حسب دراسة خاصة: 5 مليارات ل.س «رشاوى» لمخالفات البناء
رغم صدور العديد من القوانين والمراسيم المتعلقة بقمع المخالفات والتشدد في قمعها فإنها مستمرة وكأن شيئاً لم يكن، حتى بات الأمر لا يشمل المخالفات القائمة في مناطق السكن العشوائي فحسب بل إن هناك مخالفات تشيد في مناطق السكن النظامي، الأمر الذي يحول تلك المناطق من مناطق سكن نظامي إلى عشوائيات.
وأكدت دراسة خاصة أن وتيرة المخالفات في المناطق العشوائية حتى في المناطق المنظمة لم تتوقف بعد صدور المرسوم 40 لعام 2012 بل على العكس تماما فقد ازدادت بشكل مخيف في ظل صمت مطبق من قبل البلديات والمكاتب الفنية في تلك البلديات نتيجة الرشاوى التي يتم دفعها من قبل المخالفين لهؤلاء المكاتب والبلديات ومن خلال غياب الرقابة الفعلية على هذه المناطق من قبل الجهات المختصة.
وأكدت الدراسة التي أعدها الباحث في الاقتصاد العقاري الدكتور عمار يوسف أن ما يقارب 100ألف مخالفة بناء في دمشق وريفها قد أنجزت بعد صدور المرسوم لم يتم معالجة أكثر من 20% فيها والمعالجة لم تكن بالإزالة في أحيان كثيرة بالتسوية.
وتنوه الدراسة لاعتماد أغلبية المخالفين على تسريبات من الجهات المختصة أن مرسوما جديدا للعفو قد يصدر قريبا ما يؤدي إلى تسارع وتيرة هذه المخالفات.
وعلى صعيد انتشار العشوائيات بكثافة وتزايدها خلال الفترة السابقة وبحساب تقديري فقد بلغ حجم الفساد فيما يتعلق بالبلديات والمكاتب الفنية إلى ما يقارب 5 مليارات ليرة سورية على صعيد مختلف المحافظات، وهذه المبالغ يتقاضاها رؤساء البلديات والمكاتب الفنية وموظفو البلديات في مختلف المحافظات للسكوت عن تلك المخالفات وفي أحيان كثيرة للمشاركة مع المخالفين في إيجارها على قاعدة «محل إلك.. محل إلي» أو «غرفة إلك.. غرفة إلي»
وقسّم الباحث العقاري المخالفات لعدة تصنيفات شملت أبنية المؤسسة العامة للإسكان الخاصة، وفيها النموذج الطابقي من البيتون المسلح المصبوب بالمكان ومخالفاته تكون دائماً في الوجائب أو في تفريغ الأقبية، والأبنية المسبقة الصنع ومخالفاته، إضافة لإزالة جدران مسبقة الصنع، والأبراج ومخالفاتها في الوجائب حيث تم إشادة أسواق تجارية كاملة دون رقيب، كما شملت مخالفات الجمعيات التعاونية وتكون غالباً في الوجائب وتفريغ الأقبية، إضافة لأبنية القطاع الخاص وهي وفق نوعين الأول يرتبط بالفيلات والأبنية الطابقية.
وبحسب يوسف تتضمن مخالفات الفيلات زيادة في عدد الطوابق من الأعلى وزيادة عدد الطوابق السفلية من خلال زيادة الأقبية ومخالفة في الوجائب وتجاوز الحد الممنوح من المؤسسة العامة للإسكان والاستيلاء على الأملاك العامة ومخالفة الجملة الإنشائية الممنوحة بموجب الترخيص أصولاً، إضافة لصدور قرار بمنح قبو إضافي في حال وجود ميل للأرض للرقعة الممنوحة من قبل المؤسسة العامة للإسكان يزيد على ستة أمتار على أن تكون جهة المدخل المقرر في الإسكان من جهة الميل الأدنى وهو غير موجود في أي بناء طابقي أو فيلا في الضاحية، علما أن أغلب المقاسم قد حصلت على هذا القبو الإضافي مخالفاً للشروط الممنوحة من محافظة ريف دمشق أضافت إلى وجود قبو إضافي في الأنواع المذكورة أعلاه لا يوجد فيها ميل أصلاً، وعن مخالفات الأبنية الطابقية فهي مشابهة لحد كبير لمخالفات نظام الفيلات.
واعتبر الباحث العقاري أن من يقوم بوضع عدة قرميدات jتم إزالتها من قبل الجهات المختصة خلال ساعات معدودة، أما من يقوم ببناء ما يزيد على العشرة محال في وجيبته فهو مغفور الذنب، وإن تم قمع المخالفة فسيكون ذلك بالاتفاق مع صاحبها حيث يتم إزالة جزء بسيط من المخالفة ليقوم المخالف بإعادة بنائها في اليوم التالي مع التسوية الخاصة بها.
وقد اتخذ في الدراسة منطقة ضاحية قدسيا السكنية كنموذج لمنطقة منظمة جرى فيها ما جرى فكيف بالمناطق العشوائية والتي تتضاعف فيها الأرقام، حيث أنشئت لتكون مثالاً جميلاً للمدن العمرانية الحديثة التي تتوافر فيها كل مناحي الحياة لتحقيق الرفاهية للمواطن، ولكن بعد عدة سنوات من إنشائها تحولت تلك المدينة إلى البؤرة الأكبر في المدن السورية للمخالفات والتجاوزات الإنشائية ضاربة عرض الحائط بكافة القوانين والأنظمة.
ولفت الباحث لمخالفات أشيدت بعد صدور المرسوم 40 تحت سمع وبصر الجهات المختصة بقمع هذه المخالفات، مشيراً إلى انه تتم تسوية المخالفات لدى الجهة الإدارية في ضاحية قدسيا وفق معايير وضوابط ليس لها مثيل في أي دولة من دول العالم، مشيرا إلى أنه تتم تسوية المخالفة المشادة بعد صدور المرسوم رقم 40 لعام 2012 وتتم تسوية أي مخالفة بمجرد تقديم صور عن أوراق غير نظامية، ولا يتم اعتماد أي ضبط قديم أو صورة عن الخرائط الجوية أو أي إثبات ذي قيمة.
وأضاف أنه لا تزال حتى الآن تلك المخالفات مستمرة وخاصة البناء في الوجائب حيث بات فيه لا يوجد محل تجاري مشيد في وجيبة غير قابل للتسوية وبالعكس تماماً، حيث هنالك مجموعة من الأشخاص تقوم بشراء الوجائب دون شراء الشقة وبالاتفاق مع المالك لتشييد مجموعة من المحلات التجارية ما رفع سعر الشقة الأرضية إلى ما يقارب 3 أضعاف للشقة غير الأرضية بحيث يمكن تشييد المخالفة فيها، ذاكراً أن سعر بعض الشقق الأرضية يصل لـ17 مليون ليرة حسب مساحة الحديثة وقربها من السوق.
واعتبر الباحث العقاري أن المطلوب من الحكومة الجديدة تضافر الجهود بين الوزارات المختصة كوزارتي الإدارة المحلية الإسكان والمحافظين لإيجاد سياسة فعلية وحقيقية لمعالجة هذا الموضوع بشفافية والتنبه إلى حجم المشكلة الحقيقية وخاصة أنه بعد صدور المرسوم 40 لم يتم أي تغيير من سياسة المخالفات على صعيد القطر بكامله ولكن ما اختلف فقط هو حجم الرشوة التي أصبحت أضعافاً مضاعفة.
فادي بك الشريف
المصدر: الوطن
إضافة تعليق جديد