كاتيلان يهين الضحايا اليهود في منحوتة «هتلر يصلي»
مرة أخرى يثير الفنان الإيطالي ماوريتسيو كاتيلان «الشغب» وردود الفعل الكثيرة، من جراء عمل جديد له. فكما هو معروف عنه، لا يمر عمل من أعماله مرور الكرام، إذ لا بدّ من أن يجد التعليقات التي لا تحصى، حتى لو تطلب ذلك مخالفة كلّ شيء: مخالفة «السياق» الاجتماعي أو التاريخي أو حتى الأخلاقي (بالنسبة إلى البعض). بيد أن الفنان مستمر في «حريته» القصوى التي لا يحدها حد ولا يتورع عن التذكير بأن العمل الفني هو مجرد عمل حرّ بالدرجة الأولى، مهما اختلفت عليه مسلماتنا «الغبية» في أحيان كثيرة.
آخر النقاشات التي أثارها كاتيلان كانت في بولندا، بسبب تمثال من الشمع يمثل هتلر، وضعه في مدخل «الغيتو» القديم في العاصمة البولندية وارسو، حيث كانت النازية تجمع اليهود خلال الحرب العالمية الثانية. التمثال يمثل «الزعيم» الألماني وهو راكع على الأرض كأنه يصلي، وقد تمّ عرضه منذ شهر في «الغيتو»، لكنه منذ أن وضع لم يترك أحد غير مبال به، وبخاصة المنظمات اليهودية التي عبرت عن تعجبها و«صدمتها» بالأمر.
التمثال، الذي أطلق عليه اسم (Him) لفت أنظار الكثيرين من الزوار منذ أن وضع، كما كان موضوع نقد كبير من قبل بعض المنظمات اليهودية، وفق ما أعلنته صحيفة «الغارديان». كذلك عبر «مركز سيمون ويزنتال» عن سخطه لهذا الأمر معتبرا أن عمل الفنان ليس سوى «تحريض بدون معنى يهين ذكرى الضـحايا اليهود من قبل النازيين». إذ «بالنسبة إلى اليهود، كانت صلاة هتلر الوحيدة تتمثل في أن يختفوا (اليهود) بأسرهم من على وجه البسيطة»، وفق ما أعلنه مدير «افراييم زوروف».
التمثال الراكع، تم وضعه في ساحة، ولا يستطيع الجمهور رؤيته إلا من خلال ظهره فقط، وذلك عبر ثقب في باب خشبي. ومع أن الفنان الإيطالي لم يحدد موضوع صلاة هتلر، إلا أن صحيفة «الغارديان»، قالت من جهتها ـ نقلا عن منظمي العرض ـ إن «هدف العمل هذا أن يجعل الجمهور يفكر في طبيعة الشرّ». وقد صرح فابيو كافالوتشي، مدير مركز الفن المعاصر، الذي كان وراء فكرة هذه التظاهرة، أن «ليس هناك أيّ نيّة عند الفنان أو عند المركز في شتم واحتقار ذاكرة اليهود. إنه عمل (فني) يحاول أن يتحدث عن الشر الذي يتسلسل في كلّ مكان».
وتفيد الصحيفة عينها، أن مايكل شولدريخ، كبير حاخامات بولندا، كان استشير لأخذ رأيه بالمـكان الذي سيوضع فيـه التمـثال وهـو لم يبدِ أي اعتراض على ذلك، وبخاصة أن المكان «يثير الكثير من الأسئلة الأخلاقية بسبب جوهره وطبيعته»، بل أجاب شولدريخ بالـقول: «اعتقـدت أن ذلك (وضعه هنا) يمكن أن يمـتلك قيمـة تربوية».
يذكر أن عمل ماوريتسيو كاتيلان هذا يشكل جزءا من عرض استعادي لأعمال الفنان، بعنوان «آمين»، يحاول فيه أن يسبر معنى الحياة والموت والخير والشر، ويعرض حاليا في «مركز الفن المعاصر». وقد سبق لمنحوتة «Him « (التي أبدعها الفنان عام 2001) أن أثارت النقاش في روتردام (متحف بواينماس فان بونينغن) العام 2002، كما أنها عرضت في ميونخ العام 2003، في متحف هاوس در كونست».
يذكر أن شهرة كاتيلان (الذي يقيم حاليا في نيويورك) بدأت العام 1999 حين لفت الأنظار إليه بمنحوتة تمثل البابا يوحنا الثاني وقد وقع أرضا بعد أن حطمه حجر نيزكي. وقد عرضت المنحوتة يومها في فرصوفيا عام 2000 وقد أثارت غضب البولنديين الكاثوليك وحفيظتهم.
ربما يتشارك اليوم يهود بولندا وكاثوليكهم، في «الثورة» على فنان واحد.
إسكندر حبش- السفير
(عن «لوفيغارو»)
إضافة تعليق جديد