وليد جنبلاط.. كما يراه نبيل الملحم

11-08-2009

وليد جنبلاط.. كما يراه نبيل الملحم

نبيل الملحم: حسنة وليد جنبلاط، مأخوذة وليست موروثة، والحسنة اياها تأتي من ارادة الاعتذار، وهي حسنة أمريكية، اكثر مما هي آسيوية او اوروبية، أو افريقية، والـ (حسنة)، ستقود لاحقا الى قراءات، بعضها يظن أن وليد ينطلق من دقات قلبه، وأخر يذهب الى الاعتقاد أنها تنبع من حسابات عقله.
عند وليد بيك، ليس من السهل البدء بجملة (في الحقيقة)، فالرجل يحمل فوق أكتافه تاريخا من البدايات الـ (صح)، وتاريخا من النهايات الـ (غلط)، وبالوسع دائما التبادل مابين البدايات والنهايات، لتكون البداية نهاية لبداية جديدة وهكذا.
آخر التبدلات في وليد، موقفا، ومنهجا.. سياسة واستراتيجيا، هو التبدل الطارئ في مواقفه من خصومه (السوريين)، وحلفائه (14) آذار، وهذا التبدل وحده، يمكن القول يقينا أنه تبدل ناتج عن (العقل)، وهو التبدل الوحيد الذي يمكن بداية، الكتابة عنه مبتدئين بجملة (في الحقيقة)، الجملة التي تستأثر بمعظم كتاب اليقين، وهم غالبا من الكتاب المتواضعين لغة، والمتواضعين معرفة، والمتواضعين استخلاصا، والمتواضعين حتى الابتذال في استخلاصات تسبق القراءات
في الحقيقة:
مع ذلك سنبدأ بجملة : " في الحقيقة"، ففي الحقيقة، أن وليد جنبلاط قرأ جيدا متحولات العالم، وقرأ أكثر المتحولات المتصلة بسوريا، وقرأ اكثر واكثر سقف حلفائه من اللبنانيين، وسقف مشروعهم، ولنضع أنفسنا مكانه ونقرأ، بداية من آخر قراءاته ونعني :" سقف حلفائه".

سقف 14 آذار، كان:

خروج الجيش السوري من لبنان.
فتح سفارة سورية فيه.
المحكمة الدولية.
القوات السورية من لبنان، خرجت، وكل الضالعين في البيت السوري، كانوا يعرفون جيدا، أن القوات السورية كانت ستخرج من لبنان، بـ (14) آذار وبدونه، وبثورة (أرز)، أو بدونها، فحجم تكاليف الابقاء على القوات السورية في لبنان، سياسيا وماليا، فاقت كل المراديد الممكنة والمأمولة من الابقاء على هذه القوات، خصوصا وأن الابقاء عليها طيلة الأعوام التي بقيت فيها بلبنان، كانت لهدف جوهري، وهو حماية سوريا من (خاصرتها)، والخاصرة السورية كانت رخوة حين لم يكن للبنان مقاومة، وحين كان لبنان حديقة خلفية مرة للفرنسيين، وثانية للانكليز، وفي الثالثة لجيش لبنان الجنوبي، والطبيعي أن حضور المقاومة بفعلها المواجه لاسرائيل، ازاح عن سوريا عبئ الابقاء على قواتها في لبنان، وخصوصا أن لبنان (الناس)، حمل للمقاومة حصة كبيرة من ناسه تبلغ النصف، (يقينا)، ونصف النصف (احتمالا)، والربع المتبقي لن يقرر مصير بلد بحجم لبنان على المستوى السياسي، وعلى مستوى الجغرافية السياسية.
في الهدف الثاني، فتحت السفارة، والكثير من اللبنانيين يقر بأن علي عبد الكريم من أكثر السفراء لياقة، ولباقة وحضورا، وهو الذي لم يتدخل حتى الساعة بشأن لبناني أسوة بزملائه من السفراء العرب كحال (عبد العزيز الخوجا سابقا والعسيري لاحقا)، أو السفراء الاجانب كما حال (ميشيل سيسون) التي توزع زياراتها كما ابتساماتها على الأفرقاء اللبنانيين بصفتها (كعك عيدهم).
والمحكمة افتتحت، وأخذت سكتها، ولم توجه حتى اللحظة تهمة واحدة الى سوري، بالشراكة أو التخطيط او التنفيذ لاغتيال الرئيس الحريري، بل أضافت أن "سوريا متعاونة مع المحكمة"، وأضافت أن شهود المحكمة من الشهود السابقين:" كذابين".
مجمل الكلام، أن سقف (14) آذار استهلك وأكله بانوه، ولم يعد بالوسع الجلوس تحته، خصوصا بالنسبة لوليد جنبلاط، الذي طالما اختار السقوف العالية، وطالما عجز عن رفع سقف (14) آذار، وهو سقف لم يتبق له أكثر من سقف :" المضاربات العقارية".

المتحول الدولي:
بدأنا من النهاية، نهاية القراءات، ولكن أول القراءات ربما يكون اكثر أولوية وأهمية بالنسبة لوليد بيك، ونعني به، المتحول الدولي، فوليد وقد مشى مسافات طويلة قاطعا الاطلسي نحو البيت الابيض، يعرف جيدا، أن ثمة ماتغير البيت الأبيض، والذي تغير، ليس صعود باراك أوباما وحده، وانما استغراق الليبراليون الجدد في سقوطهم، وعلى كل المستويات:
-على مستوى أزماتهم المالية.
-على مستوى حروب الخارج سواء في العراق، أو في افغانستان، وعلى مستوى أخطاء بات من السهل على الامريكيين وصف جورج دبليو بوش بعدها بـ (الأحمق)، وهي الأخطاء التي كان على ادارة اوباما ردمها، ان لم يكن تجاوزها، وكل المؤشرات تقول بأن باراك أوباما خرج من القميص الامريكي الموروث من الادارات السابقة، باتجاه رداء آخر، يسمح للولايات المتحدة بأن تكون على مقربة من العالم الاسلامي، عوضا من أن تكون تحت نيرانه.. والبداية من سوريا، وهي كذلك لمجموعة أسباب:
موقع سوريا في الجغرافية العربية فهي:" غرب العراق"، وهي:" بمحاذاة اسرائيل"، وهي تاريخ وناس وتاثير.
وكلها عوامل اجتمعت بما لايسمح لأية ادارة امريكية جديدة، بالقفز فوق سوريا في أية ترتيبات مقبلة، سواء منها ترتيبات مابعد الانسحاب من العراق، أو ترتيبات ماقبل السلام العربي – الاسرائيلي.

وليد يفهمها:

وليد جنبلاط فهم ذلك، وفهم معه أن :" لا ادارة أمريكية قادرة على اسقاط النظام"، وأن مجموع المعارضات السورية التي التقاها في الخارج، لاتتجاوز أن تكون :" مهرجون في سيرك بلا جمهور".
وقرأ وليد اللوحة جيدا، وهو رجل لايفارق الكتاب يديه.
وأخيرا ماذا عن الوضع في الداخل اللبناني؟ بل وماذا عن الوضع في داخل هذا الداخل اللبناني؟ أي في الطائفة الدرزية على وجه التحديد؟
الوضع اللبناني ككل، لايتطلب أية أضافات عن المعروف منه، ولكن الوضع في الطائفة الدرزية حصرا، ربما يتطلب شيئا من الايضاح.
اول الايضاحات، أن الدروز، اما أن يكونوا جزءا من البعد العربي والخيار العربي، واما أن يكونوا وبسقفهم الأعلى (فالاشا لفالاشا اسرائيل)، وهذا خيار يتيم، وليس ثمة خيار لاقبله ولا بعده، فاذا كان للسنة بعدا ومسافة تمتد بهم الى الربع الخالي، وان كان للمسيحيين أبعادهم وصولا الى الفاتيكان، واذا كان الشيعة قد أخذوا مشروعيتهم من التاريخ مضافا لمقاومة اسرائيل، فماذا عن دروز لبنان؟
من يعرف حقيقة دروز لبنان، يعرف الى أي مدى لايمكنهم المقايضة مابين وعد الله وسلطان الاطرش، قائد الثورة السورية، وطالما استندوا الى هذا الاسم في تقرير وتبرير الوجود، ومن يعرفهم اكثر يعرف أنهم أضاف اليه سمير القناطر، ومن يحسب لعدد حافظي أشعار سمبح القاسم، يكاد يتأكد من أنهم يستمرون باستمرار بعدهم القومي.

لهذا وعلى وقع هذه  الحسابات تحول وليد جنبلاط
على حسابات العقل حدث التحول، وليس مهما السؤال بعدها عن  ايقاعات القلب.
بالمحصلة .. تحول وليد جنبلاط.

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...