ملتقى تياترو الموسيقي: من فضلكم ارفعوا الكراسي

06-09-2007

ملتقى تياترو الموسيقي: من فضلكم ارفعوا الكراسي

أرجوكم ارفعوا الكراسي»! يأتي الصوت من المكبرات بعد أن ضاق المكان بالجالسين. أتى كأنه حلّ ارتجالي، لكنه صار شرطاً على الجميع التقيّد به. إنه يوم الخميس، ومنذ أسبوعين لم يعد كغيره من الأيام. صار يوماً بديلاً، منذ أن أصبحت أمسيته ملاذاً للفرق الموسيقية الشابة كي تقدم أعمالها، والتي اصطلحوا على تسميتها لاحقاً، بـ «الموسيقى البديلة» (تيمّناً بالفرق التي ظهرت في أوروبا بداية التسعينات، وأطلقت عليها تسمية «ألترنتيف»). هذا الطقس الأسبوعي تحتضنه خشبة ملتقى «تياترو» المسرحي، الذي ينتظر بهوه (بيت شامي قديم) حضور حوالى 400 شخص، وقوفاً بالطبع. يسعى منظمو هذه التظاهرة إلى أن تكون تقليداً مكرساً. أما بالنسبة إلى الفرق المشاركة، فحفلة الخميس هي بمثابة «الرمد»، على حدّ تعبير أنس عبد المؤمن الذي وقفت فرقته «أنس أند فريندز» على مسرح «تياترو» الأسبوع الماضي. أما «العمى»، في رأيه، فهو الحال الذي كانت عليه الفرق الشابة سابقاً. ويشرح أن «فرصة حضور حفلات كهذه كانت ضئيلة لأن فرصة وجودها ضئيلة في الأساس». ويبدي أنس تفاؤله بظاهرة «حفلات الخميس» لأنها تشكل «مناسبة أسبوعية لتقديم موسيقى محترمة، هي فرصة للجمهور والفرق معاً». وتأتي أهمية الموقع الذي بات يحتله مسرح «تياترو» بالنسبة إلى الفرق الشابة، من صعوبة توفير مكان رديف لهم. ويوضح أنس أن «المسارح عندنا محدودة جداً، الخاصة منها غير مــوجودة، وكلــها تعود إلى جــهات حــكومية وإقامــة حفلة عليها يحتاج موافقات غاية في الصــعوبة، خصــوصاً أننا لســنا مــشهورين أو مــألوفين مقارنة بما تقدمه تلك المسارح».

إحياء حفلات الفرق الشابة يأتي «من ضمن بحث «تياترو» عن مشاريع تحمل قيمة فنية»، كما توضح صاحبته الممثلة السورية مي اسكاف. وتشير إلى أن هذه الفرق تستحق أن يكون لها نافذة دائمة تطل عبرها على جمهور يبحث عنها وينتظرها، بعد «سنوات من عملها ضمن خطط عشوائية لا تسهم في جعلها تشكل حالة فنية». وترى اسكاف أنه من الظلم أن تبقى فرق على مستوى احترافي عال، غالبية أعضائها من خريجي المعهد العالي للموسيقى في دمشق، تنتظر مهرجانات تقام مرّة في السنة، أو تعوّل على سفرها في مشاركات خارجية.

إذاً هناك فرق تجهد لتجد «منبراً» تقف عليه، وتعلن عن شخصيتها، وفي المقابل هناك مكان يبحث عن دعم مشاريع فنية جديّة، تحمل همّاً وقيمة. ومن هذا الالتقاء ولدت أمسيات الخميس. طبعاً احتاج ذلك إلى برمجة وخطة واضحة قدّمتها اسكاف، كما تقول، إلى وزارة الإعلام التي وافقت عليها ورعت حفلاتها الأولى. وستتوقف الحفلات خلال شهر رمضان، لتعود بعده، في هذا الوقت سيبحث المنظمون عن جهات ترعى بــرنامج الحــفلات. وإلى جــانب حــفلتين قــدمــتهما «كــلنا سوى» و»انس آند فريندز»، ستقام حفلة أسبوعياً لفرق «إطــار شمــع» و إنسانيتي» و «جين» و «DNA» و «مرمر» و بي فلات» و «نارازات» و «مزاييك»، إضافة إلى حفلتين للينا شماميان وديما أورشو.

ويعتقد المنظمون أن هذا النشاط سيشجع الموسيقيين الشباب، المعروفين منهم أو من يعملون في الظل، على تطوير مشاريعهم، والبحث عن جديد يقدمونه للجمهور، بعد أن صار «تياترو» منبراً في متناول تجاربهم، بل يبحث عنها.

في البداية تنساق مي اسكاف لاستخدام مصطلح «الموسيقى البديلة»، لدى حديثها عن الفرق الشابة وما تقدمه. لا تناقش حول التسمية، لكن عندما تُسأل عنها تقول أنها سمعتها للتو. يستفزّها الحديث عن أفق تطور هذه الموجة، إذا صح التعبير، لتسأل إن كان هناك أفق لنهوض «مسرح بديل»؟. لدى هذه الممثلة قناعة تكرّرها مرات ، ومفادها أن «المؤسسات الرسمية أثبتت بنفسها أنها غير قادرة على دعم أي حالة فنية أو ثقافية، وبالتالي تشكيل ظاهرة منها، سواء في المسرح أم غيره». لذلك تقدم مسرحها على أنه «خشبة وتجربة تستوعب أي حراك ثقافي عملاني». وتؤكد على الكلمة الأخيرة في مقابل التنظير، وتدعو كل من لديه مشروع للعمل عليه بنفسه، لأن «المؤسسات لا توجد ظاهرة فنية ذات قيمة، بل من يوجدها هو مزاج الأشخاص، وينحصر دور المؤسسات في تقديم الدعم»، مشيرة إلى ضرورة نهوض مسارح مثل «تياترو»، ومؤسسات بديلة من تلك الرسمية.

بالنسبة إلى أنس، هناك اختلاف في رؤيته مستقبل «الموسيقى البديلة» وفرقها. يدرك هذا الشاب أن مشاريعهم لا تحمل جاذبية للمؤسسات الداعمة أو الراعية، ويرى أن الدعم هو «مسؤولية المؤسسات الحكومية، التي من وظيفتها دعم الحالة الثقافية، فنحن نمثّل جيلاً فتياً يحتاج إلى التعبير عن نفسه». ويستطرد معتبراً أن مكاناً لا يستوعب أكثر من 400 شخص، لن يحقق جمهوراً واسعاً للفرق الشابة، بل سيبقى بمثابة «الرمد».

وسيم إبراهيم

المصدر: الحياة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...