ردود الفعل الإسرائيلية والأمريكية على نتائج الانتخابات الإيرانية
الجمل: خلال الأسبوعين الماضيين ذهب اللبنانيون إلى صناديق الاقتراع وأقرت قوى 8 آذار بخيار الشعب اللبناني الذي أكد على إبقاء قوى 14 آذار في السلطة والشيء ذاته في الهند حيث أقرت المعارضة الهندية باحترام خيار الشعب الهندي إزاء إبقاء حزب المؤتمر الهندي في السلطة أما في إيران فقد حملت النتائج فوز مرشح المحافظين أحمدي نجاد بفارق 100% عن مرشح الإصلاحيين مير موسوي وبرغم ذلك ظلت التقارير وشاشات التلفزة تنقل المعلومات حول تزايد الاضطرابات الرافضة لنتيجة الانتخابات.
* المعلومات الجارية والتساؤلات:
نشرت صحيفة "الشرق الأوسط" المزيد من التقارير القائلة بأن إيران تشهد حالة متزايدة من الاضطرابات السياسية الرافضة لنتائج الانتخابات الرئاسية وسعت الصحيفة إلى التأكيد أن هذه الاضطرابات بدأت في التزايد والاتساع بما سيترتب عليه نقل الخلافات إلى مرحلة الأزمة ولكن بالمقابل من رأي الصحيفة جاء تقرير صحيفة هاآرتس الإسرائيلية حول التخمين الاستخباري الذي قدمه بالأمس مائير دايان رئيس جهاز الموساد الإسرائيلي الذي أكد فيه أمام لجنة الشؤون الخارجية والدفاع التابعة للكنيست الإسرائيلي بأن ما يجري في الساحة الإيرانية هو مجرد احتجاجات محدودة تقوم بها بعض الجماعات المحدودة وأكد بأن هذه الاحتجاجات ستنتهي قريباً إن لم تكن قد انتهت بالفعل.
هذا، ويمكن الإشارة إلى النقاط الواردة في تخمين مائير دايان على النحو الآتي كما وردت في صحيفة هاآرتس الإسرائيلية الصادرة اليوم:
• لن تنجح الاحتجاجات الجارية بسبب نتائج الانتخابات في تغيير الوضع القائم الحالي في إيران.
• يعرف الإسرائيليون جيداً توجهات مرشح المحافظين أحمدي نجاد ولكن إذا فاز مرشح الإصلاحيين مير موسوي فإن مهمة الإسرائيليين ستكون صعبة للغاية لإقناع الرأي العام الإيراني والأطراف الدولية بأن الخطر الإيراني ضد إسرائيل ما زال مستمراً.
• الحديث عن التلاعب بنتائج الانتخابات الإيرانية لا يختلف عن الحديث عن التلاعب بنتائج الانتخابات في البلدان الليبرالية الغربية.
• إذا استمر البرنامج النووي الإيراني يتطور بوتائره الحالية فإن إيران ستحصل على قنبلتها النووية الأولى في عام 2014.
• أثرت العقوبات الغربية على إيران ولكن فعالية ضغوط هذه العقوبات لم تنجح حتى الآن في دفع إيران إلى التخلي عن طموحاتها النووية.
• يتوجب على المجتمع الدولي الاستمرار في فرض المزيد من العقوبات على إيران وأن يسعى إضافة لذلك باتجاه عدم السماح لإيران بالتملص والمراوغة لتفادي تأثير العقوبات.
• ستستمر إيران في تقديم الدعم لحزب الله وحركة حماس وحالياً فإن طهران ما تزال قادرة على القيام بتقديم الدعم لحزب الله مع فرض السيطرة الإيرانية عليه أما بالنسبة لحركة حماس فإن إيران وبرغم استمرارها في تقديم الدعم لها فإنها غير قادرة على فرض سيطرتها عليها.
• السبب الرئيسي في عدم قدرة إيران فرض سيطرتها على حماس هو ارتباط هذه الحركة بالإخوان المسلمين التي تختلف مرجعيتها السنية عن مرجعية طهران الدينية الشيعية.
• ستصبح علاقات طهران – حماس أكثر قوة خلال الفترة القادمة لأن حماس تحتاج إلى المال والعتاد والسلاح والتدريب وإيران راغبة في تقديم ذلك.
• استمرار إيران في تعزيز قوتها ودورها في المنطقة سيتيح لإيران الحصول على نفس قوتها ودورها الذي كان لها خلال ستينات وسبعينات القرن الماضي.
• سيستمر المعتدلون العرب (مصر - السعودية) في الوقوف ضد الطموحات الإيرانية.
برغم عدم تفاؤل تخمين جهاز الموساد الإسرائيلي بنجاح حركة الاحتجاجات في تغيير النظام فقد أضاف مائير دايان رئيس الموساد قائلاً أنه لو حدث وفاز المرشح الإصلاحي مير موسوي بالرئاسة فإن البرنامج النووي الإيراني سيستمر لأنه هو بالذات من أشرف على هذا البرنامج عندما كان وزيراً لخارجية إيران!
* جغرافيا الانتخابات الرئاسية الإيرانية: أبرز المؤشرات:
عند إسقاط نتائج الانتخابات الرئاسية الإيرانية يمكن التعرف بوضوح على نقاط القوة ونقاط الضعف الخاصة بكل من نجاد وموسوي ويمكن الإشارة إلى ذلك على النحو الآتي:
• على أساس الاعتبارات الإثنو-طائفية فقد كانت مناطق الأقليات الإيرانية التي تضم السكان البلوش والأذربيجانيين والعرب أكثر ميلاً للمرشح الإصلاحي مير موسوي.
• على أساس اعتبارات الانقسام المجتمعي إلى قوى حديثة وقوى تقليدية فقد كانت شرائح القوى الحديثة أكثر ميلاً لدعم المرشح الإصلاحي مير موسوي.
ولكن لما كانت الأقليات وشرائح المجتمع الحديثة لا تتمتع بالحجم والوزن الكافي فقد حصل نجاد على الأغلبية العظمى من أصوات الناخبين إضافة إلى أن الأغلبية الساحقة من الشباب الإيرانيين ثبت أنهم وقفوا إلى جانب نجاد.
إضافة لذلك، برغم انتماء المرشحين لنظام الثورة الإسلامية في إيران وتأكيدهما المتزايد على العمل ضمن ثوابت هذا النظام فإن مرشح المحافظين نجاد استطاع خلال الأعوام الخمسة الماضية القيام ببناء المزيد من "القوة الرمزية" في أوساط المجتمع الإيراني لأن فترة ولايته السابقة شهدت على الصعيد الداخلي:
• تصاعد وتائر البرنامج النووي الإيراني.
• تصاعد وتائر البرنامج الصاروخي الإيراني.
• تصاعد وتائر البرنامج الفضائي الإيراني.
وعلى صعيد السياسة الخارجية الإيرانية شهدت الآتي:
• المعارضة المتزايدة على توجهات السياسة الخارجية الأمريكية إزاء المنطقة.
• القيام بدور واضح إزاء دعم المقاومة الفلسطينية.
• بناء الروابط مع سوريا التي تتمتع باحترام الإيرانيين لجهة وجود العديد من المواقع الدينية التي تحمل صفة الاحترام والقداسة الإسلامية على أراضيها.
وعلى خلفية هذه المؤشرات فإن نتيجة الانتخابات الرئاسية الإيرانية يصعب الانقلاب عليها لا عن طري إعادة فرز الأصوات ولا حتى عن طريق إعادة الاقتراع لسبب بسيط وواضح يتمثل في أن الأداء السلوكي التصويتي في هذه الانتخابات يتطابق وينسجم ليس مع معطيات الجغرافيا الانتخابية الإيرانية وإنما مع استطلاعات الرأي التي شاركت في إجرائها العديد من الأطراف المحلية والدولية التي كانت تؤكد على خيار فوز مرشح المحافظين أحمدي نجاد ولم ترجح أي جهة فوز موسوي الذي كان موقفه في أحسن الأحوال يتمثل في أن نجاد سيتغلب عليه بأغلبية صغيرة.
* لماذا السيناريو الاحتجاجي:
أعلنت إدارة أوباما موقفها الواضح والصريح من نتائج الانتخابات الإيرانية وما كان لافتاً للنظر هذه المرة أن موقف هذه الإدارة كان يختلف تماماً عن موقف إدارة بوش السابقة إزاء نتائج الانتخابات التي ترتب عليها صعود خصوم أمريكا وعلى سبيل المثال لا الحصر رفضت الولايات المتحدة الاعتراف بنتائج الانتخابات الأوكرانية وأعلنت وقوفها إلى جانب الاحتجاجات المدنية التي أدت إلى اندلاع "الثورة البرتقالية" وفي جورجيا رفضت إدارة بوش الاعتراف بنتائج الانتخابات الجورجية وأعلنت وقوفها إلى جانب حركة الاحتجاجات المدنية التي أدت إلى اندلاع "الثورة الوردية" وعلى ما يبدو فإن رفض إدارة أوباما إصدار دعم للرئيس نجاد إنما سببه:
• إدراك الأجهزة الأمريكية المسبق لتفوق نجاد في هذه الانتخابات.
• في كل الثورات الملونة كان الفارق بين المرشحين صغيراً وبالتالي يكون من السهل إصدار الشكوك ودعم الاحتجاجات بما يتيح استخدام سيناريو نظرية المؤامرة لجهة إحداث الانقلاب الانتخابي.
بالتالي وبسبب إدراك الإدارة الأمريكية لعدم إمكانية نجاح أي سيناريو في القيام بأي انقلاب انتخابي في إيران فقد صرح البيت الأبيض على لسان متحدثه الرسمي بأن إدارة أوباما غير معنية بنتيجة الانتخابات الإيرانية وبأن الرئيس الأمريكي عازم على حسم أمر الملف النووي الإيراني مع المرجع الأعلى لإيران طالما أنه يمثل السلطة السيادية التي تستطيع أن تفرض إرادتها على السلطة التنفيذية التي يمثلها ويقودها الرئيس المنتخب سواء كان محافظاً أو إصلاحياً.
في حالة موافقة المرجع الأعلى فإن رئيس الجمهورية سيكون أمامه إما خيار القبول والتنفيذ أو خيار الانقلاب على المرجع الأعلى.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد