مؤتمر شرم الشيخ: إعادة هيكلة الوكلاء العرب
الجمل: انتهى مؤتمر شرم الشيخ، المخصص لاستقرار العراق، والذي جسد شكلياً ثنائية المعلن المعلن وغير المعلن.. والتي تبين لاحقاً أنها ثنائية لا تنحصر فقط في المفارقة الكبيرة على أساس اعتبارات الأهمية بين الاجتماعات الرئيسية والاجتماعات الهامشية، التي فاقت في أهميتها الاجتماعات الرئيسية، وإنما امتدت هذه الثنائية إلى التحركات الميدانية الهادفة لمعالجة أوضاع الملفات الساخنة والمناطق المشتعلة.
إعادة هيكلة الوكلاء العرب:
الصيغة القديمة السابقة لتحالف المعتدلين العرب، استنفدت أغراضها، وعلى ما يبدو فإن إدارة بوش الطامحة للتغيير والحصول على نتائج سريعة، قد قررت إنجاز أكبر ما يمكن إنجازه خلال فترة بقائه التي أصبحت معدودة في البيت الأبيض.
الهيكلية الجديدة، اعتمدت فيها إدارة بوش على مفاهيم علم الإدارة الميدانية الأمريكي، الذي يركز على استخدام فرق العمل التي تعمل من أجل تحقيق عدة أهداف في وقت متزامن.. وتأسيساً على ذلك فقد بدأ حلفاء أمريكا في دورة من النشاط والحركية التي أخذت طابعاً جديداً في الفترة التي أعقبت مباشرة انتهاء اجتماعات مؤتمر شرم الشيخ، بحيث انصرف كل طرف من المعتدلين العرب إلى إنجاز المهام التي كلّفته الإدارة الأمريكية القيام بها.
الأداء السلوكي السياسي للمعتدلين العرب في البيئة الإقليمية الشرق أوسطية، أصبح يشير بوضوح إلى وجود مجموعتين رئيسيتين من (فرق العمل).
· فريق العمل الأول: (مصر- الأردن):
تشير المعلومات إلى أن حكومتا مصر والأردن تعملان حالياً جنباً إلى جنب مع الحكومة الإسرائيلية في مراجعة بنود مبادرة السلام العربية، وبرغم تكتم السلطات المصرية والأردنية على هذا الأمر إلا أن إسرائيل –كعادتها- قامت بكشف المستور، على لسان وزيرة خارجيتها تسيبي ليفني، التي قالت مساء أمس ان مبادرة السلام العربية بصيغتها الراهنة سوف تؤدي إلى المزيد من الجمود في المنطقة. وأضافت بأن هناك جدول اجتماعات تم الاتفاق عليه بين مصر والأردن وإسرائيل بهدف عقد المزيد من اللقاءات المشتركة، من أجل التشاور حول المعالجات المطلوبة لهذه المبادرة. ولمحت تسيبي ليفني إلى بعض الأفكار الإسرائيلية إزاء المبادرة، مثل ان قيام الدولتين، ومصير اللاجئين الفلسطينيين هو أمر يتعلق حصراً بمفاوضات الوضع النهائي، والتي تفصل إسرائيل مناقشتها بشكل منفصل مع الفلسطينيين، وحصراً الفلسطينيين (المعتدلين).
كذلك هناك مهام إضافية لأعضاء هذا الفريق، وتتمثل في ان تقوم الحكومة المصرية بعملية إقناع الحكومة السودانية لا لقبول القوات الدولية والوصاية على إقليم دارفور، بل وبحسب ما ورد في حديث الرئيس المصري حسني مبارك، حل مشكلة دارفور باتفاق سلام شامل على غرار اتفاق سلام جنوب السودان، وتجدر الإشارة إلى أن كولن باول وزير الخارجية الأمريكي السابق قد زار السودان في مطلع عام 2005م، عند توقيع اتفاقية سلام جنوب السودان، وطالب الحكومة باتفاقية سلام في دارفور على غرار اتفاقية جنوب السودان، وقد رفضت الحكومة السودانية ذلك، لأن اتفاق جنوب السودان يتضمن بنداً حول تقرير المصير، والآن وبعد عامين ونصف على مطالبة وزير الخارجية الأمريكي، يأتي الرئيس المصري ليطالب بنفس ما كان يطالب به الوزير الأمريكي.
· فريق العمل الثاني (السعودية- دول الخليج):
وينهمك هذا الفريق في تنفيذ العمليات السرية الجارية حالياً ضد إيران، بحيث يقوم أعضاء هذا الفريق بتمويل وتنظيم الجماعات السنية المتطرفة الموجودة داخل إيران، على النحو الذي يؤدي إلى زعزعة استقرار إيران الداخلي، وتتضمن تفاصيل المخطط السري الآتي:
- تنفيذ المزيد من التفجيرات ضد قوات الحرس الثوري الإيراني.
- عمليات التخريب ضد المرافق الاستراتيجية الإيرانية مثل: محطات الكهرباء، المنشآت النووية والنفطية، الموانئ والمطارات، والمصارف والبنوك الإيرانية.
- تخريب قطاع المواصلات والاتصالات عن طريق تنفيذ عمليات التخريب في الجسور وشبكات الاتصالات.
- استقطاب السكان المحليين الإيرانيين، وبالذات الأقليات السنية الموجودة داخل إيران، في عربستان، والمناطق الأذرية الشمالية، وبلوشستان.. وغيرها.
- دفع المزيد من ضباط الأمن والجيش والعلماء الإيرانيين إلى الهروب والخروج من إيران طلباً للجوء في الغرب، على غرار ما كان يحدث خلال فترة حكم صدام.
- تشجيع حركات المعارضة الإيرانية من أجل اختطاف المزيد من المسؤولين وكبار ضباط الأمن والجيش والعلماء، وتسليمهم للقوات الأمريكية الموجودة في العراق أو في منطقة الخليج.
- تأهيل المزيد من العناصر السرية التابعة للمعارضة الإيرانية، بما يعزز قدرتهم على تولي المناصب واختراق مؤسسات الدول الإيرانية الحساسة.
وعموماً، السيناريوهات التي بدأ المعتدلون العرب بتنفيذها مباشرة بعد انتهاء مؤتمر شرم الشيخ، هي سيناريوهات لن تتوقف عند مشاهدها الحالية، وسوف تكون هناك المزيد من السيناريوهات الفرعية، فالتنسيق المصري- الأردني- الإسرائيلي يهدف إلى تفكيك مبادرة السلام العربية، بحيث يعقب ذلك قيام أمريكا بالضغط على السعوديين وبلدان الخليج لكي تقبل، ثم يأتي الضغط داخل الجامعة العربية على سوريا والفلسطينيين، واللذين سوف يتعرضان لسيناريو ضغط مزدوج بواسطة المعتدلين العرب، وبواسطة المعتدلين الفلسطينيين الذين يتشاورون بقيادة بعض عناصر منظمة فتح حول كيفية الجمع بين الأجندة الإسرائيلية والأجندة الفلسطينية.
كذلك نلاحظ أن المعتدلين العرب، لم تقم الإدارة الأمريكية بتكليفهم بإنجاز أي مهام في لبنان، وعلى ما يبدو فإن تصريح كوندوليزا رايس بأن الإدارة الأمريكية سوف تضغط على لبنان هو تصريح يعكس بوضوح أن إدارة بوش تضمر ملفاً خاصاً بلبنان هذه المرة.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد