قانون "أنتي أمازون" في فرنسا: دفاعاً عن المكتبات والكتاب الورقي
في ما بات يعرف في فرنسا بالقانون "أنتي أمازون" أو القانون "ضد أمازون"، صوّت مجلس الشيوخ الفرنسي بالإجماع، أمس الأول، على اقتراح قانون يفرض على شركات بيع الكتب عبر الإنترنت العاملة في البلاد أن تختار بين العرض على زبائنها خدمة خصم نسبة خمسة في المئة من سعر الكتاب أو خدمة الشحن المجاني، وليس خدمة "العرضين معاً". ومن المفترض أن يصوت البرلمان الفرنسي قريباً على الاقتراح في قراءة ثانية قبل أن يصبح نافذاً.
وأعلنت وزيرة الثقافة الفرنسية أوريلي فيليبيتي خبر التصويت على القرار على حسابها على موقع "تويتر"، وقالت إنّ "تصويتا بالإجماع (حصل) في مجلس الشيوخ على اقتراح قانون تنظيم بيع الكتب عبر الإنترنت واتفاقية الإصدارات الرقمية".
وكانت الوزيرة الفرنسية لفتت في جلسات المناقشة حول القانون في داخل المجلس إلى أن "هذا القانون لا يأتي للتضييق على عملية بيع الكتب عبر الإنترنت، بل لضمان منافسة عادلة بين مختلف العاملين في هذا الحقل"، مضيفة أن القانون سيمثل "أحد عناصر دعم قطاع الكتب".
ربما تمثل مسألة دعم قطاع بيع الكتب في المكتبات الهدف الأساسي للقانون "المتواضع" في مواجهة الشركات التي تبيع الكتب عبر الإنترنت، وأبرزها الشركة الأميركية العملاقة "أمازون"، التي أعلنت مؤخراً أنّ مبيعاتها للكتب عبر الإنترنت فاقت كل التوقعات خلال فترة الأعياد.
وتتمتع فرنسا بشبكة مكتبات تعتبر من أكثر الشبكات غنى وكثافة في العالم، مع وجود حوالي 3500 مكتبة "تقليدية" في أنحاء البلاد. ويأتي المشروع من ضمن "مجموعة خطط لدعم محلات بيع الكتب التقليدية في فرنسا، وهو كمن يضع حجراً صغيراً في مشروع إنقاذ المكتبات، والذي يشمل الدعم المادي الذي ستقدمه الدولة إلى بائعي الكتب، والذي تقدر قيمته الإجمالية بـ11 مليون يورو"، كما قالت فيليبيتي.
وإذا كان القانون لا يسمي "أمازون" تحديداً، إلا أنّ الإحصاءات تشير إلى أن الشركة الأميركية تسيطر على نسبة 80 في المئة من سوق بيع الكتب الجديدة على الإنترنت في فرنسا. السوق الذي فرض نفسه بقوة خلال السنوات الخمس عشرة الماضية، وأصبح منافساً شرساً للمكتبات المستقلة والمتاجر التي توفر مساحات ثقافية واسعة، كمتجر الـ"فناك" الشهير و"كولتورا" و"لوكليرك" وغيرها.
وعلقت "أمازون"، أمس، على القرار بإصدار بيان مقتضب، معتبرة أن "أي خطوة تهدف إلى فرض زيادة على سعر الكتاب الذي يباع عبر الإنترنت يغرم أولاً المستهلك الفرنسي من خلال إضعاف قدرته الشرائية".
وشكل القرار مادة للسجال في وسائل الإعلام الفرنسية. فاعتبرت مجلة "نوفيل أوبسيرفاتور" أنّ القانون "فارغ بشكل لا مثيل له"، مركزة على المنافع التي يجنيها المستهلك من خدمة الإنترنت إذ "لا يوجد أفضل من أن تطلب كتابك ليلاً وأنت في منزلك ليأتيك في صباح الغد الباكر".
ورفضت المجلة أن يتحول قطاع بيع الكتب إلى "مسرح لمواجهة ثقافية، وكأن الأميركيين يريدون القيام بعملية غزو ضد مكتباتنا الصغيرة".
من جهتها، وصفت صحيفة "لوموند" القانون بـ"الرمزي"، إذ تستطيع "أمازون" التلاعب عليه من خلال فرض "بضعة قروش فقط على خدمة التوصيل".
ولكن الصحيفة أشارت كذلك إلى أن الخطوة البرلمانية "تحمي المكتبة الفرنسية المستقلة التي تساهم في رسم المشهد الثقافي الفرنسي الغني والمتنوع".
بدوره، قال المفوض العام لنقابة المكتبات الفرنسية غيوم هوسان إنه " قرار رمزي ولكنه قوي إذا رأينا أن دعاية شركة أمازون أو شركة فناك دوت كوم تقوم بشكل أساسي حول المجانية"، مضيفاً أنه "سيكون من الصعب عليهم الترويج لبضاعتهم من خلال بضعة قروش".
لعل "لوموند" لخصت القضية في إطارها الأوسع. فهي القضية التي يواجهها الكتاب الورقي بشكل عام في العالم في مواجهة نفوذ الإنترنت، أكان لجهة بيعه "إلكترونياً" أو حتى لجهة تحويله هو نفسه إلى مادة إلكترونية.
وفي هذا الصدد، اعتبرت الصحيفة الفرنسية أنّ "الكتاب ليس سلعة كبقية السلع، وهذا الشعار هو تحديداً ما يحاول القانون الجديد وضعه موضع التنفيذ".
السفير نقلاً عن (أب، "لوموند"، "نوفيل أوبسيرفاتور")
إضافة تعليق جديد