ما هو سر رواج المسلسلات التركية المدبلجة سورياً؟

18-06-2008

ما هو سر رواج المسلسلات التركية المدبلجة سورياً؟

مع انتشار الدراما التركية المدبلجة إلى العربية، تحديداً باللهجة السورية، وحصدها متابعة جماهيرية سورية كبيرة، فرض السؤال نفسه: هل تشكل هذه الدراما الوافدة إلينا، تهديداً للدراما العربية، لاسيما المصرية والسورية منها؟ لميس ويحي من المسلسل التركي «سنوات الضياع».
في تفسير نجاح الأعمال التركية اتفق الكثيرون ممن سألناهم على أن ذلك يرجع إلى «المساحة الهائلة من المشاعر الإنسانية التي لامست قلوب المشاهدين»، وذهب البعض للحديث عن «إتقان في صنعة أحسن فيها الأتراك الشغل الدرامي». لكن هذا التفسير لا يبدو كافيا إلا حين يضيف الى ذلك نجاح الممثلين السوريين بنقل إحساس الممثلين الأتراك من خلال لهجة «الدوبلاج»؛ التي هي المحكية السورية. أي اللهجة ذاتها التي قدمت الدراما السورية الناجحة نفسها من خلالها. ولعل في هذا التفسير ما يصلح لانطلاقة أكثر واقعية لمحاولة تحليل ظاهرة الرواج الجماهيري الذي لاقته الدراما التركية.
يدرك المتابع الدقيق للدراما العربية، السورية على وجه الخصوص، ولما قدمته الدراما التركية المدبلجة أن تقاطعات كبيرة في الموضوع والتكنيك الإخراجي بين دراما البلدين. فلا جديد حملته الدرامية التركية أكثر من وجوه الممثلين. أما الحديث عن «مساحة هائلة من المشاعر الإنسانية» حملتها الدراما التركية، فهو يثير الاستغراب حين نستذكر اللون الدرامي الذي طغى منذ سنتين واستمر حتى الآن، اي «دراما الحب». فقد تابعنا بشغف اعمالا مثل مسلسل «أهل الغرام» و«ندى الأيام»، و«سيرة الحب» و«اسأل روحك»، «هذا العالم» وفي هذا العام «نبتدي منين الحكاية».
وبعيداً عن الحب بوصفه سيد الاعمال الفنية الجماهيرية خصوصا، ماذا لو استحضرنا مسلسلات سورية مثل «على طول الأيام»، «أحلام كبيرة» و«عصي الدمع» للمخرج حاتم علي و«نساء صغيرات» ، «رسائل الحب والحرب» لباسل الخطيب، و«الانتظار» لليث حجو... وغيرها الكثير، ألم تحمل جميعها «مساحة هائلة من المشاعر الإنسانية»!
ماذا نقول عن موجة «أفلام الشباب المصرية» ؟ ألم تكن سينما نظيفة لا تنطق على اختلافها إلا بـ«مساحة هائلة من المشاعر الإنسانية»...؟
ببساطة ما من موضوع طرحته الأعمال التركية التي شاهدناها حتى الآن، إلا وعالجته الدراما السورية والمصرية. حتى عالم رجال الأعمال والمافيا، فما الجديد إذاً ؟!
في التكنيك الاخراجي، اشتهر السوريون بدراما تقترب بصرياً من مستوى السينما. في حين كانت الدراما المصرية أقرب إلى إذاعة مرئية. كلتاهما عملتا داخل الاستديو وخارجه. وفي الحالتين كان ثمة تكامل درامي عربي يجعل من تلقينا للدراما التركية، حدثاً عادياً، لا يحمل أي ملامح إخراجية تستدعي التوقف عندها. ولعله من المفيد التذكير أن التقطيع بين مشاهد المسلسل بمشاهد من حركة الحياة اليومية الذي اعتمده المخرج التركي (إذا كان هذا هو اللافت في المسلسل التركي)، هو الأسلوب ذاته الذي اعتمده المخرج حاتم علي في أعماله السابقة «أحلام كبيرة»، و«عصي الدمع»، و«على طول الايام». وهو أسلوب تابعناه من قبل في مسلسلات غربية. فما الجديد الإخراجي في «الصنعة التي أحسنها الأتراك» ويسوقها البعض في تفسير النجاح الدرامي التركي؟.الجواب: ما من جديد في الأعمال الدرامية التركية، وبالتالي لابد من البحث في سر رواجها بعيداً عن مقارنتها بالأعمال الدرامية العربية.
ظاهريا يبدو أن نجاح الأعمال التركية تم تحميله لنجاح الدراما السورية، فتشابه البيئتين ومظاهرهما الاجتماعية عموماً، واللهجة السورية المحكية، كل ذلك جعل من الأعمال التركية... سورية بامتياز!
وبعيداً عن هذا السبب الظاهري، فنحن بحاجة في تحليل سبب النجاح التركي لمحللين نفسيين لدراسة شخصية المشاهد العربي واتجاهاته واختياراته، لا لنقاد فنيين يشرحون الأعمال الدرامية. لنتذكر في هذا السياق أن ما من أحد استطاع أن يفسر سر الرواج الذي لاقاه المسلسل المكسيكي «كاساندرا» في التسعينيات. ولنتذكر أن عملاً فنياً مثل «باب الحارة» ينطوي على العشرات من المآخذ الفكرية والفنية، حصد أكبر قاعدة جماهيرية في العام الماضي!
باختصار، للمشاهد العربي فيما يختار متابعته بشغف... شؤون، لا يدركها سوى خالقه

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...