العدوان الثلاثي 2018: دمشق صامدة
بعد 62 عاماً على العدوان الثلاثي الذي شنته بريطانيا وفرنسا وإسرائيل على «مصر ـــ عبدالناصر»، وفي الذكرى الـ15 لغزو العراق، عاد الغزاة أنفسهم، بقيادة اميركية، ليعتدوا على دمشق التي تحارب وكلاءهم منذ سنوات.
بعد 62 عاماً على العدوان الثلاثي الذي شنته بريطانيا وفرنسا وإسرائيل على «مصر ـــ عبدالناصر»، وفي الذكرى الـ15 لغزو العراق، عاد الغزاة أنفسهم، بقيادة اميركية، ليعتدوا على دمشق التي تحارب وكلاءهم منذ سنوات.
لم يرقَ الاعتداء العسكري الأميركي على سوريا، ليلامس التطلعات الإسرائيلية، وشكّل خيبة أمل مزدوجة للإسرائيليين: خروج الرئيس السوري بشار الأسد ونظامه بصورة المنتصر جرّاء الهجوم الأميركي الذي طالما عمل الإسرائيليون على دفعه قدماً كلّما كان التأييد العسكري والسياسي للأسد من روسيا وإيران يزداد ويتعمّق.
يشكّل القرار الأميركي بالعدوان على سوريا، مبادرة أو امتناعاً، محطة تأسيسية وكاشفة بالنسبة إلى صناع القرار في تل أبيب حول العديد من المسارات التي تتصل بالأمن القومي، بدءاً من مستقبل النفوذ والردع الأميركيين في الساحتين السورية والاقليمية، مروراً بالنتائج والرسائل التي ستحضر لدى أطراف محور المقاومة في سوريا وإيران والمنطقة، ووصولاً إلى المعادلة الروسية الأميركية المتصلة بواقع ومستقبل الساحة السور
بات موقع جمرايا هدفا دائما لأغلب الضربات الجوية ضد سوريا في السنوات الماضية ما يدفع للتساؤل عن طبيعة هذا المكان وأهميته.
فجر اليوم تجدد قصف هذا الموقع، لكن ليس من قبل إسرائيل بل من أقرب حلفائها الغربين (الولايات المتحدة الأمريكية، بريطانيا، فرنسا).
وتقول وزارة الدفاع الروسية إن أغلب الضربات استهدفت مواقع مدمرة أصلا، وإن لم تنسب هذه الصفة إلى موقع جمرايا تحديدا.
التهديدات الإيرانية بالرد على الاعتداءات الإسرائيلية على مطار «T4» العسكري، وجدت صداها في تل أبيب، التي أكدت عبر مصادر عسكرية رفيعة، أمس، أنها تتعامل بجدية مع التهديدات الواردة من إيران، ودفعتها إلى استنفار عسكري وجهوزية استخبارية، على طول الجبهة الشمالية.
تكفي مراجعة خارطة الجمهورية العربية السورية وتوزّع مناطق السيطرة والنفوذ على مختلف مناطقها، حتى يتيقّن المراقب بأن استعادة دمشق سيطرتها على أراضيها تقدمت بطريقة مذهلة خلال العامين الماضيين. في هذه الحال، يمكن فهم حال الذعر التي تسود القوى والدول المعادية لسوريا وحلفائها.
لم يدفع الإعلان الروسي أن طائرات إسرائيلية هي التي أغارت على مطار «التيفور»، تل أبيب إلى الإقرار بمسؤوليتها عن العدوان. لكن، كما جرت العادة، تولى إعلاميون ومسؤولون سابقون المهمة بالحديث عن «إنجاز عسكري جديد».
في وقت يدور فيه ملف «السلام» في دوامة الفراغ، بسبب إصرار رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس على عدم التخلي عن القدس الشرقية كعاصمة للدولة الفلسطينية المنشودة، تتجه الرياض على ما يبدو إلى فصل مسارَي التطبيع و«السلام»، على اعتبار أن الطموح النهائي لابن سلمان لا يقتصر على مجرد تحقيق «السلام»، بل هو متصل بما بعده، وما يترتب عليه من إزالة الصراع العربي ــ الإسرائيلي من قاموس المملكة السياسي، لينفّذ و
تابعت إسرائيل باهتمام وقلق القمة الثلاثية في أنقرة التي جمعت رؤساء إيران وروسيا وتركيا.
أميركتان، وليس أميركا واحدة في سوريا. الأولى عازمة على الانسحاب بوضوح، والثانية متمهلة قبل ساعات بلسان البيت الأبيض، لن تغادر وادي الفرات قبل الانتهاء «من استشارة الحلفاء» وإطلاق رصاصة الرحمة على من بقي من «داعش» الذي يطول احتضاره. المفارقة في هذا الانفصام، أن اعتزام الانسحاب لم يكن لغواً من معهود الكلام الرئاسي في تغريدات تتحول إلى استراتيجيات، وليس لهواً في وقت سوري يضيع شرق الفرات.