الولايات المتحدة ومنظمة تعاون شنغهاي واحتمالات صراع الإرادات
الجمل: نشرت صحيفة آسيا تايمز تحليلاً أعده بهادرا كومار، الخبير في الشؤون الدولية والسفير الهندي السابق في أوزبكستان وتركيا، وحمل عنوان (منظمة تعاون شنغهاي جاهزة ومستعدة لإطلاق النار).
· ما هي منظمة تعاون شنغهاي:
تعتبر واحدة من أبرز وأخطر التكتلات الجيوسياسية في العالم، وهي منظمة بينية حكومية، تم تأسيسها في 14 حزيران 2001م، بواسطة زعماء: الصين، روسيا، كازاخستان، كيرغيزستان، طاجيكستان، وأوزبكستان.
ترجع بدايات منظمة تعاون شنغهاي إلى معاهدة تعميق الثقة العسكرية في مناطق الحدود، والتي تم التوقيع عليها بتاريخ 26 نيسان 1996م بواسطة دول: روسيا، الصين، كازاخستان، كيرغيزستان، وطاجيكستان.. ثم تطورت بعد ذلك إلى معاهدة ميثاق منظمة تعاون شنغهاي الذي تم التوقيع عليه في حزيران 2002م.
· أنشطة المنظمة.. المعلن ومفاجأة غير المعلن:
كانت المنظمة في بداية الأمر وبحسب ما هو مذكور في ميثاقها تهدف إلى تعزيز التعاون الاقتصادي وحل المشاكل الحدودية بين دولها الأعضاء.
اطمأن الأمريكيون والأوروبيون واليابانيون والكوريون الجنوبيون إلى أن المنظمة لا تحمل أي صيغة استراتيجية عسكرية أمنية، وأنها تحتاج لوقت طويل كي تتطور إلى حلف عسكري، خاصة وأن هناك الكثير من الخلافات بين أعضائها، إضافة إلى أن من بينها بعض الدول التي تعتبرها أمريكا حليفة لها، مثل أوزبكستان.
· المفاجأة ووقوع المحظور:
يقول الخبراء في الشؤون الدولية بأن منظمة تعاون شنغهاي تتميز بقدرات لا تتوافر حتى لدى حلف الناتو، وهي تضم دولتين نوويتين من الدول الكبرى هما روسيا والصين، وتضم كل دول آسيا الوسطى ذات الأهمية الفائقة القصوى بسبب مواردها النفطية والمعدنية.
ولكن بعد ذلك لاحظ الجميع أن نطاق المنظمة قد اتسع ليشمل بلداناً آسيوية ليس لها (مشاكل حدودية) مشتركة مع بقية بلدان المنظمة، وقد تم في هذا الصدد إضافة منغوليا، والهند، وباكستان وإيران كمراقبين ضمن المنظمة، وتشير التوقعات إلى احتمالات أن يتم الإعلان عن انضمام إيران والهند وباكستان نهائياً إلى عضوية المنظمة، وإذا تحقق ذلك تكون منظمة شنغهاي متضمنة لأربعة دول نووية هي: روسيا، الصين، الهند، وباكستان، ودولة نووية، ولكن بشكل غير معلن، هي: كازاخستان.. إضافة إلى إيران، والتي تعتبر دولة شبه نووي. وبكلمات أخرى: فإن منظمة تعاون شنغهاي أصبحت تمثل (النادي النووي) الأكبر في العالم.
المفاجأة الكبرى تمثلت في قيام دول منظمة تعاون شنغهاي بإجراء مناورات عسكرية اعتبرت الأكبر في العالم منذ الحرب العالمية الثانية، وذلك بسبب ضخامة حجم الجيوش وكثافة الأسلحة التي استخدمت فيها، إضافة إلى اتساع نطاق المسارح التي تمت فيها المناورة.
- تم إجراء المناورة في الفترة من 9 إلى 17 آب.
- كان عنوان المناورة (مهمة السلام).
- تمت المناورات بشكل متزامن في معظم أجزاء الدول الأعضاء.
- المناطق التي تم فيها إجراء المناورات تمثل المناطق التي تحاول أمريكا استخدامها والتغلغل عن طريقها لتهديد دول منظمة تعاون شنغهاي، فقد تم إجراء جزء من المناورة في إقليم سينكيانج الموجود غرب الصين، وفي منطقة حوض نهر الفولغا ومناطق جبال الأورال الواقعة جنوب روسيا، والتي تمثل منطقة قلب روسيا الحيوي الذي تحاول أمريكا استهدافه عن طريق آسيا الوسطى.
يقول بهادرا كومار بأنه لم تقم أي واحدة من التكتلات الدولية الموجودة في العالم حالياً بالتحول إلى تكتل عسكري بالطريقة وبالسرعة وبالمفاجأة التي تحولت بها منظمة شنغهاي.
وحالياً كل التكتلات الدولية الكبرى: الاتحاد الأوروبي، رابطة بلدان جنوب شرق آسيا، الاتحاد الافريقي، منظمة دول أمريكا اللاتينية، الجامعة العربية، وغيرها، لم تستطع برغم مواثيقها واتفاقياتها الأمنية والعسكرية القيام بإنجاز ما قامت به وأنجزته منظمة تعاون شنغهاي.
ويضيف قائلاً: إن منظمة تعاون شنغهاي قد قامت بعمل كبير جداً كان هدفه اسماع أمريكا وفرنسا وحلفائهما بالصوت العالي والواضح: لا يوجد أي مجال أو فرصة لنشوء (فراغ القوة) في الفضاء الاستراتيجي الخاص بآسيا الوسطى على النحو الذي يمكن أن تتقدم لملئه واستغلاله الأطراف الدولية الخارجية أياً كان نوعها.
· الولايات المتحدة ومنظمة تعاون شنغهاي واحتمالات صراع الإرادات:
تحاول أمريكا التشبث بتنفيذ استراتيجياتها الهادفة إلى الآتي:
- السيطرة على آسيا الوسطى والقفقاس، من أجل الهيمنة على النفط، والتمركز في موقع يمكن استخدامه فكل سهولة في استهداف روسيا.
- تطويق جنوب آسيا بسلسلة من التحالفات، وتضم كوريا الجنوبية واليابان وتايوان لمحاصرة الصين وروسيا وكوريا الشمالية من جهة المحيط الباسفيكي، وتحالفات في منطقة جنوب شرق آسيا وجنوب آسيا لمحاصرة القارة الآسيوية من الجنوب.
إن الاستراتيجية الأمريكية القائمة على هاتين الميزتين، يمكن القول بأنها قد قضت نحبها تماماً على يد المناورات الأخيرة التي أجرتها منظمة تعاون شنغهاي، إضافة على أن قرار أوزبكستان بعدم تمديد فترة استمرار وجود قاعدة أنديجان الجوية العسكرية الأمريكية في أراضيها سوف يجعل من آسيا الوسطى منطقة خالية من القوات والقواعد الأمريكية، كذلك التحدي الكبير القادم سوف يكون أمام إمكانية استمرار وجود قاعدة الباغرام الجوية في أفغانستان، وذلك لأن كل الظروف تقول وتؤكد بعدم إمكانية وجود واستمرار هذه القاعدة، والتي تعرضت للقصف أكثر من مرة، وبإزالة هذه القاعدة تكون الاستراتيجية الأمريكية قد فقدت سنداً داعماً لا يمكن تعويضه بسهولة.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد