كيف يؤثر التغيّر المناخي على غذائنا؟

08-01-2016

كيف يؤثر التغيّر المناخي على غذائنا؟

خلال العام الماضي، حذَّر العلماء من أنَّ ستة مخلوقات قد تنقرض نتيجةً لتغيّر المناخ. فهل يمكن أن يحدث الشيء ذاته للمحاصيل وما نتناوله من غذاء أيضاً؟
 تدرس الباحثة جيل فارانت من جامعة كيب تاون ما إذا كان بإمكانها تصميم محاصيل تستمر لفترات أطول من دون الحاجة إلى الماء، وذلك عبر استخدام جينات من «النباتات المتجدّدة».
«المحصول نفسه لن ينقرض، ففي مكان ما من العالم، سينمو»، كما يقول أندرو جارفيس، أحد الباحثين البارزين في برنامج أمن الزراعة والغذاء، لبحث تأثير تغيّر المناخ.
ويعني ذلك أنَّ علينا أن نغيّر مكان زراعتنا لأنواع معينة من المحاصيل، حيث يتزايد ارتفاع الحرارة في بعض المناطق.
تقول مرغريت والش، عالمة البيئة في مكتب برنامج التغيّر المناخي التابع لوزارة الزراعة الأميركية: «حتى لو كان إنتاج الغذاء لن يتأثّر عموماً، فإنَّ تأمين الغذاء يمكن أن يتأثّر».
بمعنى آخر، حتى لو استمرّ إنتاج وزراعة أنواع معينة من الغذاء في مناطق معينة من العالم، فهذا لا يعني أنَّ الجميع سيحصلون على الكمية نفسها التي يحصلون عليها في الوقت الراهن.
عموماً، ستتأثّر وفرة الكثير من الأغذية سواء من المواد الغذائية الأساسيّة أو كماليات الحياة مثل القهوة والشوكولاتة، بسبب تغيّر المناخ. لكن «ارتفاع الحرارة إلى ما بعد مستوى 30 درجة مئوية، يُعتبر في غاية السوء للمحاصيل»، كما يقول وولفارم شلينكر، الأستاذ المساعد في الشؤون العامة والدوليّة في جامعة كولومبيا.
على سبيل المثال، في الولايات المتحدة، التي هي أكبر منتج في العالم للذرة وفول الصويا، يمكن للمَزارع أن تنتقل إلى الشمال، كما يقول شلينكر.
دراسات أخرى بما فيها عن القمح في الهند وعن الذرة في أفريقيا، توصّلت إلى أنّه إذا تجاوزت درجات الحرارة حداً معيناً، فإنَّ كمّية المحاصيل تبدأ في التراجع. المحاصيل يمكنها التأقلم والانتقال، ولكن إلى حدّ معين.
يقول شلينكر: «العامل المشترك بين جميع الأبحاث هو التوصل إلى أنَّ درجات الحرارة المرتفعة جداً، تؤثّر بصورة جوهريّة على نمو المحاصيل الغذائية، لكن حدود هذا التأثير تتفاوت من محصول إلى آخر. إذا صحّت التنبؤات لنهاية القرن، فإنّني أعتقد أنَّ كثيراً من المناطق الزراعيّة في الولايات المتحدة، ستصاب بأضرار وخسائر كبيرة».
في الظروف الحالية، يتعرّض حوالي أربعة في المئة من الأراضي المزروعة بالمحاصيل في العالم، إلى الجفاف في أيّ سنة من السنوات. لكن بحلول نهاية القرن، يُتوقّع أن تصل النسبة الى 18 في المئة سنوياً.
وقد توصّل جارفيس وزملاؤه إلى أنَّ 18 في المئة من مناطق زراعة البن في وسط أفريقيا والبرازيل، يمكن أن تصبح غير ملائمة بحلول العام 2050، على سبيل المثال. يضيف أنَّ «النوعيّة الفاخرة من الشوكولاتة، ستصبح أقلّ وفرة في المستقبل، وإن رغبت فيها، فعليك أن تدفع ثمناً أعلى للحصول عليها».
هذا يعني أنَّ بعض أنواع الأطعمة ستكلّف من يرغبون بها أسعاراً أعلى. لكن بالنسبة إلى مَن لا يستطيعون دفع أسعار مرتفعة، سيلجأون إلى شطب هذه الأنواع من قائمة غذائهم. يقول شلينكر: «كلّما قلّت المحاصيل، تراجعت وفرتها، وارتفع سعرها».
جارفيس وزملاؤه توصّلوا أيضاً إلى أنّه على مدى السنوات الخمسين الماضية، شهد العالم تزايداً في تساوي معايير الغذاء، فالطعام الذي نتناوله اليوم على مستوى العالم، مشابه بنسبة 36 في المئة أكثر ممّا كان عليه العام 1961.
وبينما تعتبر تلك أخباراً سارة بالنسبة إلى سكّان العالم الفقراء الذين يستهلكون الآن بروتيناً ودهوناً أكثر من السابق، إلّا أنَّ التجانس في ما نتناوله على مستوى العالم والاعتماد الزائد على مجموعة قليلة من المواد الغذائية الأساسيّة، يجعلنا عرضة لتهديدات متعددة مثل الجفاف والمرض وانتشار الحشرات، والتي يتوقع أن تزداد في عدة أماكن حول العالم نتيجة التغيرات المناخيّة.
هناك وسائل لتخفيف كارثة نقص الغذاء العالمي. وعلى نفس خطى الباحثة جيل فارانت في بحثها عن المحاصيل المتجددة، يهدف عدد من الشركات والمنظمات والباحثين، بما في ذلك مؤسسات مثل «غيتس فاونديشن»، و «مونسانتو»، إلى التوصل لمحاصيل مقـــاومة للجفاف ودرجـــات الحرارة عن طريق الهندسة الجينية والاستنبات التقليدي.
وما زال من المبكر الحكم على مدى نجاح هذه المساعي. يقول شلينكر: «العلماء الذين تحدثت إليهم في مونسانتو متفائلون تجاه إمكانية هندسة محاصيل تقاوم الحرارة المرتفعة. من ناحية أخرى، يبدو العلماء الذين تحدثت إليهم في وزارة الزراعة الأميركية أكثر حذراً». ويضيف أنَّ «الهندسة الوراثيّة هي أحد الحلول التي ينبغي أن نواصل تطويرها، لكنها ليست العصا السحرية التي ستحلّ كل المشاكل. الأدلة التي جُمعت في السنوات العشر الأخيرة، تشير إلى أنَّ الهندسة الوراثية لم تحدث تغييراً جذريّاً ثوريّاً في الزراعة».
وإلى أن تؤتي الهندسة الوراثيّة ثمارها، فإنَّ حلولاً أخرى يمكنها المساهمة في التغلب على بعض جوانب المشكلة، بما في ذلك زيادة كمية السماد، واتباع طرق ريّ أفضل، واستخدام الماكينات والآلات التي تنتج المحاصيل بسرعة من حقولها، أو بإقامة صوامع للتخزين تمنع التسوس.

(«بي بي سي»)

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...