ورثة إحسان عبد القدوس يوقفون مسلسلاً عن حياته
لا يمكن الحديث عن الأديب والصحافي المصري إحسان عبد القدوس من دون أن نذكر أن تسعاً وأربعين رواية من رواياته تحولت إلى أفلام سينمائية، وأن خمسة منها تحولت إلى مسرحيات، في حين أن تسع روايات أخذت طريقها إلى آذان المستمعين عبر مسلسلات اذاعية، فضلا عن عشر روايات أصبحت من أشهر المسلسلات التليفزيونية على الشاشة الصغيرة.
الأكيد ان عبد القدوس قيمة فنية وادبية تشكل مادة شيقة لأي عمل تلفزيوني، ووسط التوجه إلى تنفيذ مسلسلات عن شخصيات فنية وسياسية طبعت القرن الماضي، يصبح من الطبيعي يكون عبد القدوس من أكثر الشخصيات إغراء في هذا المجال، خصوصاً ان حياته تحفل بالكثير من المفارقات والأحداث، أبرزها الخلاف مع الزعيم الراحل جمال عبد الناصر.
هكذا، وبعد ان بدا ان الفكرة دخلت في طور التنفيذ، على خلفية تعاقد مدينة الإنتاج الإعلامي مع الدكتورة أميرة أبو الفتوح على كتابة مسلسل عن قصة حياته بعنوان «عاشق الحرية»، وبعد ان تقاضت أبو الفتوح سبعين في المئة من أجر كتابة العمل، أعلن ورثة عبد القدوس رفضهم التام لهذا العمل، ما وضع المدينة في مأزق: إذ أن عدم انتاج المسلسل يعني خسارة مالية محققة، كما ان انتاج المسلسل من دون موافقة الورثة يعني دخول العمل في نفق مظلم، لانهم يملكون حق إيقاف تصويره قضائياً.
في اتصال مع «السفير» لمعرفة حقيقة التعقيدات المحيطة بالعمل، أكدت مؤلفة العمل أميرة ابوالفتوح أنها تعاقدت مع مدينة الانتاج عام 2005 بعد ان أخذ السيناريو الموافقات اللازمة من لجان القراءة واللجان الرقابية، مع إشادة من الناقدة ماجدة موريس بمستواه الفني، معربة عن تفاجئها باعتراض الورثة.
واعتبرت أبو الفتوح ان المشكلة تتلخص بأنها كتبت هذا المسلسل نقلا عن كتاب عن الشخصية نفسها بعنوان «احسان عبدالقدوس يتذكر»، وهو «الكتاب الذي كتبته في حياة إحسان عبد القدوس ولدي موافقات كتابية حررها بخط يده، وبالتالي لا يوجد ما يدعو لاعتراض الورثة، أما بالنسبة إلى الجانب الفني للعمل، فهناك لجان مختصة قامت بتقييمه فنياً». علماً ان أبو الفتوح ترفض تدخّل الورثة في الجانب الفني، معتبرة أنها قاعدة متبعة لدى العديد من المخرجين، مستشهدة بموقف مخرجة مسلسل «ام كلثـوم» المماثل في هذا الإطار.
وتابعت أبو الفتوح معددة ابرز المحاور التي حرصت على معالجتها في المسلسل: «حياة احسان عبد القدوس ثرية جدا بالدراما، والمسلسل يتناول اهم مواقفه ومنها تفجيره قضية الاسلحة الفاسدة في الوقت الذي كان ينشر فيه حلقات «النظارة السوداء»، مشيرة إلى ان «الأبرز في المسلسل هو خلافه مع جمال عبد الناصر ورجال الثورة بعد ان نشر مقالة عنوانها «عودوا الى ثكناتكم واتركوا الدولة المدنية»، وهي المقالة التي تسببت في حبس عبد القدوس ثلاثة اشهر، وغير ذلك من مواقفه السياسية والإنسانية فضلاً عن الجانب الأدبي في حياته».
من جانبه أكد أحمد عبد القدوس لـ«السفير»، وهو نجل الأديب الكبير، ان الاسرة رفضت السيناريو الذي كتبته ابوالفتوح لضعف مستواه، وذلك بناء على آراء متخصصين فنيين محايدين اطلعوا على النص وأبدوا رأيهم الفني فيه، مشيداً في الوقت نفسه بالكتاب الذي كتبته ابو الفتوح عن أبيه وعلق: «لا ننكر موافقة والدنا على الكتاب، لكنه لم يوافق على سيناريو المسلسل، ولو رآه في حياته كان سيرفضه كما رفضناه». وأكد ان العائلة لا تعترض أبداً على المبدأ: «لا نمانع فكرة تنفيذ مسلسل عن والدنا، لكن المهم طريقة التناول والصورة التي سيظهر عليها والتي يجب ان تكون لائقة بعطائه الادبي وسيرته الذاتية»، نافياً ان تكون الأسرة تطالــب بأي حقوق مادية نظير تحويــل قصة حياة والده إلى مسلســل الى مسلسل: «على العكس، لديـنا الاستعداد لدعم العمل بالمعلومات والصور اللازمة بشرط أن يكون النص نفسه قوياً».
أما الطرف الثالث في المعادلة، أي رئيس مدينة الإنتاج الإعلامي سيد حلمي، فقد شرح سبب الأزمة لـ«السفير» بالقول ان هذا العمل تمت الموافقة عليه في عهد عبد الرحمن حافظ الرئيس السابق للمدينة، وكان يجب اخذ موافقة الورثة قبل التعاقد مع المؤلفة، مصنفاً الازمة هذه ضمن «إرث كبير من الأزمات التي بات علي التعاطي معها».
واضاف حلمي: «لا زلنا نتفاوض مع الورثة، لكنهم رافضون لهذا السيناريو، أما مدينة الإنتاج فليس لها موقف ضد المؤلفة، ولو استطاعت الحصول على موافقتهم فسوف ندرج المسلسل فوراً ضمن خطط إنتاجنا».
أما المؤلفة أميرة أبو الفتوح فلها رأي آخر إذ تعتبر انه «على المنتج تولي حل مشاكل الورثة، وهكذا يجب ان تكون الحال، أما المشكلة هنا فإن المدينة تطالبني شخصياً بلعب هذا الدور».
وشددت أبو الفتــوح على ان العقـود التي أبرمتها صحيحة، وانها لن تعيد دفعات أجرها للمدينة، وهي بذلك لا تخالف بنود تعاقدها معهم، مصرة على «ان هذا العمل لن يرى النور إلا من خلالي».
محمد حسن
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد