(بسطات الأرصفة) بين الازدحام وحاجة أصحابها

09-07-2008

(بسطات الأرصفة) بين الازدحام وحاجة أصحابها

ازدادت أعداد البسطات والعربات الصغيرة على أرصفة دمشق ومراكز انطلاق السرافيس في الفترة الأخيرة وبشكل ملحوظ، ولم يعد بإمكان المرء إلا أن يدهش أمام هذه الكثرة المتكاثرة منها، فمن كراجات السومرية إلى البرامكة مروراً بجسر الرئيس وصولاً إلى كراجات القابون، عشرات من عربات بيع «عرانيس الذرة» و«عصير التوت الشامي» وغير ذلك من «سلال الفواكه والخضار»، والصناديق المملوءة بمختلف أنواع «المكسرات».. إلخ. 
 وعند حديثك مع القائمين على هذه «المحال المتنقلة» فإنكَ غالباً ما تواجه بالتأفف لكونك «في نظرهم» تسعى إلى «تشليحهم» عملهم الوحيد في زمان بات فيه إيجاد عمل ثابت ضرباً من المعجزة، يقول أحد باعة العرانيس «رفض ذكر اسمه»: «لو تعلم كم شقيت لأحصل على مساحة على هذا الرصيف يكفل لي تحصيل بعض العيش» على حين يقول علي «بائع عصير»: «إياكَ أن تكتب عنا بالسوء.. عندي ولدان ولا أريد أن أقصر عليهما بشيء، إذا أزالوا البسطات «بينخرب بيتنا»!».. ويقول بائع خضار «رفض ذكر اسمه»: «أليس وجودنا مريحاً للناس؟ اسألهم!.. إننا نقدم خدمة خمس نجوم وبأسعار منافسة أيضاً».
ونحن مع تعاطفنا الشديد إزاء هذه الظاهرة التي تأخذ شرعيتها لكونها شعبيةً بكل أبعادها، نورد بعض مشاهداتنا وبعض آراء الناس الذين يتعاملون مع هذه البسطات من جهة، وغير المتعاملين من جهة ثانية. تقول أم أحمد «موظفة»: «أحسن ما في هذه البسطات أنها على مقربة من السرفيس، حيث لا يبقى لي بعد انتهاء الدوام الوظيفي سوى أن أشتري ما أريد من الخضار ومستلزمات الطبخ وأحياناً الفواكه، ثم أركب في السرفيس على الفور باتجاه المنزل، وبذلك أوفر الكثير من الوقت إلى جانب توفيري لتعب النزول إلى السوق».. على حين يقول جمال شيباني «رجل كبير بالسن»: «نهرب من سيارات الشارع لنصطدم بعربات الذرة وبسطات الدخان واليانصيب و«رفقاتون»، أين نمشي؟ ألا يكفينا ازدحام الشارع؟!»
ويضيف: «لا أشتري شيئاً من هذه البسطات، ألا ترى كيف يعرضون بضاعتهم دون أغطية تحت كل أنواع التلوث؟ يجب إيقاف هذه البسطات عن العمل لأنها تهدد الصحة العامة».. أما طلاب الجامعات فإن أغلبهم يبدأ الكلام حول ضرورة إيجاد أسواق شعبية منظمة تخضع للرقابة من الهيئات المختصة، سواء المحافظة أم وزارة الصحة، ومع التأكيد على صحة «تنظيرات» معظمهم، فإن الشروع ببناء أسواق من هذا النوع بات أمراً من محض الخيال لأن مساحات دمشق الصالحة للاستخدام التجاري آخذة بالتقلص على حين تتزايد المشروعات السياحية الكبيرة وسط المدينة وعلى أطرافها. ولوضع اليد على آليات ترخيص هذه البسطات ومدى خضوعها للرقابة الصحية من قبل محافظة دمشق، توجهنا إلى المكتب الصحفي للمحافظة باعتبار أن الحصول على المعلومات يجب أن يتم عبر هذا المكتب» لنفاجأ برفض المكتب تزويدنا بالمعلومات لأنه «لا يأتمننا عليها» زاعماً بأننا نحرف الحقائق!
«مستنداً في زعمه إلى مقال سابق»، فخرجنا دون معلومة واحدة سوى أن صوت مسؤولة المكتب الصحفي «شديد العلو» على الرغم من وجود خمسة أشخاص في مكتبها، لذلك ندعو المواطنين إلى التوكل على اللـه ومتابعة تعاملهم مع البسطات وبضائعها مطمئنين، لأن الحريص على مستقبل أبنائه لن يسبب الخطر لأبناء الآخرين، والمقصود هنا أصحاب البسطات الذين لولا بسطاتهم الصغيرة لكانوا عاطلين من العمل، ولاضطر الناس إلى الخوض في غمار الأسواق التي لا ترحم أحداً!

وسيم الدهان

المصدر: الوطن السورية

التعليقات

لا اعتقد ان الدرويش الذي يبيع حلوى او منتجات غذائية لا تطابق المقاييس الوطنية للصحة يوجه منتوجه الى طبقة الواعين صحياً و اجتماعياً. فسوقه هم من الناس الأكثر بساطة و الذين من التقشف بحيث لا تعاف نفوسهم ما يقدمه لهم. عندما تشتري غذائي يمكنك أن تقرأعليه انته منتج وفق المواصفات السورية. و التي بدورها لا يعترف بها بحسب المقاييس الأوروبية الأكثر فاشيستة. كما ترى فإن الدولة تفهم النسبية الأينشتانية و السياق الذي كرس القرآن له نصف آياته. و عليه ربما من الأفضل ان ننظر الى هذا الرجل أو ذاك على أنهم أشد ولاءاً للطبيعة مما تمنحه الهوية السياسية. إنهم مولودون على هذه الأرض و يجب ان يعملوا فيها . هذه هي حيلتهم. إنهم لا يفكرون بوزير أو بمقررات أو بتوصيات. إنهم أبسط و أشد إنسانية : بالمعنى العضوي. هؤلاء يعملون لأن السرقة حرام. و الجريمة حرام. و اعذر تبسيطي للأمور و لكن لا يمكنك أن تمتلك عينين و أن لا تنتبه الى ان معظم توجهات الدولة الحديثة : من الولايات المتحدة الى الصين تتبنى الحلول في الأطراف. فتلاحظ عندنا نمو جمعيات من شتى الأنواع - على اهميتها في السياق الطبيعي- لتعالج /موضعياً/ مرضاً مصدره مركزي: يعالجون البائع في الوقت الذي تتهتك فيه المؤسسات . إنها مؤسسات الدولة التي تضطلع بمهمات وهمية : أقسام دراسات, لجان متابعة, جهاز رقابي, مستشارين قانونيين, مندوبين اقتصاديين, مراقبين فنيين , باحثين, منتدبين, مبعوثين, متعاقدين, من يقرأ الصيغ الوظيفية في سوريا يعتقد ان حكومتنا ستجعل من البينتاغون مكتب شتوي و من الكريملين مكتب صيفي ! إنهم ثلة من المزورين المدَعين . يدرسون هذا, و يدرسون طرق, و يدرسون أسباب, يدرسون أبعاد, يدرسون.... لو أن حيوان درس بهذا المقدار لكان الآن يقرض الشعر عوضاً عن الشعير. و لكن لنا ان نرى كيف ان الدولة رسمت لنفسه حلاً لمشاكلها. فبوابة جنوبية لدمشق نحو المستقبل. و بوابة شمالية الى الجحيم. البوابة الجنوبية مفتوحة على أمل السلام مع اسرائيل. و الشمالية مغلقة على جحيم الوطن. هكذا ترسم شركات العمران مستقبل البلاد. وفق فلسفة تطبيعية بعكس كامل الخطاب السياسي العروبي الوطني السوري. لهذا نقول اننا نمثل و لهذا فإن الدراما السورية هي أحسن ما اخرجته أمتنا الى العالم بعد الإسلام.

هؤلاء الباعة يحلمون بلقمة العيش، ينطبق عليهم المثل الشعبي: ( المنحوس منحوس ولو علّقوا على باب..... مئة فانوس )

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...