قصة شعب مع مباريات التأهل إلى كأس العالم.. هي قصته مع العالم

25-06-2008

قصة شعب مع مباريات التأهل إلى كأس العالم.. هي قصته مع العالم

لا مفر من التمعّن في ولع السوريين الهوسي بالرياضة. فهم، كلما أطل كأس العالم بتصفياته التمهيدية، حزموا أمتعة الحلم كافة، وألبسوا خيباتهم حلة الأمنيات مجدداً، وراحوا يوقتون حياتهم على موعد المباريات، ليضربوا موسوريا بالأحمر في الإماراتاعيد ساحرة مع الفرج، عله يأتي ولو خجلاً بعدما أخلف المواعيد  السابقة كلها، من طرف واحد.
السبت ما قبل الفائت، احتشد مشجعو الفريق في ملعب العباسيين، وما زال في النفوس أمل في تحقق المعجزة التاريخية ووصول الفريق إلى كأس العالم. المباراة مع الفريق الإيراني، وهو فريق شقيق حسبما يقول المعلق، مع الانتباه إلى التصنيف الدارج هنا والذي يصنف البلدان إلى قسمين:

الأشقاء وهم العرب فحسب، والأصدقاء وهم كل ما تبقى من بلدان المعمورة.
ملعب العباسيين مزدحم، وعشرات الآلاف يصيحون حماساً. والجمهور الإيراني الشقيق أخذ له مكاناً محدداً على المدرجات، مع ملاحظة أنه أتى برجاله ونسائه، فيما كان الهوى السوري ذكورياً محضاً في الملعب. أما من لم يكونوا في الملعب فلزمهم الرجوع إلى بدائية التلفزيون والبحث المضني عن القناة الأرضية الثانية التي تحل معتلة الصورة. ومع أن أحداثاً كثيرة كانت تنقل على القناتين الفضائية والأرضية، إلا أن ذلك لم يحصل مع المباراة. ولا معيار واضحاً يجعل بث مسلسل للمرة العاشرة أهم من نقل مباراة ينتظرها ملايين السوريين، من دون أدنى مبالغة. ربما هناك منفذ وحيد متوفر للتبرير، فالفضائية هي واجهة البلد على العالم، ومن باب عدم الثقة بالفريق ربما، لم يرد مسؤولو التلفزيون بث خسارته الوطنية لتشوه الصورة المبهجة عن البلد، خصوصاً أنها ستأتي مطعمة برد فعل الجمهور الغاضب.
هتاف وتشجيع وغناء وهدير، خفّضه هدف إيراني في الشوط الثاني. لكن الجمهور استمر يشجع حتى أتى الهدف الثاني الذي قصم ظهره. أما

جمهور التلفزيون فما قصم ظهره أكثر هو صوت المعلق الرياضي السوري الذي بدا يائساً إلى أبعد حد ولدرجة أنه نسي وظيفته كمعلق وراح يندب على مسامع المشاهدين، مع أن هناك أكثر من ربع ساعة باقية على النهاية.
وفي الملعب، كانت الأمور أشد اضطراباً، فالجمهور لا يقنع بالزعل، وهناك طاقة محتقنة باللوم. بدأ الجمهور السوري يشجع الفريق الإيراني،

ويشتم ويشتم. أوقف الحكم المباراة لبرهة، فالجمهور على المدرجات لم يشف غليله وراح يرمي ما تيسر ليده على الملعب. والغريب أن أحداً من اللاعبين السوريين لم يبادر إلى تهدئة الغاضبين، على جري العادة الرياضية. كان واضحاً أن إحباطا شديداً يعصف باللاعبين أيضاً. وبعض

من كان في المدرجات استاء وأخذته الظنون. فلوحات الإعلان في الملعب السوري كانت تعج بالمنتجات الإيرانية، حتى تعذّر رؤية كلمة عربية في أفق النظر. والأمر كان واضحاً على الشاشة لدرجة أن من لا يعلم التفاصيل سيظن أن المباراة تجري في إيران!
وأمام فريق لا يلعب ومحبط، تعتمل الظنون. فلماذا يحصل ذلك في مواجهة الأشقاء الإيرانيين على وجه التحديد؟ هل أعطيناهم المباراة؟
وخسر الفريق. وبقي اللقاء الحاسم مع الإمارات التي يجب الفوز عليها بفارق ثلاثة أهداف ليصبح التأهل إلى الدور الأخير من التصفيات ممكناً،

وفيه يكون المتأهل على مشارف الوصول إلى كأس العالم.
اليأس الرسمي أطبق متجاهلاً وجود فرصة للنجاح. فقبل يوم من المبارة، لم تخصص الصحف السورية، في صفحاتها الرياضية، أكثر من تعليق صغير حول الحدث. وحتى هذا «الخبر»، سقط منه موعد المباراة! وعطفاً على أن السوريين متقدمون على إداراتهم الرسمية، يمكن الإشارة إلى أن أعضاء الاتحاد الرياضي قد خاضوا في نزاعات وسجالات بشأن انتخابات الاتحاد في موعد التصفيات، واستحوا أخيراً وقالوا ما ظنوا أنه يحفظ ماء الوجه: لقد أعلنا هدنة تنتهي بعد مباراة المنتخب مع الامارات.
كما دار سجال طويل خلال التصفيات حول استقدام مدرب أجنبي للفريق، وحول تعنّت المدرب الوطني في منصبه، ورفضه أن يتراجع ليكون

مساعداً. والحل الوسط كان باختيار مدرب وطني آخر أكثر قبولاً من الجمهور وأكثر خبرة. وبه، مضى الفريق إلى الإمارات، وكاد ينتزع

التأهل من الإماراتيين على أرضهم، ففاز عليهم بثلاثة أهداف مقابل واحد أتى من ضربة جزاء.
ما حدث يؤكد أن العطب ليس في الفريق الوطني، ولا في المواطن السوري، بل في الإدارة. والرهان على الروح القتالية، للاعب كما للعسكري، لا يكفي ولا ينفع اعتباره عدة كاملة للانتصار. بل يجب تغذية هذه الروح ورعايتها، وشكر المولى عز وجل ألف مرة على أنها لا تزال موجودة.
الشكر والرعاية قبل أن يقنط الناس، ويبدأوا فعلاً في تشجيع الفريق الخصم!


وسيم إبراهيم
المصدر: السفير

التعليقات

ليس الإيراني شقيقاً و إن كان من عظام الرقبة. من لم يدرك بعد ان العمق الإيراني يمنح سوريا قوة في المناورة السياسية فله ان ينظر الى الحلول السهلة التي تبنتها مصر الى أين أودت الشعب المصري. يبدو ان المذيع ورط نفسه و ورط الإيرانيين بسبب ضيق المفردات بمشاعره. لو كان استعار قول العرب رب شقيق لم تلده أمك. و على ذكر الأم تضرني هنا لغة الأم الحنون التي يتبناها مديري في مؤسسة السينما عندمايتحدث الى الصحافة حتى يخال المستمع أن الحليب ستفجر من صدره في معجزة لم تحدث من أيام سيدة الكنيسة. سبب المقارنة هو أن الرياضة تكشف الأبيض من الأسود - على الأقل هذا ما يبدو- و بالتالي فإنها تضع كامل المؤسسة الرياضية على المحك امام نتيجة لا تقبل التأويل. في حين يتحول مجال الفن الى مستنقع للكذب و الإدعاء و التلفيق و لكن أسوق حادثة صغيرة قد تربط بين الرياضة و الفن: تقدمت بطلب للمديرين التنفيذيين كافة في مؤسسة السينما و حتى المدير العام أقترح عيهم تزويد مدراء التصوير بكاميرات تصوير رقمية لأن انتاج المؤسسة المحدود لا يسمح لمدراء التصوير بأن يغطوا حجم عمل يضمن ارتقاءهم بمهارات المهنة. و ذكرت المدراء أن مؤسسة سكة الحديد تمنح مكتبها الصحفي أضعاف ما يمكن أن تنفقه مؤسستنا المختصة على عدد محدود من خبرائها. و ضربت مثالاً من عالم الرياضة و هو أن البطل الرياضي لا ينام بين البطولات و لكنه يركض و يتدرب كل يوم على مدى السنة او حتى السنين الأربع في حال الأولمبياد من أجا ساعة من النصر هذه الساعة في حالتنا هي فيلم سينمائي. لكن المدراء مجتمعين مع المستشارين لم يجدوا في مطلبي أي جدوى أو رؤية. حتى أن أنهم تجاهلوا طلبات تزويدنا بمقاييس ضوء و هذا ربما لأنهم بعتقدون أنها جهاز نستخدمه للسحر الأسود, فما الذي يعنيه مقياس الضوء لخروف إداري أو لطفل جائع أو لصناعة الفيلم ؟ مهلاً إنه يعني كل شيء لصناعة الفيلم حتى و إن لم يعني شيئاً للمدير و مستشاريه و مدرائه التنفيذيين. ثمة مرض لم يصب الرياضة السورية بعد و هو استيراد الأبطال من أفريقيا و من أوروبا الغربية! و لكن مهلاً لقد فعلناها في مؤسسة السينما! و رغم ان هذا يسوق على أنه دلال الأم لأبنائها المخرجين أن تستقدم مدراء صوت و مدراء تصوير من خارج اليلاد و لكن هذا يمنحنا سؤالاً مشروع و هو لماذا عندها لا نستقدم إدارة غربية تحل مشاكلنا كلها؟ أو مدراء تسويق غربيين أو مدراء إنتاج و مخرجين ؟ لماذا لا نذهب مباشرة الى لوك بيسون و نطلب منه أن يخرج لنا فيلم نفتخر به؟ هل تعرفون لماذا؟ لأننا نتحدث عن صناعة وطنية و ليس عن تجارة و هذا هو مشروع مؤسسة السينما قبل أن يتم حلبها و تلفيق صورتها. برغم ان كل توجيهات الرئيس الراحل و هي ما ثبتها السيد الرئيس اليوم من خلال دعم غير مسبوق للمؤسسات الفنية و من خلال التوجيه الدائم بدعم الخبرات الوطنية و منحها الفرص لتاطور فإني أقول أن مؤسسة السينما لم توفد منا احداً رغم كل التغيرات التي طرأت على الصناعات الفنية المعاصرة! و السبب هو مادي و أناني بحت لأن هذا كله تتكفل الدولة به و لكن لا يستفيد منه المدراء و أبناءهم الذين يتم تسريبهم- كأتاوة- مع كل عقد يوقعه الأباء مع الشركات التي تلتهم كل الدعم المالي الذي يخصصه القصر و الحكومة للمؤسسة و إن كانت الأجهزة لا تتطابق و إن كان من يذهب لفحصها لم يحصل شهادته الثانوية بعد و لكن يستطيع المدير أن يقول بحنان الأم أنه اشترى للمؤسسة أحدث التقنيات مثل أن يشتري محرك 12 اسطوانة و سيارة بيتلز و دواليب لسيارات فورمولا و من ثم يقول لنا تفضلوا اطبخوا هذه التقنية! نعم إنها كلها مطلوبة من الكتالوغ و لكن لا تصلح مع بعضها. هنا يتم الإستغاثة بالخبرات الأجنبية حيث يأتي مدير التصوير الغربي و يقول للمدراء و المخرجين المبهورين بالتقنية إذا سمحتم خذوا هذه الزبالة كلها. و أحضروا الحمار الذكي حتى نستطيع العمل.

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...