40 في المئة فقط من سكان العالم لديهم إمكانية الاتصال بالإنترنت
في تقريره «العوائد الرقمية 2016» يخلص «البنك الدولي» إلى مجموعة أرقام مهولة لمعدلات استخدام الانترنت في العالم بالتوازي مع تفاوت كبير بين العالمين المتقدم والمتخلف في استثمار هذه التكنولوجيا. تستفيد الدول المتقدمة من عوائد الانترنت ويبقى سكان العوالم الأخرى مجرد مستخدمين يتم استثمارهم، في حين يعيش أكثر من 60 في المئة من العالم بعيداً عن الثورة الرقمية.
يشير التقرير إلى أن نحو 40 في المئة فقط من سكان العالم لديهم إمكانية الاتصال بالإنترنت، مع دخول مستخدمين جدد إلى الشبكة العالمية كل يوم. ومن بين العشرين في المئة الأفقر من الأسر، حوالي 7 أسر من بين كل 10 لديها هاتف محمول. لقد أصبح احتمال امتلاك أشد الأسر فقرًا هاتفا محمولا أكبر من احتمال وجود مراحيض أو مياه شرب لديها، حيث يعيش نحو 1.2 مليار شخص في العالم بلا كهرباء، وهناك ما لا يقل عن 660 مليون شخص لا يحصلون على مياه شرب مأمونة.
إحصاءات «البنك الدولي» تقدر أن عدد من يقومون بعمليات بحث على «غوغل» كل يوم يتجاوز الـ 4 مليارات ، في وقت يفتقر فيه 4 مليار شخص إلى الانترنت. يستعرض التقرير مجموعة من المؤشرات الرقمية في العالم لتوضيح مقدار انتشار الانترنت، ويشير مثلاً إلى أن 2.3 مليار «غيغابايت» من المعلومات ترسل يومياً عبر شبكات الانترنت في العالم، موضحاً ان عمليات الشراء والاستثمارات عبر الانترنت مرتفعة جداً في البلدان المتقدمة، مقارنة بالبلدان الفقيرة.
يشجع البنك الدولي في تقريره على توسيع دائرة استثمار الثورة الرقمية، ويطالب بتخفيض تكاليف الانترنت، التي تتجاوز في بعض البلدان الراتب السنوي للموظف (في افريقيا الوسطى تعرفة الحصول على الانترنت الشهرية تعادل راتب الموظف السنوية مرة ونصفاً). كما يؤكد التقرير أن الانفتاح الرقمي ساهم في ارتفاع معدلات البطالة في العالم خصوصًا في البلدان المتقدمة، حيث ساهمت عمليات الأتمتة في تخفيض عدد العاملين. فعلى سبيل المثال شبكة لم تكن «انستاغرام»، التي اشترتها «فايسبوك» عام 2012 بمليار دولار، تشغل أكثر من 13 شخصاً. وكانت «فايسبوك» تشغل، في ذلك الوقت، 5 آلاف موظف، فيما كانت شركة «كوداك» تشغّل في ذروة نشاطها خلال التسعينيات 145 ألف شخص، على الرغم من أن قيمة «فايسبوك» السوقية تتجاوزها بأضعاف.
من جهة أخرى باتت مواقع التواصل الاجتماعي ساحة للدراسة ومعرفة الميول الاجتماعية. تكفي دراسة مستويات ومعدلات الاعجاب على موقع «فايسبوك» لمعرفة خبايا المجتمع وميوله. لكن ثقافة الخصوصية تختلف بين المجتمعات، ويشير التقرير إلى أن نسبة الثقة في الانترنت مثلاً في نيجيريا والهند تقترب من 60 في المئة من مستخدمي الشبكة، في حين تنخفض إلى نحو 16 في المئة فقط في ألمانيا، و18 في المئة في فرنسا.
وفي وقت يطالب فيه التقرير بمزيد من الانفتاح العالمي وتوسيع دائرة دخول العالم إلى المجال الرقمي للاستفادة من عوائده الاقتصادية والبحثية وحتى الاجتماعية ( 80 في المئة من المعوقين في البلدان المتقدمة استفادوا من الثورة الرقمية ودخلوا في دائرة الانتاج)، يرى التقرير أن مشكلة التضييق الرقمي من قبل الحكومات عن طريق حجب المواقع، أو عدم تأمين البنية التحتية ما زالت الحاجز الأكبر لتحويل العالم بجله إلى عالم رقمي. يوضح تقرير البنك الدولي أن بعض الحكومات تقوم بالتضييق لأسباب سياسية أو دينية، في حين تعمل حكومات أخرى (حتى في البلدان المتقدمة) على ذلك لأسباب أمنية أو حتى اقتصادية ( الولايات المتحدة مثلا تتخذ من الأسباب الأمنية ذريعة لمراقبة الانترنت في حين تعتبر بريطانيا حجب بعض المواقع يساهم في تنمية عمل الشركات المحلية).
لا شك أن الانترنت حَوَّلَ العالم إلى قرية صغيرة، إلا أن تقرير «البنك الدولي» أكد أن هذه القرية ما زالت معزولة عن الواقع إلى حد كبير في ظل عدم انخراط نحو ثلثي العالم فيها. كذلك تبدو القرية الرقمية العالمية أكثر سوداوية من الواقع، وأكثر خطورة منه، وأكثر انقساماً أيضاً بين من يتمتع بمزاياها، ومن يتعرض للاستغلال، فحتى في العالم الافتراضي هناك مجتمعات متطورة تستغل المجتمعات المتخلفة.
علاء حلبي
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد