أجندة إدارة بوش للـ7 أشهر الباقية
الجمل: بقيت سبعة أشهر لوجود إدارة بوش في البيت الأبيض وذلك بعد السنوات التي قضتها في محاولة تنفيذ أجندتها وأهدافها المثيرة للجدل، وعلى وجه الخصوص فيما يتعلق منها بمنطقة الشرق الأوسط والشرق الأدنى، وهي المنطقة التي دمجتها إدارة بوش ضمن مفهوم جيوبوليتيكي – جيوستراتيجي أطلقت عليه تسمية الشرق الأوسط الكبير الذي اعتمدته إستراتيجية مشروع القرن الأمريكي الجديد (الذي يمثل مذهبية جماعة المحافظين الجدد واللوبي الإسرائيلي المسيطرين على إدارة بوش) باعتبار أن السيطرة الكاملة عليه هي الخطوة الأولى التي لا بد منها لتأمين الهيمنة والنفوذ الأمريكي المنفرد بالعالم.
* أبرز التساؤلات الحالية:
كل الإدارات الأمريكية وحكومات دول العالم تأتي وتذهب ولم يحدث أن ادعى زعماؤها وقادتها بأنهم أكملوا أجندتهم أو حققوا أهدافهم وكان يمكن أن لا يتساءل المحللون السياسيون حول مصير بقية أجندة إدارة بوش لولا تصريحات بوش – تشيني التي أكدت قبل بضعة أسابيع بأن الإدارة الأمريكية الحالية عازمة على تنفيذ كل ما تبقى من أهدافها وتسليم طاولات البيت الأبيض نظيفة من أية مهام عالقة أمام الإدارة الأمريكية الجديدة. والتساؤلات التي باتت تطرح نفسها بقوة يتعلق أبرزها بما يلي:
• مصير الوجود الأمريكي في العراق.
• مدى قدرة إدارة بوش على الحسم النهائي لملف البرنامج النووي الإيراني.
• مصير عملية السلام في أنابوليس.
• مصير العلاقات الأمريكية – السورية، ومحادثات السلام السورية – الإسرائيلية.
• حل أزمة غزة – إسرائيل وتداعياتها على العلاقات المصرية – الأمريكية.
• مصير الدور الأمريكي في تركيا.
• مصير ملفات الأزمة اللبنانية.
* أبرز التوقعات الحالية:
ينقسم المحللون السياسيون إلى فريقين الأول يقول بإمكانية إدارة بوش على القيام بكل شيء خلال الأشهر السبعة القادمة ويراهن هذا الفريق على إشعال الحرب في المنطقة بما يؤدي إلى النتائج الميدانية الجديدة، التي تتيح لإدارة بوش تنفيذ مشروعها، والثاني يقول بعدم إمكانية إدارة بوش على القيام بشيء حاسم خلال الفترة القادمة لعدة أسباب:
• عدم كفاية الوقت.
• مقاومة المنطقة المتزايدة لمشروع القرن الأمريكي الجديد.
• عدم مساندة الرأي العام الأمريكي.
• حالة فقدان المصداقية التي أصابت إدارة بوش من جراء الإخفاق في العراق.
وفيما يلي نستعرض أبرز الملفات التي ما زالت إدارة بوش تصر على التعامل معها ضمن أجندة السياسة الخارجية الأمريكية التدخلية:
• الملف السوري: يقول الخبير الأمريكي تيدكاتوف السفير الأمريكي السابق في دمشق بأنه من غير المرجح أن تنجح المحادثات السورية – الإسرائيلية في دفع سوريا إلى التخلي عن تحالفها مع إيران وتحدث الخبير الإسرائيلي رامون قائلاً بأن سوريا لن تستفيد كثيراً في تحالفها مع إيران. وينظر بعض الخبراء إلى الخط الفاصل في الخلاف السوري – الإسرائيلي حول علاقات سوريا بإيران باعتبارها خطاً يرتبط بأمريكا وموقف الإدارة الأمريكية من سوريا لجهة علاقاتها مع إيران ولجهة الصراع مع إسرائيل. وطوال ما كانت إدارة بوش تنظر لسوريا باعتبارها مصدراً للخطر بسبب علاقاتها مع إيران فإنها ستسعى لعرقلة أي جهود سلام حقيقية في الشرق الأوسط تكون سوريا طرفاً فيها، والمشكلة الأكبر تتمثل في أن عمق الموقف الأمريكي من سوريا يعود بشكل أساسي إلى إسرائيل وعناصر اللوبي الإسرائيلي اللذان أفقدا قرار السياسة الخارجية الأمريكية استقلاليته وحياديته إزاء سوريا. وتشير التوقعات إلى أن إدارة بوش تفض التعامل مع ملف سوريا على أساس اعتبارات إستراتيجية مواصلة الضغوط عليها وتغيير هذا الموقف ريثما يتم حسم الملف الإيراني، ويعتقد الأمريكيون بأن هذا هو السبيل الوحيد لوضع سوريا في الوضع الذي يتيح للإسرائيليين والأمريكيين إضعافها على طاولة المفاوضات.
• الملف اللبناني: يعتقد الخبير الإسرائيلي رامون بأن اتفاق الدوحة يشكل نصراً لحزب الله وسوريا وإيران ويشاركه في هذا الرأي الكثير من المحللين السياسيين الأمريكيين والإسرائيليين، ولكنهم يؤكدون على أن اتفاق الدوحة قد ترتب عليه حصول حزب الله على هدفه القصير الأجل، وبالتالي فهو لن يستطيع الاستفادة على المدى المتوسط والطويل الأجل وستتمثل مشكلة حزب الله في كيفية تطوير انتصاره وتحويل الانتصار الذي حققه إلى انتصار وسيط وطويل الأجل، ولن يستطيع ذلك إلا بتعزيز موقفه عن طريق تعزيز علاقاته مع إيران وسوريا. ويرى بعض الخبراء الإسرائيليين والأمريكيين أن "الكنز" الذي تسعى سوريا نحوه هو لبنان وليس الجولان؛ ولكن هذه الفكرة (برأينا) تمثل منظوراً مثيراً للغرابة طالما أن سوريا قد تحدثت مراراً وتكراراً عن تمسكها بحقوقها الثابتة في استعادة أراضيها من إسرائيل وعن احترامها لأمن وسلامة لبنان وحق اللبنانيين في حل مشاكلهم دون تدخل الأطراف الخارجية، وتشير التوقعات إلى أن إدارة بوش ستسعى هذه المرة إلى اختراق اتفاق الدوحة والدفع باتجاه إرجاع الوضع اللبناني إلى ما كان عليه قبل أحداث 9 أيار لأن الوضع الحالي وتوازنات القوى اللبنانية الداخلية التي أفرزها اتفاق الدوحة سوف لن تتيح لإدارة بوش الإمساك بزمام المبادرة والسيطرة في الساحة اللبنانية واستغلالها وتوظيفها في إدارة أجندة الصراع العربي – الإسرائيلي.
• الملف الإيراني: وتنظر إدارة بوش إلى إيران باعتبارها تمثل الملف المركزي الذي يؤدي حسمه إلى حسم أجندة مشروع القرن الأمريكي الجديد، وبرغم اكتمال حلقات نوايا الاستهداف الأمريكي لإيران فإن الكثير من الشكوك تحوم حول مصداقية الجهود الأمريكي المستهدفة لإيران إلى الدرجة التي أصبح فيها من الصعب تقديم إجابة حاسمة للسؤال حول إمكانية قيام إدارة بوش بتوجيه ضربة عسكرية ضد إيران. أبرز التحليلات التي سعت من أجل الحصول على إجابة تقول بأن بوش سيقوم بمعايرة وموازنة الوزن الانتخابي وتوجهات الرأي العام الأمريكي في المفاضلة بين المرشح الجمهوري ماكين والمرشح الديمقراطي أوباما، بافتراض أن كلينتون باتت على وشك الخروج من المنافسة، وفي حالة ارتفاع شعبية ماكين فإن بوش على الأغلب أن يترك موضوع ضرب إيران لإدارة ماكين القادمة، أما في حال ارتفاع شعبية أوباما فإن بوش وصقور الإدارة الأمريكية الحالية سيقومون بضرب إيران لأنهم يدركون مسبقاً أن أوباما بن يفعل، إضافة إلى أن ضرب إيران قد يؤدي إلى إشاعة أجواء الحرب داخل أمريكا بما يزيد شعبية الجمهوريين ويقلل شعبية الديمقراطيين على غرار ما أحدثته هجمات الحادي عشر من أيلول 2001م. وترى هذه التحليلات بأن أوباما إذا صعد للبيت الأبيض بعد قيام بوش بضرب إيران فإن ذلك سيتيح له بعض المزايا الإضافية والتي من أبرزها:
* الاعتماد على مصداقية قوة الردع الأمريكية.
* انتهاء مشاكل السياسة الخارجية الأمريكية إزاء إيران.
* توظيف الهجوم على إيران واستخدامه في تجريم إدارة بوش وصقور الجمهوريين.
* فرض الشروط الأمريكية على إيران وهي في حالة الضعف والانكسار.
* التفرغ لحل مشاكل الشرق الأوسط ومحاولة فرض الشروط الأمريكية وإملاءاتها الوحيدة الجانب طالما أن عقبة إيران قد زالت.
* تحقيق وعده بسحب القوات الأمريكية من العراق دون خوف من احتمالات أن تسعى إيران لملء الفراغ الذي سيخلفه الانسحاب الأمريكي.
• الملف الفلسطيني: تحاول إدارة بوش تمرير صفقة فلسطينية – إسرائيلية سريعة بما يؤدي إلى إنجاح عملية السلام في أنابوليس، ولكن العقبات التي تقف أمامها تتمثل في:
* تزايد سقف المطامع الإسرائيلية وعدم استعداد تل أبيب لتقديم التنازلات.
* انقسام الفلسطينيين إلى طرف رافض لمسار أنابوليس يجد الدعم والمساندة الشعبية فلسطينياً وعربياً وطرف مواقف على هذا المسار ويتميز بالضعف بسبب افتقاره إلى الدعم والمساندة الشعبية فلسطينياً وعربياً.
* عدم قدرة الإدارة الأمريكية على ممارسة الضغوط على إسرائيل لتقديم التنازلات.
وبرغم وضوح هذه النقاط فإن الإدراك الأمريكي لأزمة عملية سلام أنابوليس يستند على التفسيرات الخاطئة التي تعزو أسباب الفشل إلى الدعم الإيراني وعدم رغبة الفلسطينيين في تقديم أي تنازلات من أجل السلام. وتشير التوقعات خلال الفترة القادمة بأن إسرائيل ستستمر في:
• ممارسة الضغوط العسكرية – الأمنية ضد قطاع غزة.
• ممارسة الضغوط السياسية – الدبلوماسية على السلطة الفلسطينية.
أما إدارة بوش فسوف لن يكون أمامها سوى ترك ملف سلام أنابوليس لإدارة المرشح الجمهوري جون ماكين والذي في حالة فوزه سيستمر في العملية أما في حالة فوز أوباما الديمقراطي فعلى الأغلب أن تتبنى الإدارة القادمة خياراً مشابهاً لما تبنته إدارة الرئيس كلينتون.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد