حقول نفط الفضاء: التعدين على الكويكبات قريباً

13-01-2016

حقول نفط الفضاء: التعدين على الكويكبات قريباً

بينما تدور الأرض ببطء حول الشمس، يمرّ قربها حوالي 13 ألف كويكب.
هذه الكويكبات المعروفة بـ «الأجسام القريبة من الأرض»، هي أكثر من مجرّد أجرام سماوية. إنَّها كنوز. إذ إنَّ الموارد الكامنة فيها، لديها القدرة على توفير ثروات لا توصف.. هي حقول نفط الفضاء في المستقبل.
قد يتساءل البعض عن مدى واقعيّة تنظيم خطّة تعدين في الفضاء. بيد أنَّ المختصّين في صناعة التعدين على الكويكبات الوليدة، يقولون إنَّ هناك عدداً من المفاهيم الخاطئة في ما يتعلّق بجهودهم.
يشرح كريس لويكي، رئيس شركة تعدين الكويكبات «بلانتري ريسورسز»، وكبير المهندسين فيها: «من الطبيعي أن يساورك الشكّ عندما لا تعرف الكثير عن الموضوع. معظم الناس يقرأ العنوان، ويقدّم افتراضات». ويضيف: «إنّنا فقط نكرّر ما تمّ فعله على مرّ التاريخ، إنَّما في بيئة جديدة».
لقد ساعد النفط خلال القرن العشرين على تشكيل وإعادة تحديد العالم. «المنقِّبون دائماً يذهبون أولاً، وذلك ما حدث عبر التاريخ»، كما يقول تشاد أندرسون، المدير التنفيذي لشركة «سبيس إينجل»، وهي شبكة عالميّة للمستثمرين الأوائل تتيح دخول صناعة الفضاء الخاصة الناشئة.
ويعتقد أولئك المختصون أنَّ التعدين على الكويكبات له القدرة على تشكيل وتحديد القرن الحادي والعشرين.
ويقول ستيف أيزنهارت، النائب الأول لرئيس «سبيس فاونديشن» وهي مؤسسة عالميّة غير ربحيّة تعمل على تعزيز الجهود المتعلقة بشؤون الفضاء: «قد تكون النتائج جذرية بالنسبة إلى الفوائد التي سيجنيها مجال استكشاف الفضاء، وبالنسبة لنا جميعاً على الأرض».
أمَّا الأمر الأول الذي يتعيّن فهمه عن التعدين الفضائي، هو أنَّه لا يتعلّق بتعدين الكويكبات، أو حتى القمر ومن ثم إعادة تلك الموارد إلى الأرض. فقيمتها أقلّ على الأرض، بحسب قول أندرسون. بل إنَّ الأمر يتعلّق بالحفاظ على الموارد في الفضاء، واستخدامها لمواصلة استكشافنا للنظام الشمسي، وغيره.
ولعل أهمّ مورد بالنسبة إلى عمّال مناجم الفضاء المستقبليّين هو المياه. والسبب هو أنَّ السفر إلى الفضاء، وفق المعايير الحاليّة، يعادل القيام برحلة في الطرق عبر أميركا، شرط أن تحمل كل ما تحتاجه من وقود معك - بل وأسوأ من ذلك بكثير.
فتجاوز أول 300 كيلومتر من الأرض، يتطلّب طاقة أكبر من تجاوز الثلاثمئة مليون كيلومتر المقبلة. وبحسب لويكي: «حالما تصل إلى مدار الأرض، فأنت في منتصف الطريق إلى أي مكان في النظام الشمسي».
ولكن إذا تمّ تزويد الصاروخ الفضائي بالوقود من الفضاء أساساً، فيمكن تجاوز تلك المشكلة. عندما تنقسم المياه إلى مكوناتها وهي الهيدروجين والأوكسجين، يكون لدينا اثنان من العناصر الأكثر استخداماً في وقود الصواريخ.
تعتبر الكويكبات ذات أهمية كبيرة، خصوصاً بالنسبة إلى شركة «بلانتري ريسورسز»، ويقول لويكي: «نعلم أنَّ المياه موجودة على الكويكبات، لأنّه تمّ اكتشاف وجودها على النيازك التي سقطت على سطح الأرض. وهي أيضاً لا تحتاج إلى الكثير من الوقود للهبوط عليها. بل إن الرحلة إليها أسهل من الرحلة إلى سطح القمر». وهذه الكويكبات القريبة من الأرض، قد تعمل «كمحطات وقود» خارج العالم.
وبما أنَّ البشر يغامرون خارج مدار الأرض، سيكون الماء ضرورياً لدعم الحياة ولنموّ الغذاء. وحتى يمكن استخدامه لحماية روّاد الفضاء من الإشعاع. ولكن شحنه إلى الفضاء، يكلّف 50 مليون دولار للطنّ الواحد.
الكويكبات تمنحنا أيضاً القدرة على صناعة أدوات في الفضاء. وحول هذا يقول لويكي: «الحديد وفير كما هو النيكل والكوبالت. وباستخدام تكنولوجيا مثل الطباعة ثلاثية الأبعاد، يمكن انتزاع مواد من الكويكبات وطباعة شيء بشكل ثلاثي الأبعاد، لا يتعيّن نهائياً أن يكون على متن الصاروخ».
فمن الممكن صناعة الأدوات والآلات، وحتى مواطن طبيعية خارج الأرض، وهو ما سيقلّل تكاليف الاستكشاف إلى حد أبعد.
والتعدين خارج العالم، لن يكون تماماً كنزهة في الحديقة. ويقول أيزنهارت: «من المؤكّد أنّه سيكون هناك تحديات يتعيّن التغلّب عليها، ولكن ذلك هو تاريخ الفضاء».
وتؤكّد شركة «بلانتري ريسورسز» أنَّها تجني فعلياً أموالاً من التكنولوجيا التي طوّرتها، حتى قبل البدء في استخراج أيّ شيء خارج الأرض.
لدى الشركة قمر واحد في الفضاء حالياً، والقمر التالي الذي سيُطلق، ستكون له القدرة على البحث عن المياه على الكويكبات القريبة من الأرض، عبر استخدام أجهزة استشعار للتصوير بالأشعة تحت الحمراء. وفي غضون ذلك، تتطلّع شركات أخرى إلى استخراج المياه وموارد أخرى على القمر.
ويمكن استخراج أوّل كميّة من المياه من أحد الكويكبات خلال النصف الأول من العام 2020. وذلك سيشكّل بدايةً لحقبة جديدة، تكون البشرية قد انتقلت فيها من كوكب الأرض وأصبح لها وجود في الفضاء إلى الأبد.


 («بي بي سي»)

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...