قسائم المازوت من السوق السوداء إلى سوق الكازيات

02-12-2008

قسائم المازوت من السوق السوداء إلى سوق الكازيات

يبدو أن الذين اقترحوا وأصروا على إصدار قسائم المازوت والتعامل معها عن طريق البونات كما هي باقي المواد المدعومة لم يوضعوا في بالهم بما ستؤول إليه النتائج ويحدث كل هذا اللغط والقيل والفال او أنهم كانوا يعلمون بكل بواطن الأمور، ومع ذلك نفذوا ما قرروا وذلك لفتح باب أو بالأحرى أبواب (أخرى للفساد والنهب والسرقة).
نقول من هذا ليس من باب الشماتة بل من الحرص على الاقتصاد الوطني فالذي يهون عليه وبكل بساطة شديدة تزوير الهوية الوطنية والرقم الوطني والتلاعب بها حسب مصلحته ولصوصيته يهون عليه بالطبع تزويد تلك القسائم التي اعتمدتها وزارة الداخلية بواسطة الكمبيوتر والطابعات الليزرية ( رغم أن توزيع قسائم المازوت قد بدأ من الشهر الرابع من هذا العام إلا أن الكثير من الأسر السورية المستفيدة من المازوت المدعوم لم تحصل بعد تلك القسائم مع أن إحدى القرارات الاقتصادية التي صدرت بهذا الشأن أكدت أن صلاحية قسائم المازوت ستمتد لنهاية الشعر الرابع من العام القادم فقط.
قسائم السمسرة
فالسيد وزير الداخلية بين عند اتخاذ القرار إن عدد الأسر السورية المستفيدة يقدر بنحو خمسة ملايين ومئة ألف أسرة، وأن وزارة الداخلية قد أنجزت كل ما هو مطلوب منها في هذا الشأن وأنه قد تم اتخاذ تدابير من أجل السهولة والمرونة في عمليات التوزيع بحيث يتم التوزيع وفق الخطة والمدة المحددة، ومع ذلك ورغم كل هذه القرارات فاتنا خلال الأسبوع الفائت أن لن نترك دائرة واحدة من تلك الدوائر التي كانت توزع القسائم ولم نحصل على ربع قسيمة لا بل لم نحصل على حتى أية إجابة وافية لنفاذ القسائم من الأسواق عفواً من الدوائر لنطمئن بها قراءنا الأعزاء وما حصلنا عليه فقط إعلان على كرتونة (مجعلكة) وبخط أشبه بخط أمي لم يكتب كلمة بحياته يقول الإعلان (عفواً لا تسأل عن قسائم المازوت وسنوزعها في وقت آخر) ولكن المصادفة أن جميع الدوائر التي توزع القسائم وبمجرد خروجك من الباب الرئيسي يستوقفك أكثر من شخص يسألونك هل لديك قسائم للبيع؟ أن هذا يؤكد وبالدليل القاطع  تعاون ومشاركة هؤلاء مع الموظفين الذين في الداخل أي أن القسائم فتحت باباً جديداً أو آخر بجماعات السمسرة لبيعها في السوق السوداء مستغلين بذلك حاجة المواطن الذي لا يكفيه راتبه باليوم العاشر من الشهر ولمن لايثق بحديثنا فإن أكثر دائرتين يلتمون حولها هؤلاء السماسرة وبالعشرات فليتجه إلى مدخل وزارة الداخلية،دائرة الشؤون المدنية أو الرصيف الدائري لمحافظة دمشق.
والملف للنظر أن هؤلاء التجار (هذه التسمية بناءً على رغبتهم) لا يبالون بأحد أو بالأحرى لا يخافون من أحد، وهذا أيضاً يترك لنا أكثر من إشارة استفهام بأنهم يعملون لصالح شخص متنفذ لا يهمه أي تسمية  من ذلك فالكثير منهم يبيعون تلك القسائم للكازيات نفسها أي أن تجارة القسائم لم تعد تكتفي على بضعة آلاف بل يضل لبضع ملايين في حال كان هامش الربح لكل دفتر ثلاث ليرات فقط. فهذا يعني أن الربح الصافي للدفتر الواحد من القسائم ثلاثة آلاف ليرة سورية فكم يصل ويبلغ ربح أحدى المحطات التي اشترت دفاتر تعد بالمئات والآلاف.....! أن الذي يربح كل هذه المبالغ لن يسأل عن شرعية القسيمة أو عدمها وهو ليس بحاجة إلى أي اثبات لبائع الدفتر حتى يشتريه فالذي يفيده هو الربح فقط وهذا ما يجري.

ترشيد أو تهريب
الكل يدلو بدلوه بأن هناك احتياطات جيولوجية جيدة من الممكن ازديادها عن طريق الاكتشافات إلا أن كل ذلك لن يفيد إذا لم نستخدم الترشيد لتخفيض  الفاتورة النفطية. وحسب بعض التصريحات الحكومية وخصوصاً وزير النفط فأننا نستهلك 370 ألف برميل يومياً منها 170 ألف برميل مازوت و100 ألف برميل فيول و50 ألف برميل بنزين إضافة إلى 4 مليون طن من الغاز هذا يعني 25 مليار دولار أي استهلاك غير مرشد ولو لم نكن دولة منتجة كان علينا دفع كان علينا دفع هذا المبلغ عداً ونقداً بالكامل.في حين أن الناتج الإجمالي المحلي لا يتجاوز في سورية 40 مليار دولار، وحسب وزير النفط فأن الفاتورة النفطية تعادل 60% من الناتج الإجمالي المحلي إلا أن الانتاج النفطي يسدد حوالي نصف هذه الفاتورة رغم بيع المشتقات النفطية للاستهلاك المحلي بأسعار غير حقيقة وهي تقل بموجبها سنوياً بمبلغ 650 مليار ليرة سورية بينما تباع مشتقات النفط بالدول المجاورة مثل لبنان والأردن بأسعارها الحقيقية.
إن هذا الكلام لم يعد له أي أساس بعد الأزمة المالية العالمية الحالية وذلك لعدة أسباب أولها ان تلك الدول التي كنا نتحجج من خلالها قد خفضت الأسعار مع الانخفاض العالمي لها. وثانيها أن أزمة المازوت ظلت على حالها وخاصة المناطق الباردة التي تصرف بالآلاف الليرات  حتى بعد دخولها الشهر الرابع لطبيعتها الجغرافية هذا الشهر التي أكدت فيه الحكومة عدم كفاية لمادة المازوت، وثالثها وهو الأهم أن تهريب المازوت لم تعد مسألة حدود فقط بل أنه تهرب حتى ضمن الحدود وهذا ما سنثبته فيما بعد.
ورابعاً وأخيراً هو أن تلك الاختناقات التي كانت تحصل في السنوات السابقة مازالت على حالها ومازال أصحاب المحطات يتحججون بقلة الكميات المحولة لهم.
إلا أن التصريح الأخير لوزير النفط السيد سفيان العلاو كان غريباً بعد ان سجلت انخفاضات كبيرة في أسعار النفط العالمي مؤخراً متأثرة بالأزمة المالية العالمية وخاصة بعد أن وصل في يوم الأربعاء 26/11/2008 إلى 59 دولاراً للبرميل هذا التصريح الذي أكد فيه أن احتمال خفض أسعار المازوت جراء انخفاض أسعاره عالمياً أنها لا تنعكس الآن لأن تجارة النفط ترتبط بعقود طويلة الأجل أو متوسطة وبالتالي فتغير الأسعار يحتاج إلى أرض يظهر فيه التغيير والسؤال لماذا خفض دول الجوار ضمن هذه المعادلة. أم أننا نضحك كالعادة على مواطننا وكأنه لا يفهم من هذه المور الاقتصادية شيء وهكذا وبكل بساطة عند الارتفاع نربط انفسنا بالدول المجاورة وعند الانخفاض لا نتعرف عليهم، وبالتالي نترك المواطن السوري يتحمل كل الويلات.

إلى قطنا يا حنتور
وحتى لا نتهم أننا نتحدث في العموميات سنترك الحديث عن المحافظات الكبيرة وسنتحدث عن محافظة ريف دمشق، وبالضبط عن المحطتان الموجودتان في بلدة قطنا باعتبارها تقع في المنطقة القريبة الباردة من جبل الشيخ، فخلال الأسبوع الماضي وبعد متابعة شبه يومية لتلك المحطات لاحظنا الاستخفاف بالمواطنين وعدم بيعهم لمادة المازوت إلا حسب المزاج وبالدفع بزيادة عن السعر المحدد بثلاث أو أربع ليرات على أقل تقدير ودائماً تكون حجة أصحاب تلك الكازيات بأنه لا يوجد سوى الاحتياط وليس بإمكانهم التصرف فيه. (ذلك تحت حجة القانون تارةً وبالتهديد تارةً أخرى وأنهم لا يخافون من أحد وهناك من يسندون بهم ظهورهم رغم الشبوهات الكثيرة التي تحوم حول بعضهم لتاريخهم المشين سابقاً كاللصوص.
وذكر لنا أحد المتعاملين مع المحطتين فضل عدم ذكر اسمه (إن جميع أو معظم الكميات التي ترسل إليهم من شركة المحروقات يتم توزيعها وإعطائها للموزعين ليلاً، وذلك بالاتفاق المسبق بينهم مع أن القانون واضح في هذه النقطة ويمنع بيع الموزعين هذه المادة بعد الساعة السادسة مساءً والسؤال هنا ألا يعتبر هذا تهريباً ةسرقة للمال العام؟ أم أنهم فوق القانون وتحت تصرفهم  المال العام يتلاعبون به متى شاءوا. وأضاف نفس المصدر أن هناك شكوك تحوم حول تهريب المازوت في الجهة الغربية كما حصل سابقاً من عمليات تهريب فالمحطة الوحيدة التي تعمل لصالح الدولة تأخذ كميات كبيرة وأنها أغلقت أكثر من مرة في السنة الماضية وفي إحدى المرات تم إغلاقها أكثر من شهر فالموزعون يتلاعبون بالكميات أما من خلال (الترمبات المضروبة) أو التلاعب  بالعدادات ليتم حسم أكثر من ليتر من كل 100 ليتر وعند أي شكوى لا يتحرك ساكناً من مدراء المناطق والمخافر بعد أن يأخذون نصيبهم.
مواطن يقول: من المعيب أن يطارد المواطن موزع المازوت، قال لي أحد الموزعين بعد أن استطعت الوصول إليه بجهد جهيد: إن أصحاب الكازيات هنا متواطئون مع التموين، وبعضنا يذهب عنوة إلى أقارب المسؤولين والمتنفذين في المدينة.

إن هذه الكازيات بحاجة إلى المزيد من المراقبة ليلاً نهاراً من قبل الجهات المعنية التي تقع على عاتقها مسؤولية كل ما يحصل من اعتداءات أو تهريب على حساب المواطن الذي لم يعد إلى من يتجه ويقدم شكواه في ظل غياب شبه تام للدوريات.
إن من يطالب المواطن بالترشيد والإقلال من الاستهلاك عليه أولاً إيقاف تلك العمليات التي تجري بنحو المئات والآلاف من الليترات وكفانا خياراً وفقوساً في حياتنا.

 

علي نمر
المصدر: بورصات وأسواق

التعليقات

كلنايسلم بأن الفسادلايخلق من عدم وقراءةجدبسيطة لجعلت الحكومةالموقرةتدرك بأن هذاالاسلوب انجع اسلوب لتفريخ الانتهازيين وقناصين الفرص وكأن اعماق حكومتنا الموقرة تسعى لهذاالشيءفعلاولم يتم من قبيل المصادفة أية مصادفة!!مجنون يحكي وعاقل يسمع الوضع المعيشي بعدارتفاع الأسعارالهائل وهذاالدخل الذي تعرض لهزةحقيقيةمابين ليلةوضحاهاأثر الجرعات المتكررة من الأرتفاع جعل الأمراشبه بالكابوس نعم بهذاالمناخ الموتوروالموبوءتم استسصدارالبونات التموينيةللمازوت كمافأةلبعض ضعاف النفوس من مستغلي الحاجةوالضيق المادي الذي وصل اليه مواطننا مكرهالامختاراحين قرربيع نصف احتياجاته من القسائم أواكثر مبررابأنه لايحتاج لأكثرمن ذلك. الأهم من القرارات الحكومية هوالحفاظ عليهابسن القوانين الرادعة التي تكفل حمايةحقوق الجميع من أيدي العابثين وقناصي الفرص وأن يكون القضاء الذي يحاكم منزهاويحاسب الجميع دون هوادة فالبلدالذي قضاؤه بخير لاخوف عليه ودمتم

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...