طهران عاصمة عالمية لتجميل الأنوف.. والتبرّج الكثيف!
تقف ميترا أمام المرآة وتحرّك حاجبيها صعوداً ثم نزولا، ثم صعوداً ونزولاً. تلتفت بعدها إلى صديقتها وتقول: "أترين كلّما رفعت حاجبي تجعّد جبيني"!
لا تنفع محاولات صديقتها بإقناعها أنّ هذا الأمر طبيعي، وأنّ هذا ما يسمى "تعابير الوجه"، إذ تريد ميترا التي لم تتخط الخامسة والثلاثين من العمر أن يبقى جبينها أملساً، راكداً حتى حين تحرّكه. لذا حجزت لنفسها موعد الـ"بوتوكس" الأول لدى طبيب الجلد.
ميترا ليست الإيرانية الوحيدة التي تخطى الهوس بالجمال لديها حدود المنطق، إذ أنّ الكثير من الرجال الإيرانيين، وعدداً أكبر من النساء الإيرانيات خضعوا على الأقلّ لعملية تجميل في الأنف، فإيران هي البلد الأول في العالم من حيث الإقبال على هذه العملية التجميليّة، حتى أصبحت تعرف بـ"العاصمة العالميّة لتجميل الأنوف". وهي أيضاً البلد الثاني في الشرق الأوسط، بعد السعودية، من حيث استهلاك مستحضرات التجميل، والسابع عالمياً.
شوارع طهران لا تخفي هذه الأرقام. ضمادات على الأنوف، شفاه منفوخة، حواجب مطبوعة، وماكياج "ثلاثي الأبعاد"، لا يمكن إحصاء كم طبقة منه التصقت بالوجه، لكنه نهاية يفقد دوره المفترض بتجميل المرأة.
هناك تحليلات عدة حول الأسباب التي تدفع المرأة الإيرانية إلى الاهتمام بشكلها الخارجي إلى هذه الدرجة. أحدها، من دون شك، متعلق بكون إبراز جمالها كلّه محصور في مساحة وجهها الضيّقة. فلا يهم إن كانت اختارت ارتداء الشادور أو "الشال" الذي يكشف شعرها، فإنّ عمليتي التجميل والماكياج المبالغ فيهما، هما صديقتاها الحميمتان في كلتا الحالتين.
مؤخراً، وصل الخوف من أن ينتقل كلّ هذا الهوس بالوجوه البلاستيكيّة إلى وجوه الممثلين، فأصدر التلفزيون الإيراني الرسمي في حزيران الماضي، قراراً أعلن فيه عدم توظيف الممثلين والممثلات الذين خضعوا لعمليات تجميل، في المسلسلات والأفلام التي تصوّر للتلفزيون.
ليس الحجاب وحده ما يؤثر على خيارات المرأة الإيرانية "الجماليّة"، فممثلات هوليوود والمجلات الأجنبية تلعب دوراً كبيراً أيضاً في قرارات عمليات رفع أطراف الأنوف وشفط الدهون وعمليات أخرى لتغيير شكل الوجنتين والعينين.
لكن الممثلات الأجنبيات لسن أيضاً سوى طرف في هذه القضية، إذ أنه في المجتمعات الشرقيّة من البديهي أن تراقب سلوك النساء فتكتشف ما يريده الرجال.
شهناز على موعد مع شاب عرّفتها إليه صديقتها، لكن الموعد المفترض لم يحصل في النهاية، بما أنّ الشاب اتصل بشهناز، قبل الموعد بساعات، ليخبرها أنّه معجب بها لكنه لاحظ أنّها لا تتبرّج كثيراً عادة وأنها لا تطلي أظافرها حتى، فطلب منها أن "ترفع مستوى التبرّج" قبل خروجهما.
قابلت شهناز طلب الشاب بإلغاء موعدهما، إذ هي تقول إنّها لا تريد أن تشبه "المتبرّجات" اللواتي يستيقظن باكراً جداً لإنهاء "التبرّج الإيراني الشهير" قبل بدء ساعات العمل، والذي عادة ما يتطلّب ساعة ونصف الساعة، أو ساعتين لإنجازه.
لا تشبه كلّ النساء هنا شهناز طبعاً، فكثيرات منهنّ لا يخفين أن السبب الحقيقي خلف عمليات التجميل وكل هذا التبرّج هو الحصول على "زوج أفضل". وفي بلد لا يمنح القروض المصرفيّة لعمليات التجميل، تلجأ الكثيرات إلى الحيلة لإسعاد قلوبهنّ.
فهانيه مثلاً طلبت قرضاً مصرفياً لشراء سيارة، وما إن حصلت عليها حتى باعتها ودفعت المبلغ لتجميل أنفها وعينيها على أمل الحصول على "عريس".
ولكن بعد خمس سنوات على خضوعها لعمليتيّ التجميل لا تزال هانيه من دون زوج.
وطبعاً ليست كلّ النساء كهانيه أيضاً، فمعظمهنّ بحسب أطباء التجميل لا يعترفن أنّهن يردن فقط تجميل أنفهنّ، بل يتحجّجن دوماً بصعوبة في التنفس أو أنّهن وقعن على أنوفهنّ وهنّ صغيرات لذا هنّ بحاجة إلى تجميله.
ويقول أحد أطباء التجميل إنّه يرفض أسبوعياً إجراء عمليات تجميليّة لخمسة أو ستة أشخاص ويحوّلهم عوضاً عن ذلك إلى الطب النفسي، فالكثير ممّن يزورون عيادته يظنون أنهم "دميمون" أو لديهم صورة خاطئة عن أنفسهم، وهذا ما لا يمكن إصلاحه بعمليّة تجميلية للأنف، بحسب الطبيب.
زينب مرعي
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد