(بسطات الأرصفة) بين الازدحام وحاجة أصحابها
ازدادت أعداد البسطات والعربات الصغيرة على أرصفة دمشق ومراكز انطلاق السرافيس في الفترة الأخيرة وبشكل ملحوظ، ولم يعد بإمكان المرء إلا أن يدهش أمام هذه الكثرة المتكاثرة منها، فمن كراجات السومرية إلى البرامكة مروراً بجسر الرئيس وصولاً إلى كراجات القابون، عشرات من عربات بيع «عرانيس الذرة» و«عصير التوت الشامي» وغير ذلك من «سلال الفواكه والخضار»، والصناديق المملوءة بمختلف أنواع «المكسرات».. إلخ.
وعند حديثك مع القائمين على هذه «المحال المتنقلة» فإنكَ غالباً ما تواجه بالتأفف لكونك «في نظرهم» تسعى إلى «تشليحهم» عملهم الوحيد في زمان بات فيه إيجاد عمل ثابت ضرباً من المعجزة، يقول أحد باعة العرانيس «رفض ذكر اسمه»: «لو تعلم كم شقيت لأحصل على مساحة على هذا الرصيف يكفل لي تحصيل بعض العيش» على حين يقول علي «بائع عصير»: «إياكَ أن تكتب عنا بالسوء.. عندي ولدان ولا أريد أن أقصر عليهما بشيء، إذا أزالوا البسطات «بينخرب بيتنا»!».. ويقول بائع خضار «رفض ذكر اسمه»: «أليس وجودنا مريحاً للناس؟ اسألهم!.. إننا نقدم خدمة خمس نجوم وبأسعار منافسة أيضاً».
ونحن مع تعاطفنا الشديد إزاء هذه الظاهرة التي تأخذ شرعيتها لكونها شعبيةً بكل أبعادها، نورد بعض مشاهداتنا وبعض آراء الناس الذين يتعاملون مع هذه البسطات من جهة، وغير المتعاملين من جهة ثانية. تقول أم أحمد «موظفة»: «أحسن ما في هذه البسطات أنها على مقربة من السرفيس، حيث لا يبقى لي بعد انتهاء الدوام الوظيفي سوى أن أشتري ما أريد من الخضار ومستلزمات الطبخ وأحياناً الفواكه، ثم أركب في السرفيس على الفور باتجاه المنزل، وبذلك أوفر الكثير من الوقت إلى جانب توفيري لتعب النزول إلى السوق».. على حين يقول جمال شيباني «رجل كبير بالسن»: «نهرب من سيارات الشارع لنصطدم بعربات الذرة وبسطات الدخان واليانصيب و«رفقاتون»، أين نمشي؟ ألا يكفينا ازدحام الشارع؟!»
ويضيف: «لا أشتري شيئاً من هذه البسطات، ألا ترى كيف يعرضون بضاعتهم دون أغطية تحت كل أنواع التلوث؟ يجب إيقاف هذه البسطات عن العمل لأنها تهدد الصحة العامة».. أما طلاب الجامعات فإن أغلبهم يبدأ الكلام حول ضرورة إيجاد أسواق شعبية منظمة تخضع للرقابة من الهيئات المختصة، سواء المحافظة أم وزارة الصحة، ومع التأكيد على صحة «تنظيرات» معظمهم، فإن الشروع ببناء أسواق من هذا النوع بات أمراً من محض الخيال لأن مساحات دمشق الصالحة للاستخدام التجاري آخذة بالتقلص على حين تتزايد المشروعات السياحية الكبيرة وسط المدينة وعلى أطرافها. ولوضع اليد على آليات ترخيص هذه البسطات ومدى خضوعها للرقابة الصحية من قبل محافظة دمشق، توجهنا إلى المكتب الصحفي للمحافظة باعتبار أن الحصول على المعلومات يجب أن يتم عبر هذا المكتب» لنفاجأ برفض المكتب تزويدنا بالمعلومات لأنه «لا يأتمننا عليها» زاعماً بأننا نحرف الحقائق!
«مستنداً في زعمه إلى مقال سابق»، فخرجنا دون معلومة واحدة سوى أن صوت مسؤولة المكتب الصحفي «شديد العلو» على الرغم من وجود خمسة أشخاص في مكتبها، لذلك ندعو المواطنين إلى التوكل على اللـه ومتابعة تعاملهم مع البسطات وبضائعها مطمئنين، لأن الحريص على مستقبل أبنائه لن يسبب الخطر لأبناء الآخرين، والمقصود هنا أصحاب البسطات الذين لولا بسطاتهم الصغيرة لكانوا عاطلين من العمل، ولاضطر الناس إلى الخوض في غمار الأسواق التي لا ترحم أحداً!
وسيم الدهان
المصدر: الوطن السورية
التعليقات
مسرح الشارع و مسرح المؤسسة
فالج لاتعالج
إضافة تعليق جديد