سرّ الوصفة التركية

22-06-2008

سرّ الوصفة التركية

ثـلاثـمئـة واثــنــا عشر ألف نتيجة، حصلت عليها عند البحث عن مسلسل «نور» التركي على شبكة الإنترنت!
كان دافعي للبحث عن المسلسل الذي تبثه قناة «ام بي سي» في ثلاثة مواعيد، أنني بعد متابعة عدد من حلقاته فشلت في الوصول إلى موضوعه، أو حبكته الدرامية، إذ تجرى الأحداث ببطء شديد. لكن يبدو أن هذا ليس رأي عدد كبير من الشباب العربي من المحيط إلى الخليج، بحسب نتائج البحث.
هذا المسلسل أثبت مع المسلسل التركي الآخر «سنوات الضياع» أننا نعيش بداية حقبة تركية في مسلسلات مدبلجة، احتلت مكان المسلسلات المكسيكية التي سادت بين نهايات الألفية الثانية وبدايات الألفية الثالثة، مثل: «أنت أو لا أحد» و «كاسندرا».
ومن يتابع المسلسلين التركيين، يكتشف أنهما يشبهان بالضبط المسلسلات المكسيكية، من حيث وجود توليفة الحب الرومانسية والنميمة والجريمة في أوساط الأغنياء.
في «سنوات الضياع» فتاة فقيرة (رفيف) موزعة بين حبيبها الفقير (يحيى) وصاحب المصنع الثري (عمر)، وثلاثتهم يتمتعون بالجمال الذي يدغدغ مشاعر المشاهدين والمشاهدات، ثم تنقلب الأحداث بسجن يحيى وتعرفه الى قيادات المافيا، ليتحول إلى غني ويحب لميس أخت عمر بدلاً من رفيف!
وفي «نور» نجد مهند ابن العائلة الثرية المحكومة بتقاليد الجد، يتزوج من نور قريبته الفقيرة بعد وفاة حبيبته، ولا يستطيع أن يحب نور في البداية، ثم تبدأ تحولاته البطيئة جداً تجاهها، كل هذا وسط تفريعات كثيرة من الأحداث فيها سلطة الجد، ومكائد العمة، وغيرة الزميلات وإجرام المافيات وما إلى ذلك.
وبعيداً من مخاوف خبراء التربية وبعض الكتاب من أصحاب الاتجاهات المتحفظة، علينا أن نسأل أنفسنا: لماذا الانتقال من المكسيكي إلى التركي من دون تجربة ثقافات أخرى كثيرة شرقاً وغرباً (باستثناء اليابانية على استحياء)؟
الجواب يحتاج إلى نظرة خارج الشاشة، لنكتشف السر؛ وبعيداً مما أكده أحد المسؤولين في شبكة «ام بي سي»، أنها أقل تكلفة من المسلسلات العربية، وفي حين كان الإقبال على المسلسلات اليابانية بسبب الدهشة التي تصنعها العادات المختلفة (خصوصاً عادات طاعة المرأة التي أحبها المشاهدون من الرجال!)، فإن الإقبال على المسلسلات المكسيكية ثم التركية، ينبع من تشابه ما تحكي عنه مع واقع المجتمع العربي الآن.
هناك واقع تأخرت الدراما العربية في رصده، في شكل حقيقي، حيث تدور الدراما العربية حول الفساد الاقتصادي من بعيد، وتخاف أن تتصادم معه في شكل مباشر، أو تنقل وقائع تبدو منها صورة معروفة لأحد من المتنفذين.
من هنا يمكن أن تكون أهمية المسلسلات التركية في أنها تغمز من قناة المافيات العربية التي تأخرت مسلسلاتنا عن رصدها، أما الجانب الآخر من أهمية هذه المسلسلات فيعتمد على البذخ والفخامة. وكلها مشهديات تصلح لأبناء الطبقة الجديدة، الذين يرون حياتهم وبيوتهم وقصورهم في هذه المسلسلات، كما تصلح للفقراء الذين يحلمون بمثل تلك الحياة، ويوفرها لهم المسلسل ثلاث مرات في اليوم... ولو بالمشاهدة!   

سمر يزبك

المصدر: الحياة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...