إضراب المعلمين يشل الحياة المدرسية في تونس

توقفت الدراسة أمس، ويتوقع أن تتوقف اليوم أيضاً في كل المدارس الأساسية في تونس بسبب إضراب المعلمين بدعوة من نقابتهم التابعة للاتحاد العام التونسي للشغل أكبر المنظمات النقابية في البلاد.

المعلمون الذين يقدر عددهم بحوالى ٦٣ ألف معلم، لم تستبعد قيادتهم النقابية مواصلة الإضراب في شكل إداري بعدم إجراء امتحانات نهاية السنة، مناظرة ختم الدروس الأساسية المعروفة بـ«السيزيام» وهو ما يعني إفشال الموسم الدراسي، وذلك احتجاجاً على سلوك وزير التربية فتحي جراي الذي تتهمه نقابة المعلمين بالتنصل من الاتفاقية التي أبرمتها وزارة التربية سابقاً مع النقابة وتراجعه عن كل الالتزامات. وتتهم النقابة العامة للتعليم الأساسي وزارة التربية بالتمادي في سلوك يعمق أزمة الثقة بين النقابة والوزارة وعدم جديتها في معالجة ملفات التفاوض العالقة منذ سنوات، إضافة إلى الحقوق المالية والترفيع في بعض المنح المالية؛ منها المنحة الوظيفية ومنحة الريف وتخفيض ساعات العمل. وتعتبر النقابة العامة للتعليم الأساسي من أكبر النقابات التي كان لها دور أساسي في الحراك السياسي والاجتماعي والنقابي طيلة تاريخ البلاد، وهي من أكبر نقابات الاتحاد العام التونسي للشغل.
هذا الإضراب هو الأكبر والأهم منذ تولي حكومة مهدي جمعة تسيير البلاد التي كان للاتحاد العام التونسي للشغل دور أساسي في تشكيلها وتثبيتها، ويعد هذا الإضراب الذي شل الحياة المدرسية، أمس، ويتوقع تواصله اليوم مؤشراً على عودة التوتر في الشارع التونسي بعد مرور مئة يوم على تشكيل حكومة جمعة التي تلومها عدة أحزاب على عدم تفعيلها لخريطة الطريق التي تم التوافق حولها في جلسات الحوار الوطني والتي استقالت بموجبها حكومة الترويكا الثانية برئاسة علي العريض.
وتزامنت عودة التوتر إلى الشارع التونسي مع انقسامات كبيرة في المشهد السياسي، إذ غادر نواب الحزب الجمهوري في المجلس الوطني التأسيسي، الكتلة الديموقراطية على خلفية الاختلاف حول الموقف من الرئيس المؤقت المنصف المرزوقي والمجلس الوطني التأسيسي، إذ يتمسك نواب الحزب باستمرار المجلس الوطني التأسيسي والرئيس المؤقت المرزوقي إلى حين إجراء الانتخابات وذلك التزاماً بما ورد في باب الأحكام الانتقالية في الدستور الجديد. واعتبر نواب الحزب الجمهوري أن الرئيس المرزوقي واستمرار المجلس التأسيسي «خط أحمر» لتجنيب البلاد الفراغ الدستوري. ويتبنى هذا الموقف أيضاً حزب المؤتمر من أجل الجمهورية الذي يرأسه شرفياً الرئيس المرزوقي وحركة وفاء والتيار الديموقراطي والتحالف الديموقراطي، في حين تطالب أحزاب أخرى؛ منها المسار الاجتماعي الديموقراطي وحركة نداء تونس بإيجاد صيغة أخرى بالتوافق تنهي عمل المجلس الوطني التأسيسي وإقناع الرئيس بالاستقالة إذا كان يرغب في الترشح للانتخابات المقبلة.
هذه النقطة يلتقي فيها نداء تونس مع حزب التكتل من أجل العمل والحريات الذي يطالب باستقالة الرئيس حتى تتوفر نفس الحظوظ لكل المرشحين، وقد وعد رئيسه مصطفى بن جعفر بالاستقالة من المجلس الوطني التأسيسي عندما يقرر الترشح للرئاسة.
وفي السياق نفسه، طالت الانشقاقات والتجاذبات حركة نداء تونس التي ترشحها كل استطلاعات الرأي للحصول على أكبر نسبة من الأصوات في الانتخابات المقبلة، كما يتصدر زعيمها الباجي قائد السبسي كل استطلاعات الرأي للظفر بالرئاسة. وتعيش الحركة منذ أيام صراعاً مفتوحاً بين المحسوبين على النظام السابق المنحدرين من الحركة الدستورية، بكل تفرعاتها، الملتفين حول نجل الباجي قائد السبسي حافظ قائد السبسي الابن، والمجموعة النقابية والديموقراطية واليسارية الملتفة حول الأمين العام للحركة الطيب البكوش والمدير التنفيذي رضا بالحاج وهما من رموز اليسار وبعض القيادات النقابية مثل عبد المجيد الصحراوي. ويتوقع المتابعون للشأن السياسي في تونس انفجار هذه الحركة بسبب تداخل المصالح والحسابات السياسية ما لم يتخذ رئيس الحزب الباجي قائد السبسي إجراءات عاجلة تحدّ من طموح المجموعتين المتنافستين على قيادة الحزب ورسم خطه السياسي.
وبعيداً عن الشأن السياسي، يتابع التونسيون بانشغال كبير تطورات الوضع الأمني، حيث بدأت وزارة الداخلية بفتح ملف الجمعيات المصنفة جمعيات خيرية بعدما تم اكتشاف تورط بعضها في تمويل الإرهاب وتسفير الشبان التونسيين إلى سوريا. وقد تم أول أمس إحالة مجموعة من نشطاء جمعية «الخير» على التحقيق القضائي؛ من بينهم الرئيس والكاتب العام وأمين المال، ويتوقع أن تشمل التتبعات القضائية جمعيات أخرى.
إلى ذلك، أدان نشطاء ما سموه عودة «الدولة العميقة» بعد إيقاف المدون عزيز عمامي على خلفية تناوله مواد مخدرة «القنب الهندي» حسب بلاغ وزارة الداخلية، وهو ما اعتبره النشطاء تهمة مركبة على طريقة نظام زين العابدين بن علي في التنكيل بالنشطاء، كما تتواصل محاكمة المعتدين على المقارّ الأمنية في جهات مختلفة من البلاد.

نور الدين بالطيب

المصدر: الأخبار