حرب القلمون: تفاصيل معركة جرود نحلة..وما بعدها
ليل السبت الواقع فيه 12 تموز، وبعد رصد معلومات عن مخطّط لشنّ هجوم على بلدة نحلة البقاعية اللبنانية، باغت مقاتلو حزب الله مسلحي «جبهة النصرة» بـ«هجوم استباقي». اصطدم المسلحون بقوات تابعة للحزب على خط جرود نحلة في اتجاه خلة الصهريج، وهي نقطة تؤدي إلى وادي الصهريج، الذي يؤدي إلى معابر حدودية غير شرعية مقابل الجبة وعسال الورد في القلمون.
مصدر مقرّب من المقاومة يروي أن «معركة قاسية دارت واستمرت لغاية ليل الأحد، بين عشرات المقاومين ونحو 400 من مسلحي النصرة، واشتدّت حدّتها بين الظهر وأولى ساعات الليل». وكشف أن حزب الله «أسر 18 مسلحاً من النصرة، بينهم اثنان كانا يحملان 40 ألف دولار»، وتبيّن أن هؤلاء «يتلقون الدعم والمساعدة من شخص لبناني من أبناء عرسال». المعركة القاسية التي كانت بقيادة أمير «النصرة» أبو مالك التلي، بحسب المصدر، أوقعت «بين 65 و70 قتيلاً» في صفوف المسلحين، إضافة إلى «أعداد هائلة من الجرحى».
الحديث عن اجتياح المسلّحين (يراوح عددهم بين 3000 و4500 على طول الحدود) للقرى الحدودية «أمر مبالغ فيه»، بحسب المصدر. وعمّا يتداوله المسلحون عن «هزيمة» لحقت بالحزب في هذه المعركة إثر سقوط عدد من الشهداء، يؤكّد المصدر أن «هذا وهم. حزب الله لم يستخدم قوات النخبة والرضوان بعد من الجهة اللبنانية». ويضيف: «إنها حرب ضد التكفيريين، ومن الطبيعي أن يستشهد شبان في أرض المعركة، وحزب الله يفتخر بشهدائه الذين يستشهدون دفاعاً عن أراضيهم وأهلهم وبلدهم». وعما جرى تداوله عن إبلاغ الأميركيين الأجهزة الأمنية اللبنانية عن هجوم كان يعدّ له المسلحون على القرى الشيعية الحدودية، قال المصدر: «الأميركيون هم المستفيد الأكبر من هذه المعارك»، مشدداً على أن «عين المقاومة على الحدود لدرء خطر التكفيريين منذ وقت بعيد، وليست في حاجة لأميركا». وأوضح أن المسلّحين يشنّون يومياً هجمات ويحاولون التقدّم في اتجاه المناطق اللبنانية الجردية، كذلك تشهد جرود القلمون يومياً اشتباكات بين الجيش السوري والجماعات المسلحة. «وهي محاولات استنزاف من قبلهم على الجهتين، لكن كلها باءت بالفشل».
ما هي الخطوات المقبلة؟
المعارك الجارية حالياً تدور في منطقة عازلة بين لبنان وسوريا، ضمن مساحة جغرافية تصل إلى مئة كيلومتر مربع، وهي تضمّ السلسلة مع الجرود من الجهتين اللبنانية والسورية. ويجري التنسيق بين الجيش السوري وحزب الله من الجهة السورية، وبين الجيش اللبناني والحزب من الجهة اللبنانية. وهناك 30 معبراً حدودياً بين حدود البلدين، وكل هذه المعابر تحت السيطرة النارية، وخصوصاً أن صلة الوصل بين الجانبين انقطعت تماماً بعد السيطرة على الجهة السورية من القلمون.
وأبرز هذه المعابر معبر الطفيل ومعبر وادي الصهريج (بين عسال الورد ولبنان) ومعبر الجوزة، إضافة إلى معابر تصل فليطا بجرود عرسال، أهمها الزمراني والحمرا. ومنذ أسابيع، فصل الجيش السوري منطقة القلمون عن الزبداني. ومن الجهة اللبنانية، باتت بلدة الطفيل خالية من المسلحين، كذلك تمّت السيطرة على قلعة وجبل النمرود من الجهتين اللبنانية والسورية. «الخطوة المقبلة ستكون فصل الجرود بعضها عن بعض من خلال جهد عسكري من الجهتين اللبنانية والسورية»، بحسب المصدر. كيف؟ «عبر استمرار العمليات العسكرية: من الجهة اللبنانية عبر التعاون بين الجيش وحزب الله والأجهزة الأمنية في السيطرة على الأوضاع على الحدود»، ومن الجهة السورية، «من خلال استكمال الجيش السوري تقدمه من الأراضي السورية في القلمون».
ولم يكشف المصدر عن طبيعة خطة مقاتلي حزب الله عند الجهة اللبنانية، وهي بلا شك «خطة لحماية القرى ومنع إطلاق الصواريخ أو حتى التفكير في الهجوم عليها». ويضيف: «الأهم هو اجتثاث التهديد وإنهاء ظاهرة التكفيريين في كل جرود لبنان». أما الحديث عن حسم سريع لهذه المعركة، فيردّ المصدر: «يمكن الحسم خلال أيام في بقع معينة ومفصلية مؤثرة، ولكن ليس المعركة ككل». ويشدّد على «استمرار المعركة إلى أن تصبح الحدود آمنة من التكفيريين الذين يشكلون خطراً على كل لبنان».
في غضون ذلك، تتواصل الاشتباكات العنيفة بين الجيش السوري وحزب الله من جهة ومسلحي «النصرة» من جهة أخرى، على طول خط السلسلة الشرقية. وبحسب مصدر ميداني، فقد تكبّد المسلحون منذ الأسبوع الماضي وحتى أمس خسائر كبيرة، «وهناك أكثر من 120 قتيلاً إضافة إلى 257 جريحاً للنصرة في مستشفيات عرسال».
وبحسب مصادر ميدانية، جرت أمس اشتباكات في منطقة معبر الحمرا، حيث تقدّم الجيش السوري على مرتفع صدر البستان فوق منطقة قرنة الحمرا مقابل فليطا. وأول من أمس، نصب الجيش السوري كميناً للمسلحين بالقرب من قرنة شعبة الحمرا في الجرود المشرفة على فليطا، وأوقع عشرات القتلى والجرحى في صفوفهم، بحسب مصدر ميداني سوري. كذلك استهدف الجيش المتحدّث الرسمي باسم «النصرة» المدعو «أبو عزام الشامي» في جرود القلمون. وأكّد مصدر أمني أن «دور الشامي لا يقتصر على أنه المتحدث الرسمي فقط، بل هو أيضاً من بين المخططين الأساسيين للعمليات العسكرية ومقرّب من أبو مالك التلي». وبحسب المصدر، «فقد نجا أبو مالك من القتل لأنه كان من المقرر أن يحضر الاجتماع الذي استهدف فيه الشامي». وكان الجيش السوري قد سيطر منذ أيام على معبري المسيّب والحمرا اللذين يربطان جرود بلدة فليطا بجرود بلدة عرسال.
رشا أبي حيدر
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد