أوكرانيا:الاشتباكات تعنف في الشرق وموسكو تحذّر من"كارثة إنسانية"وبان يعرض الوساطة
شهدت منطقة شرق أوكرانيا أمس مواجهات عنيفة بين أنصار روسيا والجيش الأوكراني أدت الى وقوع قتلى وجرحى وسقوط مروحية أوكرانية أخرى برصاص "الانفصاليين"، ما دفع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، إلى اقتراح التوسط بين المتنازعين.
وفي الوقت نفسه أعلنت موسكو، في تقرير رسمي سمته "الكتاب الأبيض"، أن هذه الأزمة تهدد الاستقرار والسلام في أوروبا اذا لم يردّ المجتمع الدولي بطريقة مناسبة على الانتهاكات "الكثيفة" لحقوق الإنسان في هذا البلد، محذّرة من "كارثة إنسانية" في المدن التي تحاصرها قوات كييف.
وبرز الوضع الميداني الى واجهة الأحداث مع حصول تبادل إطلاق نار كثيف لساعات طويلة صباح أمس بالقرب من سلافيانسك، معقل الحراك الانفصالي في مقاطعة دونيتسك في الشرق.
وقُتل أربعة عناصر من قوات الأمن الأوكرانية في سلافيانسك إضافة الى ممرضة شابة في كراماتورسك، وجُرح حوالى 36 آخرين في المدينتين، حسبما أعلنت وزارة الداخلية الاوكرانية، مؤكدة في الوقت نفسه سقوط مروحية تابعة لقواتها المسلحة.
ونقلت وكالة "أونيان" الأوكرانية للأنباء عن المتحدث باسم وزارة الدفاع بوغدان سينيك، أن المروحية من طراز "مي – 24" أسقطت بنيران من رشاش ثقيل في ضواحي سلافيانسك أمس، ووقعت على مسطح مائي وأن الطيارين لم يصابوا، مشيراً إلى أن فريقاً خاصاً تابعاً للقوات الأوكرانية تمكن من نقلهم إلى معسكرهم.
وأكد وزير الداخلية الأوكراني أرسن إفاكوف، من منطقة قريبة لساحة الاشتباكات، سقوط 4 قتلى للجيش، قائلا: "إنهم يشنون حرباً ضدنا، ضد أراضينا" في سلافيانسك... مهمتي هي القضاء على الإرهابيين".
وأوضح أن "التكتيك الوحيد هو التقدم رويداً رويداً نحو وسط" سلافيانسك، مشيراً في الوقت نفسه إلى انه "لا يوجد حل عسكري، يجب أن يكون (الحل) سياسياً".
في الوقت نفسه، ذكر مصدر في وزارة الداخلية الأوكرانية أن كلاً من وزير الداخلية ومدير هيئة الأمن الأوكرانية فالنتين ناليفايتشينكو "وجها يوم 29 نيسان الماضي أوامر لهيئة الهجرة بإصدار جوازات سفر أوكرانية، وبشكل عاجل لـ 300 شخص من مواطني بولندا ودول البلطيق"، موضحاً أن مواطني تلك البلدان بدأوا بتنفيذ مهام قادة ميدانيين ومستشارين للتشكيلات المسلحة في جنوب شرق أوكرانيا لمحاربة "لجان الدفاع الشعبي".
في المقابل، دعت موسكو سلطات كييف إلى وقف إراقة الدماء وسحب قواتها وكذلك الجلوس إلى طاولة الحوار من أجل البدء بعملية الحل السياسي للأزمة، حسبما جاء في بيان لوزارة الخارجية الروسية.
وأضاف البيان، ان "العملية التنكيلية التي تقوم بها القوات الأوكرانية ستتسبب بسقوط ضحايا جدد بين المدنيين العزل"، مؤكداً أن "حصار القوات المسلحة الأوكرانية للمدن سيؤدي إلى كارثة إنسانية، ويظهر هذا، بنقص الأدوية وتوقف وصول المواد الغذائية".
وذكّر بيان الخارجية بأنه لم تكد تنتهي أيام الحداد على ضحايا مأساة أوديسا، حتى بدأت في مناطق شرق أوكرانيا عمليات سفك للدماء، معتبراً أن "العملية الإجرامية" يواصلها الجيش الأوكراني والقوات الخاصة وكذلك أنصار "القطاع اليميني" تحت ستار "الحرس الوطني"، في محاولة لإكراه السكان على الخضوع لعملية الإصلاح التي تدعو لها السلطات في البلاد.
ودعت الخارجية الروسية إلى رد دولي "من دون تحيز" تحت طائلة "عواقب مُدمّرة على السلام والاستقرار والتطور الديموقراطي في أوروبا"، معتبرة أن "المهمة الأساسية للكتاب الأبيض (الذي تم عرضه على الرئيس فلاديمير بوتين) هي جذب الانتباه الى هذه الوقائع، المجموعة الدولية والهيئات الدولية الأساسية وكذلك منظمات غير حكومية لم تعط حتى الآن الانتباه اللازم وغير المتحيز لهذه الاشكالية".
في غضون ذلك، عرض الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، التوسط لإنهاء الأزمة المتصاعدة في أوكرانيا، حسبما قال لوكالة "فرانس برس" في أبوظبي أمس. ودعا أطراف الأزمة الأوكرانية الى "حل هذه المشكلة بالطرق السلمية"، قائلا: "انا مستعد لأن ألعب دوراً في ذلك عند الضرورة".
بدوره، دعا نائب الرادا العليا (البرلمان الأوكراني)، مرشح الرئاسة في كييف سيرغي تيغيبكو، إلى إقالة الحكومة بعد الأحداث التي جرت يوم 2 أيار في أوديسا وقتل فيها 46 شخصاً. وقال تيغيبكو أمس إن الأحداث المأساوية التي حصلت في أوديسا تدل على أن أوكرانيا على شفا نزاع أهلي.
في غضون ذلك، يتوجه مساعد وزير الخزانة الأميركية لشؤون مكافحة الارهاب والاستخبارات المالية ديفيد كوهين، الى المانيا وفرنسا وبريطانيا هذا الأسبوع لمناقشة العقوبات ضد روسيا بسبب الأزمة في أوكرانيا، حسب بيان لوزارة الخزانة.
وجاء في البيان أن كوهين، سيناقش قضايا تتعلق بالتمويل غير المشروع والعقوبات التي فرضت "رداً على سلوك روسيا غير القانوني في أوكرانيا".
وفي باريس، أكد الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، ضرورة إجراء الانتخابات الرئاسية الأوكرانية على كامل الأراضي في الخامس والعشرين من أيار الحالي. وأوضح في لقاء مع الصحافيين في قصر الإليزيه عقب مباحثاته مع رئيس وزراء اليابان شينزو آبي، أن بلاده ترتبط بعلاقات مع روسيا تسمح لها باقناع السلطات، وعلى رأسها الرئيس بوتين، بأهمية الحوار من أجل وضع نهاية للأزمة الحالية.
من ناحية ثانية، اعتبر مفوض الشؤون الاقتصادية بالوكالة في الاتحاد الأوروبي سيم كالا، اثناء نشر التوقعات الاقتصادية للاتحاد في 2014 و2015 ان الاقتصاد الروسي "أظهر مؤشرات تراجع" نتيجة التوتر في أوكرانيا.
وأشار بشكل خاص الى خروج رؤوس الأموال من روسيا كنتيجة مباشرة لموقف موسكو "المتشدد" من أوكرانيا منذ ضمها شبه جزيرة القرم في شباط الماضي. وقال كالاس إن "الأموال تُهرّب من البلاد"، مضيفاً أن العملة الروسية انخفضت بشكل كبير نتيجة الأزمة.
المصدر: السفير+ وكالات
إضافة تعليق جديد