تل أبيب تعترف: إخراج الأسلحة الكيميائية كان مخططاً إسرائيلياً
بغض النظر عمّن يقف وراء أصل اقتراح إخراج الاسلحة الكيميائية من سوريا، كمخرج لتجنّب سوريا ضربة عسكرية أميركية، المؤكد أن منطلق هذا المطلب وهدفه الاساسي كانا يصبّان في الدرجة الاولى في المصلحة الاستراتيجية الاسرائيلية. وكونه مطلباً إسرائيلياً بامتياز، لا يحتاج الى إقرار أو كشف من مسؤول إسرائيلي، وخاصة أن الجهة التي تملك هذه القدرات، سوريا، تصنف وفق الرؤية الامنية الاسرائيلية ضمن قائمة التهديدات الاستراتيجية المحدقة بالامن القومي الاسرائيلي.
ووفق المعايير نفسها، تأتي أيضاً عملية استنزاف الجيش السوري والمقاومة التي تلبّي مطلباً استراتيجياً إسرائيلياً، وخاصة أن الاخيران يخوضان مواجهة دفاعية تستهدف وجودهما وعناصر قوتهما التي استطاعت أن تفرض معادلات إقليمية أدت الى إحداث تغيير جذري في البيئة الاستراتيجية المحيطة بالدولة العبرية، قبل انطلاق الاحداث الامنية في الساحة السورية.
مع ذلك، ينبغي القول إن إخراج الاسلحة الكيميائية من سوريا كان ضمن صفقة أشمل تهدف الى تجنيب سوريا مواجهة عسكرية مباشرة مع الولايات المتحدة في الوقت الذي كانت وما زالت تخوض مواجهة عسكرية واسعة على أراضيها مع الجماعات المسلحة. وكان يمكن للمواجهة مع الجيش الاميركي، وفق الرؤية السورية، أن تؤثر بشكل سلبي جداً في مسار المواجهات الداخلية في غير مصلحة الجيش السوري والنظام. ويبدو أن النظام في حينه وافق على التنازل عن هذه القدرات، تفادياً لتهديد رأى أنه أسوأ وخارج أولوياته في المرحلة الحالية التي كانت تتطلب التركيز على مواجهة الخطر الذي يتفاقم من الساحة السورية وعبرها.
الى ذلك، ذكرت صحيفة «هآرتس»، استناداً الى صحيفة «نيويورك تايمز»، أن وزير الطاقة يوفال شطاينتس هو من وقف قبل عامين وراء الاتفاق الروسي ــ الاميركي، لتجريد النظام السوري من الاسلحة الكيميائية. وبحسب الصحيفة، ورد هذا المضمون في كتاب للسفير الاسرائيلي السابق في واشنطن، وعضو الكنيست، مايكل أورن.
وأكد شطاينتس، الذي كان يتولى في حينه وزير الشؤون الاستخبارية، هذا الكلام في مقابلة معه، لافتاً الى أنه ورئيس الحكومة بنيامين نتنياهو «لم يكشفا (في حينه) عن دورهما في الاتفاق، خشية أن يُقال إنه فكرة ومؤامرة إسرائيليتين، ويحول ذلك دون تحقيقه على أرض الواقع». وهكذا يؤكد شطاينتس، ضمنياً، أن إخراج الاسلحة الكيميائية من سوريا كان مخططاً إسرائيلياً بامتياز، بقيت خلاله تل أبيب بعيدة عن الواجهة حتى لا تؤثر سلباً في فرص تحقيقه.
أما عن كيفية بدء هذا المسار، فقد أوضح شطاينتس أن «الاتصالات الدبلوماسية بدأت بالصدفة»، موضحاً ذلك بالقول إنه «بعد مقابلة إذاعية ذكر فيها أن إسرائيل لديها أدلة على أن نظام الاسد مسؤول عن الهجمات الكيميائية التي نفذت عام 2013، طلب دبلوماسي روسي لقاءه، وطلب منه الاطلاع على المعلومات الاستخبارية في هذا الشأن». لكن إسرائيل رفضت ذلك، وطرحت كبديل من عرض هذه المعلومات فكرة الاتفاق»! ويضيف شطاينتس أنه «بعد أيام بدأ الأميركيون والروس بدفع الاتفاق، ونحن جلسنا جانباً».
علي حيدر
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد