«لا حريات صحافية» في تركيا
تراجع تصنيف تركيا في مجال الحريات الصحافية من بلد يتمتع بحريات صحافية جزئية، الى بلد لا حريات صحافية فيه... هذا ما أكده تقرير «فريدوم هاوس» الأميركي، الذي وقع كالصاعقة على سلطة «حزب العدالة والتنمية»، ولا سيما وزير الخارجية أحمد داود أوغلو، الذي انتقد التقرير بشدّة.
وثمة معايير محددة تضعها مؤسسة «فريدوم هاوس»، التي تأسست في العام 1941 كمؤسسة مستقلة، لتصنيف الدول في العالم في مجال الحريات الصحافية، في تقريرها السنوي، ضمن ثلاث فئات: دول فيها حريات، دول فيها حريات جزئية، ودول لا حريات فيها.
وعلى امتداد فترة «حزب العدالة والتنمية» كانت تركيا تصنف من الفئة الثانية، أي ضمن الدول التي فيها جزئياً حريات صحافية، لكن تقرير المؤسسة هذه السنة أحدث صدمة في تركيا، التي أدرجت ضمن فئة الدول التي ليس فيها حريات.
ورأت المؤسسة في تقريرها أن نقطة التحول كانت في أحداث «تقسيم - جيزي» في حزيران العام 2013، حيث فُرضت رقابة على الأخبار، ومُنِعت بعض المحطات التلفزيونية بطريقة أو بأخرى من تغطية الأحداث مباشرة، وألقي بالعديد من الصحافيين في السجن وتعرض آخرون للقمع والترهيب.
أما المحطة الثانية، فكانت بعد انفجار فضيحة الفساد في 17 كانون الأول العام 2013، حيث طرد العديد من الصحافيين من عملهم بسبب تناولهم هذه القضية. وتبع ذلك صدور قوانين تشديد الرقابة على الإنترنت، ومن بينها إغلاق موقعي «تويتر» و«يوتيوب» وغير ذلك.
وأشار التقرير إلى وجود 42 صحافياً معتقلين في السجون الآن، في حين تراجعت درجة تركيا من 120 الى 132 من أصل 197 دولة في الدرجة ذاتها، التي تشمل أرمينيا وليبيا وجنوب السودان والإكوادور.
وعلى الصعيد الأوروبي فإن تركيا جاءت في المرتبة الأخيرة في قائمة ضمّت 42 بلداً أوروبياً، حيث حلّت هولندا في رأس قائمة الدول التي فيها حريات صحافية كاملة.
ويرى المخرج السينمائي نوري بيلغين جيلان أن نقطة التحول سبقت أحداث «جيزي» عندما منعت الحكومة للمرة الأولى الاحتفال بعيد العمال في ساحة تقسيم في الأول من أيار العام 2013. وقد كررت الحكومة عملية المنع هذه السنة حيث شهدت هذه المناسبة صدامات بين المتظاهرين والشرطة في أكثر من مكان في اسطنبول.
ويقول الكاتب إيمري كونغار، في صحيفة «جمهورييت» ان تركيا تستحق هذا التصنيف، خصوصاً أنه جاء بعد تصريحات الرئيس الألماني يواخيم غاوك في تركيا، والتي انتقد فيها تركيا في سجلها حول الحريات والحقوق الأساسية، على مسمع الرئيس التركي عبد الله غول.
أما وزير الخارجية التركي فانتقد التقرير وقال إن أنقرة لا يمكن إدراجها في هذا التصنيف كبلد لا حريات صحافية فيه، بل تركيا بلد فيه بنية تحتية واسعة للحريات والديموقراطية، متهماً كتّاب التقرير بأنهم غير دقيقين وأن العديد من هؤلاء المعتقلين ليسوا صحافيين، بل أشخاص قاموا بأعمال ارهابية بعضهم صدر الحكم عليه والآخر أطلق سراحه والبعض ينتظر المحاكمة.
وقال داود اوغلو إن حكومته قد تعرضت في الأشهر الأربعة الأخيرة لأقسى حملة انتقاد من الصحافة المكتوبة والمرئية فكيف يمكن لتركيا أن تكون في فئة الدول التي ليس فيها حريات صحافية، مضيفاً ان بلده لا يستحق هذا التصنيف، ودعا الصحافة الى رفض هذا التقرير.
وقد عكست بعض الصحف ردود فعل مواقع التواصل الاجتماعي على تصريحات داود أوغلو، متهكمة عليها ومعتبرة أنها «نكتة اليوم» ومثيرة للضحك وكان عليه أن يعلن تركيا البلد الأول في العالم في الحريات الصحافية وفقا لما أوردته صحيفة «جمهورييت».
محمد نور الدين
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد