«وراء الشمس»: دراما ذات احتياجات خاصة
في خطوة درامية عربية نادرة، يسلط مسلسل «وراء الشمس» (إخراج سمير حسين وتأليف محمد العاص) الضوء على ذوي الاحتياجات الخاصة، أولاً حين يشرك مصاباً حقيقياً بمتلازمة داون بالتمثيل هو علاء الدين الزيبق، وثانياً حين يسند مساحة كبيرة من العمل لممثل يؤدي دور مصاب بالتوحد، ويؤديه بسام كوسا، ولعله يجد فيه تحدياً جديداً وتنوعاً. ولكن رغم أداء كوسا الممتع، إلا أنه وقع فعلاً في نمطية أداء أدوار كهذه، بمعنى أنه اختار في الشكل مجموعة من «العكاكيز» يتكئ عليها وتسهّل عليه هذا التحدي. يتكئ «بدر»، وهذا هو اسم الشخصية، على لازمة كلامية حين يكرر كلمتي «بعرف، بعرف»، وعلى لوازم حركية، كرفع رأسه إلى أعلى، أو تمسّكه بكيس زوّادته، وكذلك على طريقة في المشي.
وإذا لم نشأ مقارنة أداء كوسا لبدر، المتوحّد، بعلاء المصاب بمتلازمة داون، حيث بدا الأخير، رغم تمسكه باللوازم الخاصة به، أكثر حرية في الأداء (والمقارنة يرى فيها المسلسل هنا ضرورة تعليمية، فيظهر كيف يؤثر المناخ الذي يعيش فيه المصاب بشخصيته وتصرفاته)، فيبدو أن لدينا نماذج بارزة في عالم السينما كأداء داستن هوفمان لشخصية متوحد في فيلم Rain Man، وروبيرت دي نيرو لشخصية مصاب بالشلل الدماغي منذ الطفولة في فيلم Awakenings ، والهندي شاروخان حين يؤدي دور متوحد في فيلم «اسمي خان». وكان كل هؤلاء، في أدائهم، أقرب إلى الأشخاص الطبيعيين.
أداء كوسا مؤثر، لكن لا بدّ وانه يعرف أن هذا خيار سهل بالنسبة لممثل. لكن إذا كان المسلسل يغامر بتقديم ذوي الاحتياجات الخاصة، فإنه حتى اللحظة يكتفي بعرض نموذجين (بدر وعلاء) لا يؤثران إطلاقاً في السير الدرامي للعمل، رغم كثرة مشاهدهما، إلا باعتبارهما نموذجين يمكن القياس عليهما من قبل الأم التي تنتظر مولوداً مماثلاً.
المسلسل لا يقف عند هذا الحد في تسليط الضوء على أصحاب الاحتياجات الخاصة، فحكايته الأساسية تقع في قصة زوجين ينتظران مولوداً سرعان ما يكتشفان أنه سيولد معاقاً، وهنا تنقلب السعادة التي يعيشها الزوجان الشابان (يؤديهما باسل خياط وصبا مبارك) إلى حزن. العلاقة بين الزوجين هي نموذج عن الإهمال في المعالجة الدرامية، فإذا كنا نسمع من الزوج حججاً تقليدية دفاعاً عن موقفه في محاولة إسقاط الجنين، فإن المسلسل يضيع فرصة تقديم المرأة لحجج مقنعة، لتدافع الزوجة عن تمسكها بالجنين بسلاح البكاء فقط (والممثلة قدمت أداء ميلودرامياً مزعجاً، مقابل براعة الممثل خياط). راحت تكرر فقط الحجة التقليدية التي ترى أن إسقاط الجنين نوع من القتل.
حتى اللحظة تبدو حكاية الزوجين هي أساس العمل، أما الخطوط الأخرى فلا تزال واهية، مجرد تلميحات بحكايات: أم بدر (منى واصف) وابنتها المطرودة الساعية للانتقام من زوج غادر أودى بها إلى السجن. سليم صبري وحكايته مع شقيقه وزوجته وصهره. وعلاء، صاحب متلازمة داون وعائلته. لكن وحدها حكاية الزوجين تجعل المتفرج مشدوداً إلى المسلسل، الذي يحتل اليوم بلا شك حيزاً كبيراً على خارطة رمضان.
راشد عيسى
المصدر: السفير
التعليقات
بسام كوسا
إضافة تعليق جديد