نوار ناصر ما زال قلبها ينبض في غاليري أيام
من قال إن زمن أيامها قد توقف، نوار ناصر الفنانة التشكيلية، التي أثبتت لوحاتها ،أن عمر الفن لا ينتهي بانتهاء العمر البيولوجي للفنان. نوار التي لم يشأ لها القدر أن تكمل مسيرة حياتها دون أن يجرها مرض خبيث إلى وادي الموت الأسود الذي سحبها دون كلمة وداع لأحبابها، وكل ما تركت من ارث كان بضع لوحات هي خلاصة حياتها التي اصطفت على جدران الذكرى.
غاليري أيام التي استضافت جدرانها لوحات نوار ناصر لتعيد إليها الحياة مرة أخرى، اكتشفت أن نوار قد تركت فوق كل لوحة قصة صغيرة من لون، تحكي فيها ما تريد هذه المرأة أن تعلنه من عزلة ربما ، تعيشها المرأة عموما في عالمنا الذي يتعامل مع أحلام المرأة وهواجسها بشيء من الحذر، بقع اللون الداكنة التي تمتد إلى مساحات لونية قاتمة كانت تعبيراً غير مباشر عن غربة تريد لها نوار أن تخرج إلى عالم الضوء.
لعل للفنان رؤاه الأخرى التي تخصه والتي يمتلك أدواته الخاصة وحريته في إخراجها بالطريقة التي يراها مناسبة، ولكن اللوحة حينما تنتهي لتقف على جدران المعارض تصبح ملكا للجميع، وتصبح مادة هلامية تتشكل على مزاج و روح كل من يراها. هكذا ترى المرأة في لوحات نوار جميعها أن ثمة سرداباً مظلماً ينتهي إلى الضياء، فربما نستطيع أن نلمح بابا مفتوحا يقدم مخرجا لحالة معينة في إحدى أجمل لوحاتها التي أغرقتها باللونين الأبيض والأزرق في دلالة على غموض الأبيض وسرمدية الأزرق. في لوحة أخرى تحمل حدسا بانأصاحبة الصورة هي نوار نفسها
حيث رسمت ملامحها كاملة بشيء من قسوة البني وتدرجاته، وبعينين حزينتين تطلان على انتكاسة عمرية مقبلة تودع ما بقي منها وحيدة، معزولة ، دون أسى أو دموع ، ولكن بحالة ترقب يائسة تنزف عمرها الذي أراد التسرب في غفلة عنها ، آخذا معه أحلام بقية العمر، آخذا الرغبة بالأمل ، آخذا حتى شعرها الذي تتفاخر به الأنثى لأنه رمز إنسانيتها وتألقها واستمرارية عنفوانها.
في لوحة شديدة السواد رسمت نوار رقعة البرجيس المطرزة، وقد اجتمعت حولها عناصرها بحالة تأهب للعبة غير معروفة النهاية. ولكن اللوحة الأخرى المتممة لها كانت ارتطام تلك الرقعة بواقع أهوج بعثر قطعها وألقاها وحيدة في مساحة كونية داكنة وقد فقدت خطوطها المنظمة ، وغدت مجعلكة الملامح، مبعثرة التفاصيل.
أما اللوحة الكبيرة التي حملت أبوابا كثيرة، عادت وقطعت إلى لوحات صغيرة اتسعت كل منها لباب واحد هو منفذ نوار إلى عالم تختلط به رغباتها وتبدأ معاني الأحلام بالتفتح. هي مجموعة الأبواب نفسها التي تفضي إلى النور الوحيد في هذا العالم الداكن الأركان الذي رأته الفنانة بعين المرأة التي تطالب بالنزوح إلى وطن الضياء.
هذه الأبواب نفسها التي أخذت نوار إلى عالم خال من الألم والأحزان، بجسد انتهى الآن من تجرع القدر الذي أراد له كل تلك الآلام.
أبوابها ظلت مفتوحة على قدر جديد أرادته. ولكن هناك في غرفة أخرى تطل لوحات كانت تنتظر أن تكملها نوار ناصر ولكن نوار رحلت وبقيت لوحاتها تنتظر نهاية أخرى، في دلالة قدرية على رغبة نوار بمن يتم عنها ما بدأته....ربما ينفذ احد أولادها الثلاثة يوما وصيتها غير المعلنة بإنقاذ لوحاتها التي بقيت دون نهاية،بإكمالها....ربما هكذا ترحل نوار كما قالت «وقلبها متحرر من الخوف لأنها تؤمن بكل ما هو خير و حقيقي وأبدي »
بانة القاسم
المصدر: تشرين
التعليقات
املك لوحة تعود للفنانة نوار…
املك لوحة تعود للفنانة نوار ناصر ممضية باسمه ان كنت مهتما لها واتساب
0096179168269
إضافة تعليق جديد