المؤتمر الوطني الأول للإعلام
تابع المؤتمر الوطني الأول للإعلام “حق المواطن في الإعلام” فعالياته اليوم حيث تركزت مداخلات المشاركين في محور “البعد الديني في الإعلام” على إمكانية استبدال مادة التربية الدينية في المناهج الدراسية بمادة الأخلاق ودور وزارة الأوقاف في تعليم الإسلام الصحيح.
وتساءل المشاركون عن دور الوزارة في التنوير وتبديد الفكر الظلامي الذي تم غرسه في عقول بعض المواطنين وخاصة الأطفال الذين بقوا لسنوات في مناطق غير آمنة.
وطالب المشاركون بالعمل على اختيار الخطباء والدعاة المناسبين للظهور على منابر المساجد ووسائل الإعلام وعدم ترك هذه الوسائل فرصة لنشر أفكار بعض المتطرفين أو الجاهلين بالإسلام الصحيح والتركيز على إظهار تأثير الدين في تطبيق الأخلاق والمعاملة الحسنة بين الناس.
دوره أكد وزير الأوقاف الدكتور محمد عبد الستار السيد خلال الجلسة أن المؤسسات الإعلامية في سورية تبث الرسالة الدينية بالشكل الصحيح والسليم لافتا إلى ضرورة أن يركز الخطاب الديني في وسائل الإعلام على الجوانب الأخلاقية ويتضمن مفاهيم الخير والكرامة والإنسانية بما يسهم في مكافحة الفكر التكفيري المتطرف.
وباعتبار تطوير الخطاب الديني مسؤولية وزارة الأوقاف وكل علماء الدين وفق الوزير السيد فقد عملت الوزارة على تغيير المناهج الشرعية مبينا أن “تغيير المناهج لا يعني أن نخالف الثوابت فيجب أن نكون في الوقت نفسه متمسكين بها ومطورين للخطاب الديني ومحاربين للتكفير وتغييب الآخر”.
وبما يخص المرجعيات والرؤى المعتمدة في الخطاب الديني أوضح الوزير السيد أن اللجنة الفقهية العليا التي تضم كل المذاهب تساهم في وضع هذه الرؤى ولا يتدخل أحد بعملها وقال.. “لا توجد حرية دينية في أي دولة كالحرية التي منحها السيد الرئيس بشار الأسد في هذا المجال داخل سورية” لافتا إلى إنجاز الفريق الديني الشبابي الذي عملت الوزارة على تعزيز وجوده لنشر الخطاب الديني الصحيح ومواجهة التطرف.
وفي رده على تساؤلات المشاركين أكد الوزير السيد أن “العلمانية السورية تعني فصل الدين عن الدولة ومنح حرية الاعتقاد” وليس كما يحاول البعض ترويجه بأن العلمانية إلغاء أو إقصاء للدين مبينا أن 73 خطيب مسجد استشهدوا خلال الأزمة في سورية لأنهم قالوا كلمة حق.
وأوضح الوزير السيد أنه عند حصول بعض الأخطاء أثناء تدريس مادة التربية الدينية أو آلية التعامل مع الطلاب من أديان أخرى فإن ذلك يعود “لمشكلة في تأهيل مدرسي هذه المادة وليس في المناهج” موضحا ان الوزارة تعمل على حل هذا الموضوع والتركيز عند تأهيل المدرسين على احترام عقيدة الآخر.
ولفت الوزير السيد إلى أن علماء المذاهب الإسلامية تركوا أفكارا قيمة لتدريسها و”ليس طوائف” مشيرا إلى أن المناطق التي خضعت لسيطرة الإرهابيين لفترة من الزمن أصاب مواطنيها تلوث فكري رافقهم بعد خروجهم للمناطق الآمنة وذلك استدعى من وزارة الأوقاف استحداث “مركز إرشاد خاص ببرامج قيمة” للتوجه لهم وخاصة الأطفال منهم لتبديد الأفكار الظلامية التي تم غرسها في عقولهم وتنويرهم بأفكار الإسلام الصحيح.
وحول ضرورة أخذ دعاة الدين الموافقة من وزارة الأوقاف قبل خروجهم على وسائل الإعلام أوضح الوزير السيد أن ذلك ضروري للحفاظ على تنظيم عملية الخطاب الديني وليكونوا جميعاً وفق منهج واحد مؤكداً أنه “ليس هناك ما يسمى رجال دين” وإنما التسمية الصحيحة هي “فقهاء وعلماء بالدين”.
وفي محور الإعلام الجديد “وسائل الإعلام التقليدية ووسائل الإعلام الجديد … تكامل أم تنافس” رأى مدير مؤسسة الوحدة للصحافة والنشر والتوزيع خالد مجر أن المضمون الإعلامي هو الذي يحدد جودة الوسيلة الإعلامية وتأثير الحداثة هو في سرعة التواصل وليس جودة المضمون معتبراً أنه لا يمكن للمواطن أن يأخذ دور الإعلامي على الإطلاق كما أن تدخل المواطن يمكن أن يؤثر في الرسالة الإعلامية ومضمونها.
وأوضح الصحفي أسعد عبود أن وسائل الإعلام الحديثة استوعبت وأحاطت بتقنيات الإعلام القديم ويجب التركيز على إنتاج المعلومة والناقل الذي يستخدم لإيصالها إلى المتلقي تباعا مبينا أن موطن التأثير الأبرز هو المعلومة التي ينتجها الصحفي وأهمية تثبيتها وأن تكون دقيقة.
وشدد عبود على ان المواطن في عصرنا اليوم أخذ حقه وحقق السبق في مواقع التواصل الاجتماعي فكان منتجا للمعلومة وناقلا لها ما وضع وسائل الإعلام القديمة في واقعنا الراهن أمام مشكلة مربكة.
من جانبه أكد الدكتور في كلية الإعلام بطرس حلاق أن العنوان الأبرز يجب أن يكون حق المواطن في المعرفة والمعلومة وأن ما تغير اليوم في الإعلام هو الوسيلة الناقلة للخبر إذ ان ما نسميه إعلاما جديدا بالنسبة لرؤية الجيل الذي عاصر آخر تطورات التكنولوجيا ليس كذلك معتبراً أن وجود تطور تكنولوجي دون وعي من قبل المستخدم وتوعية له من قبل المجتمع وليس فقط الإعلام سيوصل إلى استخدام خاطئ.
وأشار حلاق إلى أن مواقع التواصل الاجتماعي زاحمت وسائل الإعلام على حصتها في الرأي العام فصحافة المواطن يجب أن يكون لها بيئة حاضنة تنظمها في حين أن إمكانية منعها غير متاحة داعياً إلى ضرورة طرح فكرة مقرر التربية الإعلامية التي توجه الفرد منذ صغره وتعلمه كيف يستخدم الوسيلة وآثارها ليكون متحكما بها عوضا عن تحكمها به.
وتركزت مداخلات المشاركين على وجود تكاملية بين الوسائل الإعلامية الحديثة والقديمة مشيرين إلى خطورة الأفكار التي يتم ترويجها للمتلقي عبر وسائل الإعلام الحديثة ومواقع التواصل الاجتماعي كونها تخاطب الوتر العاطفي دون التركيز على صحة المعلومة أو دقتها مؤكدين أهمية تكيف أدوات الإعلام التقليدي مع التغيير الحاصل في واقع الإعلام.
بينما ركز مدير موقع تشرين أون لاين بشار محمد في مداخلته على أن تجربة الإعلام الالكتروني في سورية تم صقلها خلال الحرب ولكنها ما زالت تتطلب عملا وجهدا كبيرا من كوادر متخصصة لافتا إلى أن دخول مواقع التواصل الاجتماعي في العديد من دول العالم غير متاح ومجتمعات عديدة ما زالت متمسكة بوسائل الإعلام التقليدية من صحف وتلفزيون وإذاعة رغم تطورها تكنولوجيا في مجال الإعلام.
وفي محور “الثقافة والإعلام” تركزت المداخلات حول أهمية الثقافة والإعلام وآلية الارتباط بينهما وماذا قدمت وسائل الإعلام المختلفة للمثقفين والأدباء للتعريف بالأدب والفن بأنواعه إضافة إلى تأثير الثقافة والإعلام ببعضهما ومدى هذا التأثير.
وبين الباحث نبيل طعمة أنه يوجد فرق كبير بين الثقافة والإعلام فلكل من المثقف والإعلامي تخصص مختلف ولكن من المهم أن يكون الإعلامي مثقفا في تخصصه وملما بشكل دقيق بما يكتب بأي مجال ثقافي أو اقتصادي أو سياسي مشيرا إلى أنه لا يوجد في العالم إعلام حر فجميع الإعلام هو إعلام مرتبط ولكن هذا لا يعني أن “الحرية مفقودة بالمطلق”.
وأكد طعمة أن المطلوب هو معرفة كيف ننقل الخبر الذي ينتظره المواطن وبذلك نعطيه حقه في الإعلام مشيرا إلى أن المناقشات التي طرحت خلال المؤتمر تسهم بخلق فلسفة جديدة للإعلام والخروج بنتائج تسهم ببناء سورية الحديثة وعلى الجميع أن يتعاون لتطوير الإعلام والثقافة وبناء الوطن.
من جانبه أوضح الدكتور نضال الصالح رئيس اتحاد الكتاب العرب أنه يوجد تمايز في العلاقة بين الإعلام السوري والثقافة عبر عدة مراحل حيث “كانت العلاقة حتى عام 2000 علاقة محدودة الزمان والمكان كونه كان إعلاما رسميا فقط” مشيرا إلى أن العاملين في الثقافة خلال هذه المرحلة قدموا للإعلام طاقات مهمة كما أن الإعلام مكن المثقف السوري أن يجهر بنفسه وظهرت كوكبة من الأسماء الثقافية تجاوزت الفضاء السوري إلى الوطن العربي وتميزت المرحلة بأن من وصل إلى منابر الإعلام كان مثقفا متمكنا حقيقيا.
ولفت الدكتور الصالح إلى أن الخط البياني للعلاقة بين الثقافة والإعلام لم يكن تصاعديا رغم ظهور وسائل إعلام خاصة بسبب دخول “أشباه إعلاميين وأشباه مثقفين إلى مواقع القرار الثقافي والإعلامي مع وجود بعض الحالات الاستثنائية” مضيفا.. إنه “مع بداية الحرب على سورية كان على الثقافة والإعلام أن يمضيان في اتجاهات أكثر أهمية وقوة للحد من الخطر على سورية لكن غلب على ذلك طابع الأداء الارتجالي”.
واعتبر الدكتور الصالح أن المؤتمر خطوة مهمة لوزارة الإعلام كما أن وزارة الثقافة بدأت بنشاطات مهمة للبحث عن استراتيجية لتمكين الثقافة والإعلام من أداء الدور الحقيقي لهما مؤكدا أنه لا يمكن إيجاد إعلام حقيقي إلا إذا كان الزاد الثقافي حاملا له في حين ان الثقافة لا تؤدي دورها إلا بوجود رافعة إعلامية فهما يكملان بعضهما لأداء ثقافي وإعلامي متميز.
بدوره تحدث الناقد في الفن التشكيلي سعد القاسم عن علاقة الفن بالإعلام وخصوصا الفن التشكيلي حيث رأى أن “الفن التشكيلي في آخر الاهتمامات الثقافية للمجتمع بسبب أن شريحة بسيطة تهتم به جراء غموض المفاهيم الدينية حول الفن” مشيرا إلى أن الحالة المجتمعية لم تساعد الفن التشكيلي على أن يكون له جمهور كما ان “المؤسسة التربوية لم يكن لها دور مشجع كما أن الدراما السورية ساهمت بتكريس صورة غير صحيحة عن الفنان التشكيلي”.
وأشار القاسم إلى أن الإعلام السوري رغم ذلك لم يقصر تجاه التشكيليين فهم موجودون في البرامج التلفزيونية والصحف تعرف بالفن التشكيلي مضيفا .. إن الفنان السوري عرف عالميا من خلال الإعلام الذي حاول توسيع الجمهور المهتم بالفن “ولم ينجح” ولذلك يجب أن نعمل على تغيير العقلية المجتمعية والمناهج الدراسية للتعريف بالفنون بشكل أكبر.
ولفت المشاركون في مداخلاتهم إلى انه رغم الاتفاق على التكامل بين الثقافة والإعلام إلا أنه يوجد اختلاف بطبيعة العمل المهني حيث بين أمين تحرير شؤون الثقافة بجريدة الثورة ديب علي حسن أن كل إعلامي يجب أن يكون مثقفا بالضرورة في حين ليس كل مثقف اعلاميا أو مختصا بجنس أدبي معين داعيا إلى دعم الصفحات الثقافية في الصحف من قبل وزارتي الإعلام والثقافة واتحاد الكتاب بينما رأى الدكتور عماد فوزي الشعيبي اننا بحاجة إلى إعلاميين مبدعين لفسح المجال لمثقفين مبدعين.
وتركزت مداخلات المشاركين في الجلسة الثانية بعنوان “وسائل التواصل الاجتماعي.. أدوار جديدة” على ضرورة تطوير الإعلام الإلكتروني ووضع ضوابط له وقوننته وإقامة ورشات عمل تخصصية لتأهيل الشباب العامل في هذا المجال وفي مواقع التواصل الإلكتروني ودعمه وتبنيه من قبل وزارة الإعلام نظرا للدور المهم الذي يقومون به في الدفاع عن بلدهم ولا سيما في هذه الظروف.
وطالب المشاركون في المؤتمر بإعادة النظر في الرسوم المالية التي تترتب على ترخيص المواقع الإلكترونية والتركيز على نقاط القوة فيها ودعمها ومعالجة السلبيات ولا سيما التي تتعلق بالمصداقية وتوخي الحذر من المعلومات لأن بعض الدول تحاول بث سمومها عن طريق هذه الوسائل لذلك من الضروري اللجوء إلى وسائل الإعلام الرسمية وفي الدرجة الأولى وكالة سانا للتأكد من المصداقية والتسويق الصحيح للأخبار.
وفي معرض رده على مداخلات الحضور أشار وزير الإعلام المهندس رامز ترجمان إلى أهمية الإعلام الإلكتروني والدور الذي يقوم به ولا سيما خلال الحرب التي تتعرض لها سورية معتبرا أن “صفحات التواصل الاجتماعي سلطة خامسة”.
وبين الوزير ترجمان أن وزارة الإعلام تدعم أكثر من 26 موقعا إلكترونيا وتقوم بعملية تقييم لهذه المواقع باستمرار لافتا إلى أنه سيتم قريبا إطلاق ورشة عمل لهذه المواقع التي أثبتت انتماءها للوطن كما أن لدى الوزارة استراتيجية لتطوير الإعلام الإلكتروني في المرحلة المقبلة.
وأشار عضو مجلس الشعب عارف الطويل إلى أن الإعلام الالكتروني ظهر قبل سنوات وحظي بدعم كبير من الحكومة لكنه انتشر بشكل كبير خلال الحرب العدوانية على سورية.
وبين الطويل أن الشباب السوري في الداخل والخارج انطلق خلال الحرب للدفاع عن بلده من خلال إنشاء العديد من صفحات التواصل والمجموعات وتحول الكثيرون منهم إلى مراسلين يبثون على مدار 24 ساعة على صفحاتهم أخبارا ومعلومات وفيديوهات عن بلدهم مكونين رأيا عاما مضادا لما يريده إعلام العدو مؤكدا على ضرورة دعم الشباب الذي نشط في هذا المجال ورعايته وتأمين دورات إعلامية مكثفة لهم.
من جهته وسام الطير مدير صفحة “دمشق الآن” أشار إلى أن الشباب السوري في بداية الحرب على سورية أنشأ صفحات وانطلق بشكل تطوعي للدفاع عن بلده بأدواته البسيطة عن طريق نقل الكلمة والصورة والفيديو لمواجهة الطرف الآخر المدرب والذي يمتلك جميع الأدوات المناسبة لعمله وتمكنوا من التصدي لهجمات كبيرة.
ولفت الطير إلى ضرورة دعم الحكومة للإعلام الإلكتروني لما له من أهمية وإنشاء نقابة أو رابطة تتبنى الشباب العامل في هذا المجال إضافة إلى تأهيلهم وتدريبهم ورعايتهم.
سانا
إضافة تعليق جديد