شكسبير والتراث الحلبي
هناك تشابه في احداث مسرحية الشاعر الانكليزي شكسبير ( وليم: 1564-1616)
ترويض المتمردة التي تعود بجذورها الاولى الى الحكاية الشعبية .ولا سيما الحكاية الشعبية الشامية(الحاج بريم) فقد انتقلت الحكاية الشعبية الى اوروبا مع ما انتقل اليها من العلوم والآداب العربية والاسلامية . وذلك عبر جزر البليار وجزيرة كريت وصقلية والاندلس والفتوحات العثمانية في اوروبا حتى مدينة فيينا .
مسرحية ترويض الشرسة هي للشاعر الانكليزي مارلو الذي لو عاش لكان شكسبير الثاني, وقد طاف مارلو بفرقته المسرحية في الاقاليم الانكليزية الا انها فشلت فتنازل عنها لفرقة ( تشامبر لين) التي يعمل بها شكسبير فأخذها شكسبير واعمل بها فنه, مستفيدا من رأي النقاد والجمهور واخرجها مسرحية ناجحة ولم يعرف ماذا اضاف وماذا غير . وقد مثلت عام 1593م
اما حكاية حاج بريم فهي من بلدة سوسيان شمال حلب ولموضوع الحكاية رواية ثانية من ضاحية دمشق ( الزبداني)..
وفيما يلي مقارنة بين المسرحية والحكاية.
في المسرحية الخاطب بتروشيو عريس غني: يقول لبايتستا والد العروس كيت انا الوارث الوحيد لكل تجارة ابي. وقد نميتها ولم انقصها, واذا طال بي العمر فحياة ابنتك مؤمنة يا سيد بايتستا بما عندي من اراض..
في حكاية حاج بريم, العربي غني وصاحب حسب ونسب وهو ابن ملك . وابن عم العروس وله حق عليها .
التنكر وتبادل الملابس
في المسرحية يقول هو رتنشيو : والآن ارجو من صديقي بتروشيو ان يسدي الي يداً ان يقدمني الى الشيخ بايتستا في ثياب محتشمة على اني معلم يتقن الموسيقا, ليعلم الآنسة بيانكا
في الحكاية يقول ابن الملك للنوري: ما اسمك? يقول النوري: حاج بريم .يقول ابن الملك , انا اعطيك لباسي الذي ألبسه الآن وتعطيني ثيابك.
وتعطيني الدبابة مقابل خمس ليرات ذهبية وانا اسمي منذ الان حاج بريم .
إذلال العروس في المسرحية
سقط جواد كيت وسقطت كيت تحت الجواد. وكان المكان موحلاً وتلطخت هي بالوحل وتركها بترشيو هي والجواد من فوقها .. وكانت هي تتوسل وهي التي لم تتوسل من قبل في حياتها.
في الحكاية (اذلال العروس)
قال حاج بريم لابنه عمه: انا وحيد . انا اريد ان اروح الى امي . تروحين معي?
قالت: انا حبلى والذي ببطني ? قال : كيفك? فقبلت السفر.
اشترى حاج بريم من السوق حماراً اعرج واشترى ملابس بدوية حتى لا يعرف.
وقال لها: ضبّي خفيف الحمل غالي الثمن وبعد سير عدة ايام على الحمار الاعرج قالت:
يا حاج بريم انا لم اعد استطيع المشي.
في المسرحية تتتابع احداث اذلال العروس, ولا سيما بعد مراسم زواج بترشيو عن كيت الشرسة يحرمها من النوم, ويعفسها. حتى ترق له وتلين . فاذا قال لها : اللبن اسود, تقول له: حقاً اسود. وفي الحكاية تجوع العروس. فيطلب منها حاج بريم (وهو اسمه المستعار) ان تطبخ له حريرة. ( من الدقيق والسمن والسكر ) وان تسكبها على البلاطة, وان تلمس الحريرة بيدها وبذلك ينتقم منها.
فقد قالت له عندما جاء لخطبتها: انا لا آخذ ابن عمي( طاطا ابن طاطا. آكل الرمانة من على البساطة لا اريده)
قصة الحمار والثور صاحب الزرع
تعتبر مسرحية ترويض الشرسة من اكثر مسرحيات شكسبير رواجا على المسرح لان موضوعها من الموضوعات الحية على مر الزمن فالمرأة الشرسة والزوج المروض باللين والقسوة بالحيلة والقوة, صورة خلدها الادب الشعبي منذ اقدم العصور . وهي اول قصة من قصص الف ليلة وليلة. في قصة الحمار والثور مع صاحب الزرع .
فقد دخل التاجر على زوجته بعد ما قطع لها ع عيدان التوت وخبأ العيدان داخل الحجرة. وقال لزوجته تعالي داخل الحجرة.. فدخلت معه . ثم انه قفل باب الحجرة ونزل عليها بالضرب الى ان اغمي عليها وقالت له: تعبت ثم انها قبلت يديه ورجليه.
تعدد روايات موضع الحكاية
وهناك ايضا رواية ثانية لحكاية الحاج بريم من ضاحية الزبداني قرب دمشق .
فابن الملك يلبس ثياب شحاذ متنكراً ويسعى يشتري ( دربكة) ويجلس تحت شرفة الاميرة بالقصر وصار يغني وينقر على الدربكة..
وخلاصة القول:
إن تشابه مسرحية شكسبير والحكاية الشعبية السورية لا يمكن ان يكون مصادفة أو من قبل تداعي الافكار وذلك لتعدد روايات الحكاية السورية وسورية باتفاق المؤرخين هي مهد الحضارة العالمية وقد تعددت الاعمال الادبية الاوروبية ذات الطابع السوري مثل سندريلا ومسرحية تاجر البندقية لشكسبير والكوميديا الالهية ذات الاصول العربية في رسالة الغفران للمعري.
إنها رسالة لكتابنا وادبائنا للافادة من هذا المخزون الحضاري والادبي وهذا الكم الهائل من الادب الشعبي في الوطن العربي .
نزار الاسود
المصدر: الثورة
إضافة تعليق جديد