تونس: إجراءات حكومية لامتصاص النقمة الشعبية
نفذت قوى الأمن التونسية حملة اعتقالات واسعة في محافظتي الكاف والقصرين، كانت حصيلتها أكثر من 63 معتقلا من المتورطين في جرائم إرهابية. واتخذت خلية الأزمة التي أعلنت عنها رئاسة الوزراء مجموعة من القرارات الصارمة لمواجهة الإرهابيين بعد العملية التي راح ضحيتها 15 جندياً و23 جريحاً.
قرارات الخلية وحملة الاعتقالات جاءت لامتصاص الغضب الشعبي المتنامي ضد الحكومة والمجلس الوطني التأسيسي والرئيس المؤقت المنصف المرزقي الذي يتعرض لحملة انتقاد واسعة عبر بعض وسائل الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي. وبلغت هذه الانتقادات حد اتهامه بالعمالة لقطر، إذ وجه الصحافي الصافي سعيد اتهاماً مباشراً لمرزوقي بخدمة الأجندة القطرية في استهدافها للجزائر من أجل التحكم في أسعار الغاز في السوق العالمية. كما اتهم الرئيس المؤقت أيضاً بالتحالف مع الإرهابيين الذين استقبل مجموعات منهم، حين فتح قصر قرطاج الرئاسي لشيوخ السلفية التكفيرية.
من جهته، اعتبر النقابي الأمني الصحبي الجويني أن هناك تقصيراً في التعامل مع المعلومات الإستخباراتية من قبل وزارة الدفاع وهو ما أدى إلى استشهاد الجنود. وأكد الجويني أن وزارة الداخلية مخترقة من السلفيين وأن عدداً من أعضاء المجلس الوطني التأسيسي هم «واجهة للإرهاب».
وهو ما يدفعهم إلى تعطيل صدور قانون مكافحة الإرهاب. كما اتهم الجويني أيضاً قيادات في حركة «النهضة» بالتورط في الإرهاب.
واختارت خلية الأزمة الرد على الغضب الشعبي عبر إعلان غلق كل المساجد الخارجة عن سيطرة الدولة، إلى حين تعيين أئمة لها وسيطرة الدولة عليها. بالإضافة إلى اعتقال نحو 16 عنصراً سلفياً من الذين ثبت «احتفالهم» باغتيال الجنود في جبل الشعانبي، كما قررت الخلية اقفال العديد من المواقع على شبكة الانترنت وبعض القنوات الإذاعية والتلفزيونية.
في السياق نفسه، تمت إحالة الصحبي الجويني على القضاء العسكري بسبب ما قدمه من معطيات اعتبرت «مسَّاً بشرف الجيش والأمن». الجويني سيمثل اليوم أمام تفقدية وزارة الداخلية، ليرد على ما نسب إليه من اتهامات في انتظار المحاكمة العسكرية.
«الضرب بيد من حديد» الذي تقوم به الحكومة، جاء في ظرف دقيق أصبح فيه الإرهاب يشق الشارع التونسي. في هذا السياق، قررت الخلية إحالة عدد آخر من النقابيين الأمنيين على مجالس الشرف في وزارة الداخلية، ربما كمقدمة لعزلهم.
وفيما تؤكد وزارة الداخلية أن بعض النقابيين لهم خلفيات سياسية، اعتبر عدد من هؤلاء الذين يتمتعون بشهرة واسعة في الشارع التونسي مثل الصحبي الجويني والحبيب الراشدي وعماد الحاج خليفة وعصام الدردوري ووليد زروق وغيرهم أنهم مستهدفون من بقايا الترويكا في وزارة الداخلية، لكونهم كشفوا أسرار جهاز الأمن الموازي الذي أسسته حركة «النهضة».
ولم يقتصر هذا التجاذب على وزارتي الداخلية والدفاع اللتين كانتا حتى وقت قريب خطاً أحمر يُمنع المساس به، بل وصلت أيضاً إلى الحركة النقابية، حيث تتعرض قيادة الاتحاد العام التونسي للشغل إلى حملة لم تعرفها طيلة تاريخ الاتحاد.
وتعود هذه الحملة إلى مشاركة الاتحاد، السبت الفائت، في مسيرة مشتركة مع الأحزاب السياسية، من بينها حركة «النهضة»، للتنديد بالإرهاب. ورأى أنصار الاتحاد، وأغلبهم من اليساريين، مشاركة الاتحاد في المسيرة مع النهضة هو «خيانة لدماء الشهداء وللنقابيين الذين عانوا من اعتداءات انصار حركة النهضة» حين هاجم هؤلاء مقرات الاتحاد واعتدوا على مناضليه بالعنف عام ٢٠١٢.
التظاهرة فشلت بعدما قاطعها أغلب أنصار الاتحاد نتيجة حال الفشل والاحتقان الذي يعيشه الشارع التونسي، حيث يرى عدد من القوى الديموقراطية في تونس في حركة «النهضة» وحزب «المؤتمر من أجل الجمهورية» حليفاً مؤقتاً للإرهاب والإرهابيين.
نور الدين بالطيب
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد