أسرع وسيلة للانتحار

16-11-2006

أسرع وسيلة للانتحار

«الإنسان عدوّ ما يجهل»، قول يقدّم احتمال أن نتصالح مع الأشياء والأمور التي كنّا نجهلها وعرفناها. ولعلّ المخدّرات هي من الأشياء التي نبقى أعداءها إذا كنّا نعرفها أو نجهلها. وهو أمر ينبغي ألاّ يكبت فضولنا أو يطلق خيالنا من عقاله، في البحث عن مصادرها وأنواعها ومضارها (ومنافعها في الدواء والعلاج)، وعن إدمانها.

هناك معلومات تقول إن المخدرات عُرفت قبل 7 آلاف سنة ومصدرها الطبيعة، أي النباتات والزهور. ومنها الخفيف التأثير كالماريجوانا والثقيل للغاية مثل الهيرويين والكوكايين. ومنذ القرن التاسع عشر بدأ الإنسان يحضّر المخدرات في المختبر ليستخدمها عقاراً للتخدير قبل عمليات الجراحة.

دراسات محلية (في بلدان مختلفة) وعالمية (على مستوى منظمة الأمم المتحدة وتقاريرها التنموية السنوية)، تلحظ أن الشباب يحتلون المرتبة الأولى في تناول المخدرات وتعاطيها وترويجها، لأسباب كثيرة منها قلة خبرتهم في تأثيراتها، ونزوعهم إلى اكتشاف كل ما هو غامض بالنسبة إليهم. ويرى آخرون في المخدرات وسيلة للتخلّص من مشكلاتهم الاجتماعية أو القضاء على الأرق المزمن.

وبعد تجربة المخدّرات، يتوقّف البعض عن تعاطيها ويدمنها البعض الآخر. لكن كثيرين من الناس يستعملون المخدرات للتخفيف من التوتر العصبي والإجهاد النفسي. وعلى رغم أن الخبراء يقللون من خطورة هذا النوع من التعاطي إلا انه قد يؤدّي إلى الإدمان وينتهي بصاحبه إلى التشرد.

وثمة من يستعمل المخدرات الخفيفة في الحفلات الشخصية فقط لأنها، في اعتقادهم، تمثل حدثاً مميزاً في حياتهم يستحق الاحتفاء به بطريقة خاصة. وقلة قليلة تحاول من خلال تناول المخدرات الحصول على خبرة روحية ونفسية.

- من مساوئ المخدرات ما هو آني وسريع ومن أخطارها التسبب بعلل دائمة. لكن المؤكد ان أذاها، على المستويين الاجتماعي والنفسي، حاسم وسريع التأثير. فهي الدافع الأساسي للانتحار في حالات كثيرة.

ويروي أحد متعاطي المخدرات الخفيفة (الماريوانا) من تجربته الشخصية، أن لتناول «الحشيش» حالات معيّنة. ففي حال الغضب أو التعاسة يفضّل الابتعاد عنها، لأن هذه النبتة تضخم المشاعر السيئة والعكس صحيح في حال السرور والسعادة. وعن تكلّم بعض المتعوّدين مع الجدران أو الاشجار أو أشخاص خفيين، يشرح «المجرَّب ضاحكاً أن في بعض الأحيان، تشغل بال أحدهم قضية معينة أو مشكلة مزعجة فيلجأ إلى الحشيش. وأثناء التعاطي تتضخم هذه القضية وتتحول إلى هاجس قاهر، فيبدأ هذا الشخص الحديث عن هذه القضية مع أي شيء مهما كان، حجراً أو بشراً، للترويح عن نفسه... فالمهم لديه هو التخلص من «هاجسه المدمر».

إلاّ أن كثيرين من متعاطي المخدرات يقدمون على الانتحار بسبب هواجس مماثلة تتضخّم من غير وازع أو ضابط يعيدها إلى حجمها الطبيعي، وكذلك، بسبب زيادة في كمية المخدرات، لا يعود الجسم يتحمّل تأثيرها. أما في الهيرويين فليس لدى ذلك «المجرّب» خبرة، لكنّه أشار إلى صاحب «الكوفي شوب» (المقهى) المجاور.

- صاحب «الكوفي شوب» اختصر الحديث بأن هذه المحال لا تبيع سوى الحشيشة الخفيفة، واستعمالها تجيزه الدولة. عدا ذلك كل شيء ممنوع منعاً باتاً. توجد هنا أنواع مختلفة من الحشيش منها الجاهز ويكون ملفوفاً كسيجارة ومنها ما هو موضّب في أكياس صغيرة متفاوتة الأوزان.
> ومن أين تأتي هذه الانواع؟

- من بلدان كثيرة، اشهرها الأفغاني والإيراني والكولومبي والمغربي والباكستاني.
> وما هو المفضل بالنسبة الى المدخنين؟

- الكولومبي والافغاني هما النوعان المفضلان لقوتهما وسرعة مفعولهما.
> وكم يحق للشخص الواحد إن يشتري منها؟

- نحن نقدم للزبون ما يطلبه.
> يعني هل يمكنني الآن ان اشتري خمسة أكياس على سبيل المثال؟

- أنت حر!!
- تشير آخر الإحصاءات إلى أن عدد المتعوّدين في هولندا يبلغ 17066 مدمناً على الهيرويين، يشكلون 41 في المئة من مجموع المتعوّدين، و12 في المئة على الكوكايين، و6 في المئة على الحشيش. وهناك أنواع مختلفة من المخدرات لا تُعرف أسماؤها ولا تأثيراتها ولا منشأها ولا عدد الذين يتعاطونها.

وينبغي التفريق بين مدمن ومشرد، فالأخير هو الشخص بلا مأوى، اما المتعوّد حينما يتبع طريق الإدمان فإنه يخسر بالتتابع وظيفته فبيته، ويتحول مع الوقت إلى مشرد.

- توجد في هولندا الكثير من المؤسسات الاجتماعية والنفسية لمعالجة الإدمان، يشرف عليها متخصصون اجتماعيون وعلماء نفس وأطباء، يعملون كفريق متكامل لدراسة الدوافع إلى الإدمان وسبل معالجة كل حال على حدة.

وتعمل هذه المؤسسات على اعادة دمج هؤلاء الناس بالمجتمع، وتأهيلهم من طريق النشاطات الاجتماعية والرياضية والثقافية الجماعية. ونجحت في انتشال مدمنين كثيرين من موت محقق وإعادتهم إلى حياتهم الطبيعية. وقدمت القنوات التلفزيونية الهولندية في الأسابيع القليلة الماضية عدداً من الحالات التي نجحت هذه المؤسسات في معالجتها. وعاد كثيرون منهم إلى أعمالهم بعد الشفاء والإقلاع عن المخدرات نهائياً.

صلاح حسن

المصدر: الحياة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...