مستودعات المؤسسة، ولا تعني التقصير في تصميم ديكورات جديدة أكثر ديناميكية وجاذبية لعين المشاهد. فالأستوديو الزجاجي ليس تصميماً نهائياً لهوية بصرية لطالما افتقدها الإعلام الرسمي في سوريا، بل هو خطوة نحو تحطيم جدران الاستوديوهات المغلقة والخروج إلى أماكن رحبة بصرياً، لطالما استغلها مراسلو المحطات الفضائية العربية الموجودين على الأرض السورية، لصناعة كادرات جميلة، من دون الحاجة إلى تكرار ديكورات برامجهم... وكم هي كثيرة تلك الأماكن التي يستطيع فيها كل من عدي حمود مخرج «مساء الخير» وأمجد الحسن المشرف على البرنامج أن يستغلاها في صوغ الصورة التلفزيونية المعاصرة.
سامر محمد اسماعيل
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد