تصاعد الجدل في أميركا حول التنصت

11-06-2013

تصاعد الجدل في أميركا حول التنصت

يتصاعد الجدل في الولايات المتحدة بشأن حصول «وكالة الأمن القومي» على بيانات الاتصالات الهاتفية لعشرات الملايين من الأميركيين، حيث تبين أنّ الحكومة تجمع سجلات ثلاثة مليارات من المكالمات يوميا لعملاء شركة «فيرايزون» للاتصالات، الأمر الذي فتح النقاش واسعا وسط أعضاء الكونغرس وفي الإعلام حول التوفيق بين حماية الحريات الشخصية ومتطلبات الأمن القومي.امرأة تشارك في تظاهرة مؤيدة لسنودن في الولايات المتحدة أمس كتب عليها «لا لوكالة الأمن القومي. الدولة الأمنية المتشددة» («السفير»)
وكانت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية وصحيفة «الغارديان» البريطانية قد كشفتا الأسبوع الماضي أن «فيرايزون» ملزمة «يومياً» بتقديم أرقام طرفي أي مكالمة هاتفية ومدتها وموعدها، دون أن يشمل ذلك محتوى المكالمة، إلى «وكالة الأمن القومي». وكشفت الصحيفتان أيضاً أن أجهزة الاستخبارات تتجسس على تسع شركات رئيسية للإنترنت لمراقبة غير الأميركيين المقيمين في الخارج، لكن ما يقلق الأميركيين هو ما يحصل داخل الولايات المتحدة.
وفي هذا السياق، تنهال الانتقادات على إدارة الرئيس الأميركي باراك اوباما من منظمات الدفاع عن الحريات العامة ومن عدد من المشرعين الديموقراطيين والجمهوريين الذين يقولون إنهم لم يكونوا على علم بما يجري. ولم تفلح مساعي الرئيس باراك اوباما لطمأنة الأميركيين بالقول إن «لا أحد يتنصت على اتصالاتكم الهاتفية»، كما لم يُهدئ من العاصفة تشديده على أن برنامج المراقبة يحمي البلاد من «الهجمات الإرهابية».
في الواقع إنّ ملف التنصت ليس جديدا إذ ان الحكومة الأميركية تجمع سجلات المكالمات الهاتفية من شركات الاتصالات الأميركية منذ هجمات 11 أيلول لتراقب مشتبهاً فيهم في التخطيط لـ«عمليات إرهابية». ولا يسمح البرنامج للحكومة بالتنصت على محتوى مكالمات معينة إلا بأخذ موافقة قانونية. في المقابل، فإنّ المنتقدين يرون في البرنامج، الذي تم توسيعه خلال ولاية اوباما، تعدياً على الحريات الخاصة وتطفلاً غير مقبول من قبل الحكومة.
وتأتي الانتقادات الحادة من قبل الجمهوريين خاصة، ذلك أنهم غالبا ما ينتقدون ما يعتبرونه دورا كبيرا للحكومة في حياة الأميركيين. وعلى رغم تأكيد البيت الأبيض أن الكونغرس كان على علم بالأمر، يبدو أن الأعضاء غير المشاركين في لجان الأمن القومي في مجلس النواب أو في مجلس الشيوخ تفاجأوا مثل باقي الأميركيين. وأعلن السيناتور الجمهوري راند بول، أمس الأول، انه سيرفع دعوى ضد الحكومة، داعيا الأميركيين إلى الانضمام إليه، موضحا عبر محطة «فوكس نيوز» أن ما يجري «غزو استثنائي للخصوصية».
من جانبهم، يقول المدافعون عن برنامج المراقبة إنه سمح، على سبيل المثال، الكشف عن هوية الأخوين تسارناييف اللذين قاما بـ«تفجيرات إرهابية» في مدينة بوسطن في شهر نيسان الماضي. غير أن المنتقدين يردون بأنه لو لم تكن «وكالة الأمن القومي» منهمكة بالكميات الهائلة من المعلومات التي تجمعها، لربما كانت ركزت على «الإرهابيين» وكشفت المخطط قبل أن يقوما بالتفجيرات.
وفي وقت يدور الجدل حول الموضوع، تسعى الحكومة الأميركية لاسترداد مسرب المعلومات السرية ادوارد سنودن الذي كشف عن هويته، أمس الأول، قائلا إنه انتقل إلى فندق في هونغ كونغ منذ أن سلم المعلومات إلى الصحيفتين. وسنودن هو خبير معلوماتية يبلغ من العمر 29 عاما، وكان موظفا سابقا لدى وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية «سي. آي. ايه.» ويعمل منذ أربع سنوات لدى شركة متعاقدة مع «وكالة الأمن القومي» الأميركية.
وفي فيديو عرضته «الغارديان» على صفحتها الالكترونية، أوضح أنه كان يعلم بالمخاطر التي سيواجهها لكن هدفه كان إعلام الشعب الأميركي بما يجري ليقرر بنفسه ما إذا كان ذلك مقبولا. وأضاف في المقابلة «أنتم تحت المراقبة والتسجيل حتى لو لم تقوموا بشيء خاطئ».
وتابع قائلاً إنّ «هدفي الوحيد هو إطلاع الناس على ما يرتكب باسمهم وفي حقهم»، مضيفا للصحيفة ان «وكالة الأمن القومي تكذب باستمرار أمام الكونغرس حول نطاق المراقبة في الولايات المتحدة».
ولن تكون عملية استرداد سنودن سهلة برغم أن الولايات المتحدة وقعت معاهدة أمنية مع هونغ كونغ في العـــام 1997 لتسليم المطلوبين. وفي الواقـــع، إن بمقدور بكين طلب إيقــــاف عملية التسليم بموجب فقرة في المعاهدة تسمح لها بذلـــك إن كان ثمة تأثير على «المصلحـــة العامة الأساســـية أو الســـياسة» الصينية.
وحتى لو استطاعت الولايات المتحدة تسلم سنودن من هونغ كونغ، فإن محاكمته لن تكون سهلة، ذلك أن الكثيرين في الولايات المتحدة يعتبرونه بطلا. وفي سياق الدفاع عن سنودن، تساءل دانيال السبيرغ، الذي سرّب «أوراق البنتاغون» وهي الوثائق السرية المتعلقة بحرب فيتنام قبل 42 عاما، في مقابلة مع محطة «سي. أن. أن.» الأميركية «هل الكشف عن جريمة هو جريمة؟»، معتبراً أن سنودن «أظهر شجاعة من النوع الذي تنتظره من الناس في ساحة المعركة».

رنا الفيل

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...