قرار حصر عمليات نقل وزرع الكلى بالمشافي الحكومية!!
رغم مرور وقت على صدور القرار الوزاري رقم (5/م.ر) بتاريخ 17/1/2008 القاضي بحصر إجراء العمليات الجراحية لنقل وزراعة الكلى بالمشافي الحكومية المتخصصة المعتمدة من قبل وزارة الصحة
وتكليف وزارة الصحة وضع الضوابط الناظمة لحسن تنفيذ هذا القرار وتجهيز المشافي الحكومية المعتمدة لإجراء هذه العمليات بكافة مستلزماتها بما يلبي حاجة المواطنين.
ثلاثة أشهر وأكثر وما زال الحديث عن القرار العام يؤيد والخاص يعارض وما بين هذا وذاك.. المريض هو الضحية!!
50 مليون ليرة لدواء قصور الكلى...لا يستطيع أكبر مركز إنجاز أكثر من 100 - 125 عملية زرع..
- يقول الدكتور يوسف عبد السلام, عضو الهيئة التدريسية في جامعة دمشق, كلية الفنون الجميلة: أصبت منذ 10 سنوات بقصور كلوي مزمن ما تطلب علاجاً تحفظياً للمحافظة على ما تبقى من وظائف الكلى ولكن منذ ثلاثة أشهر تدهورت حالتي, الأمر الذي استدعى دخولي مشفى الأسدي بالمزة لإجراء غسيل الكلية الصناعية وقد أبلغني طبيبي المعالج بضرورة البحث عن متبرع لإجراء عملية الزرع لأن التأخير في عملية الزرع سيؤدي إلى عواقب وخيمة على صحتي وبالفعل باشرت بالإعلان في الصحافة لإيجاد متبرع ووجدت أحدهم على استعداد للتبرع حيث أجريت له كافة التحاليل والفحوص الطبية اللازمة للتحضير لعملية الزرع إلا أن صدور القرار الوزاري بمنع زراعة الكلية في المشافي الخاصة بدعوى منع الاتجار بالأعضاء البشرية?! وحصر إجراء العمليات على المشافي العامة تسبب في إيقاف كافة الإجراءات للتحضير لعملية الزرع, وقد أبلغني طبيبي المعالج معتذراً أنه لا يستطيع متابعتي في المشافي العامة, إضافة إلى أن مشافي القطاع العام لا تستطيع استيعاب مئات المرضى لعمليات الزرع.
وقد ترتب على القرار الجديد انتقالي إلى مشفى الأسد الجامعي حيث لم تباشر إجراءات الزرع فيه.
الآن أنا متغيب عن وظيفتي التدريسية في الجامعة نتيجة لظروفي المرضية, وإجراءات غسيل الكلية مع إجراء التحاليل الدورية والعلاج بالأدوية والحقن مكلفة اقتصادياً ومرهقة مالياً.
- المريض محمد ابراهيم (24 سنة), تقول والدته:بدأت حالته المرضية منذ خمسة أشهر, وعندما ذهب إلى مشفى ابن النفيس لإجراء عمليات الغسل الضرورية ساءت حالة ابني, إذ ركب الأطباء قثطرة في رقبته ليغسل منها, وعندما لم تعمل ركبت له فخذية وغسل منها أربع غسلات, وتطورت الحالة وصار إجراء العمل الجراحي حلاً ضرورياً لسلامة ولدي, ذهبت إلى مشفى المواساة وقالوا لي: إنه لا يوجد دور لعمل جراحي قبل سبعة أشهر, إضافة إلى أن المتبرع والذي هو ابني الثاني عمره 23 سنة, وبعد إجراء تحاليل مكلفة رفضته اللجنة المخصصة للموافقة على عمليات الزرع بحجة أنه لا يجوز التبرع قبل سن ال 26 سنة.
- لا أستطيع الإعلان بالجرائد عن متبرع لأنه ممنوع قانونياً وابني مرفوض أيضاً طبياً, وهكذا يبقى المريض معلقاً بين الحياة والموت.
حالياً 3 غسلات في القطاع الخاص وبعد كل غسلة ابرة ب 1200 ليرة سورية والتمويل من جمعية خيرية بسبب عدم وجود دور في القطاع العام وتحديداً في مشفى الكلية.
- أم الطفل (لؤي.م) تتقدم بالشكر لكل الجمعيات الخيرية التي تقدم المساعدة والحياة والأمل لهؤلاء المرضى, أمثال ابنها وتؤكد أنه على الرغم من منع الإعلان بالجرائد عن متبرع إلا أن الموضوع يتم سراً وأكثر حالات التبرع من غير الأقارب فيها سمسرة وبيع وشراء ولا يوجد شيء اسمه تبرع بالكلية إلا بين أفراد الأسرة الواحدة.
- د. محمود باظ, اختصاصي في أمراض الكلية والضغط الشرياني: أخذ القطاع الخاص دوره الحقيقي في زرع الكلى اعتباراً من عام 2002 وقد رخص السيد وزير الصحة آنذاك لمشفيين خاصين لهذه الغاية هما مشفى الشامي ومشفى هشام سنان وذلك بعد أن قامت لجنة خاصة بالكشف عليهما وذلك تماشياً مع القرار التنظيمي رقم 73/ت المادة رقم 5 الصادر عن السيد وزير الصحة بتاريخ 7/11/2004 وقد دعم القطاع الخاص القطاع العام وساعد في إنجاز أكثر من 60% من عمليات الزرع الكلوي في سورية وبذلك ألغى موضوع خروج المرضى إلى خارج القطر والتعرض للابتزاز.
وقد أجريت في سورية عام 2007 (335) حالة زرع كلية منها 190 زرع كلية في الخاص و150 في العام, وقد بلغ معدل زرع الكلى إلى عدد السكان حتى نهاية عام 2002 (11) زرعاً لكل مليون نسمة وإذا علمنا أن معدل حدوث القصور الكلوي المزمن يبلغ 100 - 120 مريضاً لكل مليون نسمة نستنتج أن معدل الزرع ما زال ضمن الحد غير المقبول والسبب كان حصر أخذ الكلى من المتبرعين الأحياء الأقرباء منذ عام 1985 وحتى منتصف عام 2002, وإذا علمنا أنه في عام 2003 أجريت زروع كلوية ل 12 مريضاً سورياً فقط خارج سورية مقابل 225 مريضاً داخل سورية مقارنة مع عام 1998 حيث كانت الأرقام 130 زرعاً خارج سورية و53 مريضاً أجريت زروع لهم داخل سورية لعلمنا أثر المرسوم رقم 30 لعام 2003 الإيجابية لتطوير أخذ الكلى من المتبرعين غير الأقرباء ووضع الضوابط اللازمة لذلك ونأمل قريباً أن نتمكن من أخذ الكلى من مرضى الموت الدماغي ضمن ما سمح بذلك القانون السوري الأخير رقم 30 الصادر بتاريخ 20/11/2003.
في حين صدور القرار الوزاري رقم (5/م.ر) والذي حصر إجراء العمليات الجراحية لنقل وزراعة الكلى بالمشافي الحكومية لا يعتمد على أسس منطقية أو علمية تتوافق مع سياسة الدولة في دعم القطاع الخاص وتنشيط السياحة الطبية والحجة مرفوضة إذ إن مكافحة الاتجار بالأعضاء يجب أن يكون للعام والخاص لأن مصدر المتبرعين في العام والخاص واحد.
وكان الأولى بوزارة الصحة عقد لجان تقصي الحقائق مكونة من خبراء قانونيين وأطباء من القطاعين العام والخاص لدراسة ظاهرة الاتجار بالأعضاء البشرية وملاحقة ومعاقبة المخالفين ومحاسبة المقصرين وليس منع زراعة الكلية في القطاع الخاص إضافة إلى الرقابة الدورية لمراقبة أداء المشافي العامة والخاصة وتجهيزاتها على السواء ومستويات النظافة داخلها.
- د. أحمد العجي, اختصاصي بأمراض الكلية, يقول: هناك حاجة متزايدة لإجراء عملية زرع الكلى والمشافي العامة والخاصة سوية لا تلبيان الأعداد المتزايدة إذ يقدر البعض أن الرقم يبلغ حوالي 800 حالة سنوياً, ينجز منها أقل من نصفها وعلى ضوء القرار الجديد, غير المبرر حتى الآن يتوقع بعض العارفين ببواطن الأمور أن يتجه المرضى من جديد إلى خارج القطر وبذلك سنصدر سياحة طبية بدل أن نستقبل سياحة طبية إضافة إلى أن الازدحام الذي سيحدث سيضطر المرضى للدفع من أجل أدوارهم.
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: إذا كشفنا عن وجود سمسرة في مشافي القطاع العام فهل ستمنع الجهات المعنية إجراء العمليات هناك أيضاً?
وعموماً 90% من حالات التبرع بين المرضى فيها سمسرة وبيع وشراء, وهذا ينطبق على العام والخاص وصراحة الرقابة على الخاص أكبر بكثير إذ لا يوجد مريض يزرع في مشفى خاص دون الحصول على موافقة لجنة وزارة الصحة وبالوقت الذي ترفض اللجنة إجراء عملية زرع لمريض في الخاص يجريها في العام ودون أي عائق.
وقد تعرض القطاع الخاص لعقبات كثيرة منها:
- تم إيقاف الزرع لمدة شهرين لحين صدور القوانين الناظمة للزرع.
- إصدار قرار بعدم إعطاء مرضى القطاع الخاص الأدوية المثبطة للمناعة التي تعطى مجاناً لكل مرضى الزرع وهي أدوية غالية الثمن وقد تم التراجع عن هذا القرار.
- إحداث لجنة فنية لفحص المرضى والمتبرعين في مديرية صحة دمشق تمارس ضغوطاً مختلفة على المرضى - تأجيل - فحوصات إضافية - رفض متبرعين في الخاص, وبعد فترة نجدهم قد قبلوا في المشافي العامة.
والأهم أن هذا القرار سيكلف خزينة الدولة ما مقداره 75 مليون ليرة سنوياً, وعموماً لا يستطيع القطاع العام استيعاب الأعداد لوحده ولا يستطيع أكبر مركز إنجاز أكثر من 100 - 125 عملية وليس المهم الزرع فقط بل تثبيت ما زرعناه ومتابعته والحفاظ عليه.
- بناء على اقتراح السيد وزير الصحة صدر القرار الوزاري والذي تضمن حصر إجراء العمليات الجراحية لنقل وزراعة الكلى بالمشافي الحكومية المتخصصة المعتمدة من قبل وزارة الصحة فما مبررات هذا القرار? وهل المشافي الحكومية الآن جاهزة لإجراء واستيعاب كل مرضى القصور الكلوي وإجراء عمليات الزرع?
للإجابة عن هذه التساؤلات التقينا السيدة رانيا ديراني الذي رشحها وزير الصحة للتحدث نيابة عنه فقالت: ليس الموضوع قطاعاً خاصاً أو عاماً والسيد الوزير عندما يصدر قراراً ما, يتحدث عن قطاع صحي وما يعنيه بالنهاية صحة المواطن ومصلحة الوطن, ومن المؤكد أن القرار جاء بعد دراسة للحد من الاتجار بالأعضاء البشرية. إذا كلما ازداد التبرع العشوائي ازدادت نسبة الإصابة بالقصور الكلوي, إضافة إلى المحاسبة من قبل منظمة الصحة العالمية, ومن قبل جمعية زراعة الأعضاء البشرية التي توجهت بكتاب شكر لاهتمام وزارة الصحة للحيلولة دون نشر تجارة الأعضاء عن طريق حصر عمليات زرع الكلية في مراكز محددة لا يدخل عليها إلا مريض الزرع في الوقت الذي نرى في المشافي الخاصة (مريض زرع الكلية بجانبه مريض مرارة بجانبه مريض آخر..) علماً أنه يوجد قسم خاص بالمواساة والهلال الأحمر والأسد الجامعي للزراعة وبسعر 90 ألفاً وهي تسعيرة وزارة الصحة بالوقت الذي تكلف فيه العملية في الخاص 350 ألف ليرة.
وبعد صدور هذا القرار زادت عمليات الزرع في مشفى الكلية والكادر الطبي مستعد لإجراء عملية زرع كل يوم بشرط وجود المتبرع وموافقة اللجنة المخصصة للتأكد من هذه الشروط وهنا لابد من تقديم نصيحة لمرضى القصور الكلوي الذين يلحون ويصرون على إجراء العملية ودون أي مراعاة للشروط الصحية وفي النهاية يحملون مسؤولية الفشل أو العواقب الوخيمة إلى الطبيب, وكثير من المرضى الذين التجؤوا إلى مشفى الكلية بعد صدور القرار, وأجريت لهم عملية الزرع تفاجؤوا بإمكانية المشفى وجاهزيتها.
أما بالنسبة لأجهزة غسيل الكلية فالمشفى يعاني من نقص في عدد الأجهزة وهناك مناقصة لتأمين 155 جهاز كلية صناعية, وهناك حوالي 2000 حالة إصابة بالقصور الكلوي لكل مليون نسمة, لذلك نشجع التبرع من المتوفين دماغياً, وقد رصدت 50 مليون ليرة سورية لسنة 2008, لتأمين الدواء للمرضى الذين زرعوا كلى.
أما بالنسبة لصرف الدواء فهناك لجنة تعقد اجتماعاً مرة كل أسبوع (الأحد) وهي التي تقرر صرف دواء ما أو لا بعد التأكد من صحة هذا الدواء وأحقية أخذه إذ يصف بعض الأطباء دواء مبالغ فيه أو مخالف لبعض المعايير, وفي جميع عمليات الزرع هناك نسبة للاختلاطات الطبية كما هي في كل دول العالم.
بدورنا نقول:القرار صدر هل نقول نقطة انتهى? أم سيعاد النظر بالقرار? سؤال نترك الإجابة عليه للجهات المعنية.
رويدة سليمان- يحيى الشهابي
المصدر: الثورة
التعليقات
ما هذا القرار؟؟؟!!
عندما تكون
خدمات سيئة
الإهمـــــــــــــال
دائرة متابعة قانونية
انا ومن معي ممن
إضافة تعليق جديد