وزير المالية : لا ننفي وجود بعض التباين ضمن الفريق الاقتصادي
من خلال الممارسة العملية فإنني أنصح نفسي وزملائي في السلطة بأننا لا يمكن أن ننجح كأفراد من دون مؤسساتنا وينبغي أن يكون سعينا للنجاح في إطار مؤسساتنا.. وأن أفضل القرارات هو القرار المؤسساتي.. وأن أفضل رأي هو الرأي الجماعي.. وأن أفضل ممارسة للعمل هي التي تتم في إطار المؤسسة.. وأن نؤمن بأنّ الشعب - وهو مصدر السلطات - هو في الوقت نفسه من يحكم على كفاءة عمل مؤسساتنا، وبالتالي عملنا كأفراد من خلال توجهنا دائماً لحل مشكلاته وتحسين مستوى معيشته..
لا ننفي ضمن الفريق الاقتصادي وجود بعض التباين في وجهات النظر في بعض القضايا المطروحة لكن نقاط الاتفاق واللقاء هي السائدة في المجمل وهي أكبر بكثير من نقاط الاختلاف... والرأي في نهاية الأمر هو رأي المؤسسة..
نؤيد أن تلعب مؤسسات المجتمع الأهلي في سورية دوراً مكملاً لدور الحكومة والقطاع الخاص مع ضرورة أن تتمتع هذه المؤسسات بقدر من الشفافية والاهتمام بكافة أبناء المجتمع وأن تكون أهدافها وطنية..
الخطة الخمسية الحادية عشرة ستركز على مواضيع أساسية منها مسألة البطالة وإيجاد فرص عمل جديدة لشبابنا وتحسين مستوى معيشة المواطن السوري.. أما قطاعياً فستركز على الزراعة والري والبنى التحتية والتعليم والصحة والصناعة، وينبغي أن توضع في ضوء حاجات الاقتصاد الوطني وحياة الشعب السوري والقدرات المتاحة على التنفيذ..
تحقيق أهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ورفع مستوى معيشة المواطن هو هدف نسعى إليه جميعاً، وهو مسؤولية الجميع في الدولة من حكومة وقطاع خاص ومجتمع أهلي، أما مشروع الخطة الخمسية الحادية عشرة فهو قيد الإعداد حالياً، وسيتم خلال أسابيع قليلة قادمة عرض المشروع للمناقشة في مؤسسات الدولة وكذلك على القيادة السياسية.. ومن الطبيعي أن الخطة الخمسية الحادية عشر ستحمل آفاق جديدة وتسعى لتحقيق طموحات وتوقعات أفضل لمواطنينا واقتصادنا الوطني.. مستفيدين من نقاط الضعف والسلبيات التي ظهرت خلال الخطة الخمسية العاشرة، آخذين بالاعتبار أهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية للسنوات الخمس القادمة.
كل هذا وأكثر مما جاء في الحوار التالي مع الدكتور محمد الحسين وزير المالية...
اليوم وبعد مضي نحو سنة ونصف على انطلاقة شرارة الأزمة العالمية.. هل مازلتم عند رأيكم الذي أطلقتموه في بداية الأزمة أن الاقتصاد السوري سيكون أقل تأثراً بالأزمة وأن آثارها ستكون محدودة على الاقتصاد السوري؟
نعم فقد ذكرت بتاريخ 21/9/2008 أن الاقتصاد السوري سيكون أقل تأثراً بالأزمة وذكرنا حينها عدد من الأسباب لتصريحنا هذا، وفي مقدمة هذه الأسباب كان دور الدولة في ممارسة أشكال مختلفة من الرقابة والتحكم في علاقة الاقتصاد السوري بالاقتصاد العالمي.. إضافةً إلى حداثة عهد قطاعنا المصرفي والتأميني الخاص وعدم وجود سوق للأوراق المالية.. وقلنا أيضاً في ذلك الوقت أن بعض القلق ينتابنا من انتشار الأزمة - التي بدأت مالية ثم تحولت إلى اقتصادية - إلى قطاعات الاقتصاد الحقيقي في سورية، وما حصل أن صادراتنا تأثرت سلبياً وكذلك تأثرت تحويلات السوريين المغتربين والاستثمار الأجنبي المباشر، وكان ذلك في أواخر عام 2008 وبدايات عام 2009.. ولكنني أستطيع التأكيد اليوم أن الاقتصاد السوري تجاوز حتى هذه التأثيرات وهي بكل الأحوال كانت محدودة.. وأسهم في ذلك ما اتخذته الحكومة السورية بتوجيهات من السيد الرئيس بشار الأسد من سياسات وإجراءات اقتصادية ومالية ضريبية ومصرفية.. واليوم بدأ الاقتصاد السوري يأخذ طريقه من جديد لتسجيل معدلات نمو أفضل..
في المؤتمر القطري الأخير طُرحت منهجية اقتصاد السوق الاجتماعي وأنتم صرحتم منذ فترة وجيزة في لقاء إعلامي مع صحيفة البعث أنكم «عقلتموه» وتحديداً قلتم: «اقتصاد السوق الاجتماعي عقلناه».. المواطن السوري ذكي بالفطرة ولكنه لا يقرأ، وبالتالي لقد أُفهم هذا المواطن بطريقة ما أن منهجية هذا الاقتصاد تعني الخصخصة ونهاية القطاع العام؟
إن ما قصدناه هو أن إضافة كلمة «الاجتماعي» إلى مصطلح اقتصاد السوق كان مقصوداً ومدروساً.. ونحن في حزب البعث العربي الاشتراكي درسنا ذلك في مؤتمر الحزب الذي عُقد في حزيران عام 2005، وأصدر المؤتمر قراراً بذلك، وفي ذلك المؤتمر تم إقرار عدد من التوصيات المتصلة بذلك.. إذاً فإن كلمة «الاجتماعي» التي أضافها المؤتمر وقيادة الحزب إلى اقتصاد السوق كان القصد منها أن الجانب الاجتماعي في التنمية لا يقل أهمية عن الجانب الاقتصادي.. وأننا نهتم بتحقيق العدالة الاجتماعية والرعاية الاجتماعية والتمسك بحقوق الشرائح الأقل دخلاً في مجتمعنا بنفس قدر اهتمامنا بتحقيق معدلات عالية في النمو الاقتصادي والتنمية.. باختصار فقد وضعنا الاجتماعي جنباً إلى جنب مع الاقتصادي، أما عن موضوع خصخصة القطاع العام فلم يناقشها مؤتمر الحزب لأنها لم تكن مطروحة أصلاً، وهي ليست واردة فنحن متمسكون بقطاعنا العام وتوفير أسباب النجاح له.
أنتم تشغلون مراكز حساسة عدة: عضو قيادة قطرية، عضو قيادة الجبهة الوطنية التقدمية كرئيس للمكتب الاقتصادي فيها، وزير مالية.. هل مسؤولياتكم هذه تفيد في توجيه القرار المالي لخدمة مصالح المواطن مباشرة؟
إنه لشرف كبير لي أن أحظى بثقة السيد الرئيس بأن أحمل هذه المسؤوليات، وأتمنى أن أكون وُفقت في حملها، وعن ميزة الجمع بين المهام السياسية من جهة والمهام التنفيذية من جهة ثانية في الوقت نفسه فإن لذلك مزايا وإيجابيات من أهمها أنني أستطيع أن أحمل بأمانة رأي القيادة السياسية «القيادة القطرية وقيادة الجبهة» إلى العمل التنفيذي المكلف به وأتبناها كما أنني أستطيع أن أضع القيادة السياسية في صورة ما نقوم به في اللجنة الاقتصادية أو العمل الاقتصادي الحكومي وخاصةً المالي منه وهو كما تعلمون مهم جداً للقيادة والوطن والمواطن.. وأؤكد أنني لست القناة الوحيدة لذلك، فالسيد رئيس مجلس الوزراء هو في الوقت عينه عضو في القيادة القطرية وفي قيادة الجبهة.. والسيد وزير الدفاع هو أيضاً عضو في القيادة القطرية.. إضافةً إلى ما نقدمه كحكومة من تقارير دورية ومشروعات بعض القوانين ومشروعات الخطط والبرامج للقيادة السياسية.. وبهذه المناسبة فإنني أود التأكيد على أننا نعمل في إطار مؤسسات متكاملة وليست أطرافاً.. فالقيادة السياسية لها عملها المعروف والحكومة لها عملها المحدد في الدستور والقوانين النافذة.. والمهم أننا كمسؤولين نتمسك بانتمائنا إلى مؤسساتنا.. ومن خلال الممارسة العملية فإنني أنصح نفسي وزملائي في السلطة بأننا لا يمكن أن ننجح كأفراد من دون مؤسساتنا وينبغي أن يكون سعينا للنجاح في إطار مؤسساتنا.. وأن أفضل القرارات هو القرار المؤسساتي.. وأن أفضل رأي هو الرأي الجماعي.. وأن أفضل ممارسة للعمل هي التي تتم في إطار المؤسسة.. وأن نؤمن بأنّ الشعب - وهو مصدر السلطات - هو في الوقت نفسه من يحكم على كفاءة عمل مؤسساتنا، وبالتالي عملنا كأفراد من خلال توجهنا دائماً لحل مشكلاته وتحسين مستوى معيشته.
طُرح مؤخراً من خلال مؤتمر التنمية موضوع المجتمع المدني أو الأهلي في القطاعات المختلفة ومنها القطاع الاقتصادي، هل لنا بتوضيح كيف يمكن لهذا القطاع أن يساهم في الوضع الاقتصادي علماً أن النائب الاقتصادي أكد أنه سيكون في موقع الوسط بين دور الدولة ودور القطاع الخاص؟
إن تحقيق أهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية ورفع مستوى معيشة مواطنينا هو هدف نسعى إليه جميعاً، وهو مسؤولية الجميع في الدولة من حكومة وقطاع خاص ومجتمع أهلي.. وقد لعب المجتمع الأهلي بمؤسساته المختلفة دوراً مهماً في حياتنا الاقتصادية والاجتماعية ويسجل في معظم دول العالم تنامي دور المجتمع الأهلي في تنمية المجتمعات عن طريق تقديم خدمات تستفيد منها هذه المجتمعات؛ لذلك فنحن نؤيد أن تلعب مؤسسات المجتمع الأهلي في سورية دوراً مكملاً لدور الحكومة والقطاع الخاص مع ضرورة أن تتمتع هذه المؤسسات بقدر من الشفافية والاهتمام بكافة أبناء المجتمع وأن تكون أهدافها وطنية..
الحكومة الآن في طور إنجاز الخطة الخمسية، هل لنا بمعرفة محاورها أو عناوينها الأساسية؟
إن مشروع الخطة الخمسية الحادية عشرة قيد الإعداد حالياً، وسيتم خلال أسابيع قليلة قادمة عرض المشروع للمناقشة في مؤسسات الدولة وكذلك على القيادة السياسية، ومن الطبيعي أن الخطة الخمسية الحادية عشر ستحمل آفاقاً جديدة وتسعى إلى تحقيق طموحات وتوقعات أفضل لمواطنينا ولاقتصادنا الوطني مستفيدين من نقاط الضعف والسلبيات التي ظهرت خلال الخطة الخمسية العاشرة، آخذين بالاعتبار أهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية للسنوات الخمس القادمة... وباعتقادنا فإن الخطة الخمسية الحادية عشرة ستركز على مواضيع أساسية منها مسألة البطالة وإيجاد فرص عمل جديدة لشبابنا وتحسين مستوى معيشة المواطن السوري، أما قطاعياً فستركز على الزراعة والري والبنى التحتية والتعليم والصحة والصناعة.
من ناحية ثانية فإنه لا فائدة من أي خطة اقتصادية ما لم تترافق مع مصادر تمويل كافية لها، ونحن ذكرنا سابقاً ونجدد الآن أن الخطة القادمة ينبغي أن توضع في ضوء حاجات الاقتصاد الوطني وحياة الشعب السوري والقدرات المتاحة على التنفيذ أما موضوع التمويل فإن ذلك سيكون من مسؤولية الحكومة - وعلى وجه الخصوص وزارة المالية - تأمين التمويل اللازم للخطة سواء عبر الموارد المالية المحلية المتاحة أو عن طريق الاقتراض داخلياً من خلال سوق سندات الخزينة وغيرها أو عن طريق الاقتراض خارجياً بشروط ميسّرة.
يُهمس عن وجود خلاف في وجهات النظر بين أطراف الفريق الاقتصادي، ما سر هذه الشائعة؟
أستطيع التأكيد أنه لا خلاف داخل المجموعة الاقتصادية؛ لأن الخلاف معناه أن هناك طرفان مختلفان يتمسك كل منهما بمشروعه مما سيؤدي إلى فشل العمل وضعف النتائج.. وبهذا المعنى فإنني أؤكد أن لا خلاف بين أعضاء المجموعة الاقتصادية.. وهنا نود توضيح أن المجموعة الاقتصادية في الحكومة أو اللجنة الاقتصادية هي مؤسسة منبثقة عن مجلس الوزراء وهي تدرس الموضوعات ضمن اختصاصها وترفع رأيها للسيد رئيس مجلس الوزراء الذي بدوره يحق له الموافقة أو عدم الموافقة على رأي اللجنة الاقتصادية أو قد يحيل رأيها إلى مجلس الوزراء «المؤسسة الأم» للقرار.. إذاً فإن اللجنة الاقتصادية توصي ولا تصبح توصيتها قراراً إلا إذا اقترنت بموافقة السيد رئيس مجلس الوزراء أو مجلس الوزراء.. وأي توصية للجنة الاقتصادية تؤخذ بإجماع أو على الأقل بأغلبية الأعضاء وبالتالي إقرار أي رأي سيكون في إطار رأي المؤسسة... ومن الطبيعي أننا لا ننفي وجود بعض التباين في وجهات النظر في بعض القضايا المطروحة لكن نقاط الاتفاق واللقاء هي السائدة في المجمل وهي أكبر بكثير من نقاط الاختلاف.. والرأي في نهاية الأمر هو رأي المؤسسة.
مفيد كمال الدين
المصدر: الرأي السورية
إضافة تعليق جديد