شهر الثقافة اليابانية بدمشق

12-06-2006

شهر الثقافة اليابانية بدمشق

يتجاوز شهر الثقافة اليابانية، الذي تقيمه هذا الشهر السفارة اليابانية بدمشق، فعالياته الفنية ـ المعروضات التقليدية منها أو الأفلام ـ نحو رسالة إنسانية اجتهد اليابانيون في إيصالها منذ خروجهم من الحرب العالمية الثانية .

وبدء مسيرة حياة عالمية مشتركة معيارها السلام، فكان الشهر الثقافي الياباني رسول سلام حمل وجه اليابان الجديد، حقيقته وجوهره، ماضيه وحاضره..عبر التعريف بحرف تقليدية يابانية تجلت فيها براعة الحرفي في صناعة الطائرات الورقية والبلابل اليدوية، ومن خلال مجموعة من أفلام الساموراي وأفلام الأطفال. ‏

الشهر الذي افتتح في الرابع من حزيران في دمشق، ومن المفترض أن ينتقل في وقت لاحق إلى مدينة حلب، ضم معرضاً للطائرات والبلابل اليابانية، بالإضافة إلى مهرجان للفيلم الياباني احتضنها جميعها مسرح كلية الفنون الجميلة وصالتها.
 
‏ أكثر من ألف عام مرت على صناعة الطائرات الورقية في اليابان مرت خلالها بمراحل تطور مذهلة انتقلت عبرها لتصير الأكثر شعبية في اليابان على نحو يعتقد اليوم بوجودها في اليابان بأنواعها المختلفة أكثر من أي بلد آخر في العالم، وأصبح لا بديل عنها في الاحتفالات والمناسبات بل ارتبطت بعدد من المعتقدات الشعبية.. فتحليق الطائرة عاليا جدا فأل حسن، كما أنها تدفع الشر والأذى عن أصحابها وتطرد الأرواح الشريرة عنهم. ورغم ما حملته تكنولوجيا العصر الحديث من ألعاب ووسائل تسلية، إلا أن صناعة الطائرات الورقية كانت تشهد نهضة جديدة في كل مرة على نحو يظهر منها كل عام نماذج جديدة، بأشكال مختلفة ومتنوعة، تعرفنا عليها في معرضها بكلية الفنون، إذ بدت بألوان زاهية ومتعددة مزينة برسومات وصور لمحاربين ولوجوه إنسانية وأخرى أسطورية ونماذج حيوانية لبعض الحشرات والزواحف..وهي رسومات ارتبطت جميعها بمعتقدات شعبية يابانية. ‏

أكثر من ألف نوع للبلابل في اليابان اليوم، تتعدد أحجامها (من نصف ميللمتر وحتى90 سنتيمتر)، وأشكالها وآلية دورانها بين البسيط العادي والفني المعقد. وتتحدد مواصفات البلبل الجيد بمقدرته على الدوران بالإضافة إلى شكله الفني.. وتقسم البلابل وفقاً لحركتها إلى أربع فئات هي: البلابل المائلة، وبلابل الاحتكاك، وبلابل الرمي، وبلابل الخيطان...فضلاً عن أنواع مثيرة أخرى كالبلابل الطنانة التي تصدر دوياً مع دورانها، والبلابل الخادعة التي توحي بعدم قدرتها على الدوران. ‏

هذه البلابل على تعدد أشكالها تبقى يجمعها، كما ظهرت في المعرض، ألوان زاهية حية، فضلاً عن تزيينات وأشكال ورسومات زخرفية ووجوه، منحتها بعداً جماليا إضافياً. ‏

بالإضافة إلى معرض البلابل والطائرات الورقية يضم الشهر الثقافي عرضاً لثمانية أفلام سينمائية أربعة منها من أفلام الساموراي وأربعة أخرى من أفلام الأطفال، جمعها جميعها خيط واحد هو الصلاة من أجل السلام كما أشار منظمو الشهر. ‏

تعرض الأفلام الأربعة الأولى بطولات رجال الساموراي والشجاعة التي يبدونها وتطرح في الوقت ذاته مسائل وقضايا مهمة ربما تحمل لافتة الموت والقتال، إلا أنها تكشف عن الرغبة بالسلام التي تكمن في قلوب رجال الساموراي، وعن ذاك العذاب الذي ما زال يقض مضاجع أصحاب الضمائر الحية.. الأفلام الأربعة كانت: (الساموراي الأخير)، (بعد المطر)،(سانجورو)،(الساموراي السبعة)..بالإضافة إلى أفلام أربعة موجهة للأطفال هي (قبر اليراعات)،(غاميرا:حارس الكون)،(جن العاري القدم)،(طفل الريح الغامض). ‏

وعلى هامش فعاليات الشهر الثقافي الياباني التقت تشرين السيد كوئيتشي إواساوا الملحق الثقافي في السفارة اليابانية وسألته عن الشهر الثقافي فأجاب بأنه (الأول من نوعه من ناحية الحجم، والمدة الطويلة.. معظم شهر حزيران)، وحول أهمية هذا النشاط الثقافي قال السيد الملحق الثقافي: (الثقافة هي أساس النهضة اليابانية... ولحسن الحظ فإن اليابان بعد الحرب العالمية الثانية وانتهاء الحرب الباردة أصبحت ثالث اقتصاد في العالم وفي الوقت الحالي ينظر إليها بوصفها دولة عصرية مسالمة.. دون أن ننسى أننا انطلقنا من التقاليد إلى الحداثة ، ومن الحرب إلى السلام، ومن الطفولة إلى سن النضج.. وهذه هي السمة الرئيسية في الشخصية اليابانية ونحن نؤكد عليها، وجاء هذا الشهر الثقافي ليؤكد على هذه النقاط الست). ‏

الشهر الثقافي كما يقول السيد إواساوا: (يبرز التقاليد اليابانية المتوارثة بوصفها أساس التطور التكنولوجي ومن دونها لم يكن هناك أي تطور يذكر، ومن خلال معرض البلابل والطائرات الورقية نرى الطائرات الورقية والبلابل وهي جزء بسيط من التقاليد اليابانية ولكن هذه التقاليد والصناعة المتوارثة أدت إلى ازدهار الصناعة والتطور التكنولوجي الياباني.. ‏

من خلال هذا المعرض يمكن للشعب السوري الاطلاع وملاحظة هذه التقاليد.. ومن خلال مشاهدة أفلام الساموراي، رغم أنها تعود إلى ما قبل الحداثة اليابانية، فإنه من خلال الاطلاع على ذهنية الساموراي يمكن التعرف على تلك الفترة والتعرف على أن هؤلاء كانوا يعيشون صراعاً ضمنياً مابين الرغبة في القتال والميل إلى السلام وإحلاله، ومن خلال هذه العقلية تم الوصول إلى السلام وهجران فكرة الحرب..الساموراي باختصار رمز للنضال في وجه الظلم ومكافحته. ‏

أما أفلام الأطفال فقد تعمدنا اختيارها لأننا نعرف أن نصف الشعب السوري هم من هذه الفئة وفي هذه الأفلام نحن نعرض لمحة عن الحرب العالمية الثانية والقنابل الذرية التي ألقيت على اليابان..وبسبب ذلك نحن نتمسك بالسياسة السلمية التي أدت لاحقاً إلى تطور اليابان اقتصادياً..وفي جميع أفلام الساموراي والأطفال توجد نقطة مشتركة هي الصلاة من أجل السلام ومن أجل حب الطفولة). ‏

المصدر: تشرين

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...