لبنان يتعرّى من أجل جاكي
يموتُ اللبنانيون همّاً إن لم يراقبوا حياةَ الناس، على "السوشل ميديا". فبعدما انشغلت مواقع التواصل بتوجّهات السيدة فيروز السياسية، ثم بالتحليلات حول حقيقة زواج نجل مفتي الجمهورية راغب قباني مدنياً، انتقل الحديث في اليومين الماضيين إلى امتحان أخلاق للمتزلّجة جاكي شمعون، ممثلة لبنان في أولمبياد سوتشي. وبعد يومين من السجال حول صور شبه عارية لها التقطت في فاريا (السفير 12/2/2013)، وبعدما طلبت شمعون التوقّف عن نشر صورها، ابتكر المستخدمون صيغةً جديدة للتضامن معها: التعرّي. فعلى موقع "تويتر"، انتشر وسم "تعرّ من أجل جاكي"، حيث نشر المغرّدون خلال الساعات الماضية، صوراً لهم شبه عراة، مع تعليقات تتضامن مع البطلة الأولمبيّة.
بدأت المبادرة بنشر سيريل رعيدي صورة له شبه عارٍ، مرفقةً بوسم "تعرّ من أجل جاكي". وتوالت ردود الفعل على تلك الصورة، فنشرت باتي بدورها صورةً لها عارية، تغطيّها ورقة رسَمَت عليها نهدين، معلّقةً: "أفضّل دعم العراة على أن أُقتل في تفجير". وتلقّت باتي تعليقات داعمة، تثني على صورتها الجميلة. كذلك فعلت ريتا، إذ نشرت صورتها مرفقةً بتعليق: "لأنّ لبنان ليس قندهار ولن يكون كذلك يوماً"، لتتلقّى تعليقات داعمة بدورها. ولم يخلُ الوسم من مشاركات الشباب، فنشر بلال صورةً عاريةً له، وكتب معلّقاً: "لأن العريّ جميل ويجب أن لا يكون عيباً"، ليقابل بانتقادات قاسية.
ولم يسلم السياسيون من السخرية في التغريدات الموسومة بـStrip for Jackie، إذ نشر بعضهم صوراً مركّبة لسياسيين عراة، وآخرين يحملون أوراقاً كُتب عليها أيضاً، "تعرّوا من أجل جاكي".
في المقلب الآخر، أعرب عدد من المغرّدين عن سخطهم من "المناظر" التي وجدوا أنفسهم مجبرين على رؤيتها على "تويتر". فيما وصل الوسم إلى الدول العربيّة المجاورة، إذ أثنى بعض المغرّدين العرب على "طريقة تضامن اللبنانيين مع بعضهم البعض". وعلّق أحد المغرّدين: "يا نجيب حقّهم، يا نقلع زيّهم".
وعلى تطبيق "إنستغرام" للصور أيضاً، نشر بعض اللبنانيين صوراً لهم شبه عراة، تحت وسم "تعرّوا من أجل جاكي" نفسه، حيث طغت مشاركات الرجال، على مشاركات النساء.
وصباح أمس، ابتكر ناشطون على "فايسبوك" صفحةً بعنوان "أنا لستُ عارياً"، نشرت صوراً شبه عارية لبعض من شاركوا في جلسة تصوير، وهم يحملون أوراقاً كتب عليها: "نتعرّى من أجل جاكي". حازت الصّفحة على أكثر من 8 آلاف معجب في أقل من 10 ساعات، وتهدف إلى "التعريف الحقيقي بمعنى الإنسان"، كما يقول القيّمون عليها. بدأت الصفحة نشاطها من خلال نشر صور لعشرة عارضي أزياء مع تعليق "أنا لستُ عارياً"، إلى جانب مهنة صاحب الصورة، وصمّمها محمد عبودني. وأعلنت الصفحة أنّ المصوّرين طارق مقدّم وكارل حدّاد، مستعدّان لأخذ صور عارية لمن يرغب بذلك، في مركز الحملة في الدّورة. كما دعت إلى تذكّر منال العاصي ورلى يعقوب، "فهناك نساء يقتلن ويعنّفن ويغتصبن لكنّ الإعلام يوجّه أنظاره إلى رياضيّة موهوبة".
وانضمّت إلى حملة التضامن مع جاكي على "فايسبوك" شركة "ألمازا"، ومكسّرات "الرفاعي"، من خلال نشر ملصقات إعلانيّة تلعب على الكلام. على صفحة شركة البيرة، نشرت صورة لزجاجة من المشروب مرميّة فوق الثلج، نزعت عنها ورقة التغليف، وكتب بجانبها: "ما تطلعوني من تيابي". من جهتها، نشرت ماركة المكسّرات صورة لحبّة فستق مغطّاة بورقة كتب فوقها وسم: "تعرّ من أجل جاكي".
لكنّ مساء أمس لم يكن كصباحه، إذ انشغل اللبنانيون على مواقع التواصل بملفّ تفكيك سيّارتين مفخّختين، والحكم على جان عاصي بالسجن شهرين (راجع المقال أعلاه)، لكنّ سيرة جاكي لم تمح كلياً. ومن يدري، قد يعود وسم "التعرّي من أجل جاكي" إلى الواجهة مجدداً، في حال اتخاذ اللجنة الأولمبيّة اللبنانيّة قراراً بفصل شمعون بعد انتهاء الألعاب الأولمبيّة. في كلّ الحالات، سيجد اللبنانيّون دائماً ما ينشغلون به عن الفساد والعنف وغياب الأمن.
دجى داوود
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد