بوش يستنجد ببايكر لإنقاذ سمعته
مرة اخرى، يلجأ الرئيس الاميركي جورج بوش الى "المنقذ" جيمس بايكر وزير الخارجية سابقا ورجل المهمات الصعبة، ولكن هذه المرة ليس لضمان فوز المرشح جورج بوش بمنصب الرئاسة كما فعل عام 2000، عندما مثله قانونيا في المواجهة مع المرشح الديموقراطي آل غور، بل للبحث في السبل والوسائل الخلاقة والجديدة لانقاذ ما يمكن انقاذه في العراق، بما في ذلك تركة الرئيس الاميركي وسمعته ومكانته.
ويرفض بايكر، الذي يرأس مركزا باسمه في جامعة رايس بولاية تكساس، يديره صديقه الديبلوماسي المتقاعد السفير ادوارد دجيرجيان، حتى الآن مناقشة مهمته الجديدة التي كلفه بوش القيام بها بهدوء ومن دون ضجة اعلامية الشهر الماضي، أي تأليف لجنة "حكماء" مؤلفة من شخصيات سياسية وديبلوماسية من خارج الحكومة من الحزبين الجمهوري والديموقراطي لتقديم الوضع في العراق وتقديم التوصيات والمقترحات في شأن الخطوات المقبلة في هذا البلد.
وقالت مصادر شاركت في المناقشات التي بدأت اخيرا انه لا يزال من السابق لاوانه تقديم عمل اللجنة، التي سيمولها الكونغرس والتي اعطيت اسم "فريق دراسة العراق" وان يكن بعض المراقبين يشكك في قدرتها على ايجاد حلول سحرية او قابلة للتطبيق السريع والفعال للتعجيل في انسحاب القوات الاميركية، وضمان وضع سياسي مستقر في العراق.
واوضحت المصادر لـ"النهار" ان اللجنة التي يشارك في رئاستها مع بايكر النائب الديموقراطي السابق لي هاميلتون (الذي يشاطر بايكر سمعته الجيدة في واشنطن، والذي شارك في رئاسة اللجنة التي درست اخفاق الاستخبارات الاميركية قبل غزو العراق)، بدأت تنظيم المناقشات مع شخصيات اكاديمية بينها مؤرخين وخبراء كتبوا عن العراق او عاشوا فيه في الماضي) وديبلوماسيين متقاعدين خدموا في العراق او في المنطقة، الى الاستماع الى تقويمات مسؤولين عراقيين سابقين خدموا في العراق منذ اطاحة نظام صدام حسين. وشددت على ان بايكر اصدر تعليمات قوية بعدم كشف مضمون ما يجري في المناقشات.
واعلنت ان الضغوط التي مارسها جمهوريون في الكونغرس، كانت وراء قرار تأليف اللجنة. ونشرة صحيفة "النيويورك تايمس" ان ولاية فيرجينيا فرانك وولف اضطلع بدور اساسي في التحضير للجنة والدفع الى تأليفها. ويذكر ان بايكر كان قد قام قبل سنتين، وبهدوئه المعهود، بمهمة رسمية كلفه القيام بها البيت الابيض لاقناع الدول الغربية والعربية بمسامحة العراق من قروضه المستحقة التي رزح تحتها خلال نظام صدام حسين. لكن هذه المهمة اسفرت عن انجازات محدودة.
واكد مصدر ديبلوماسي اميركي سابق تحدثت معه"النهار" ما اوردته تقارير صحافية من ان وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس لم تكن متحمسة لتأليف هذه اللجنة مع ان الناطق باسمها شون ماكورماك صرح لـ"النيويورك تايمس" بانها متحمسة للفكرة وان وزارة الخارجية ستوفر للجنة كل ما تحتاج اليه للقيام بعملها. وقبل بايكر المهمة بعدما طلب منه بوش ذلك مباشرة، وبعدما حصل على ضمانات ان الاجهزة الحكومية لن تعارضها.
وليس سراً ان ثمة قلقاً في اوساط الجمهوريين من ان يساهم عدم حصول تغيير نوعي في الوضع الامني في العراق قبل الانتخابات النصفية في تشرين الثاني المقبل، في الحاق نكسة انتخابية بالحزب الجمهوري. كما ان قبول البيت الأبيض بتأليف اللجنة يعني اعترافاً ضمنياً من الادارة الاميركية بانها في حاجة الى افكار خلاقة ومقترحات جديدة لتساعدها على الخروج من المأزق العراقي.
وتضم اللجنة، التي اختار بايكر وهاميلتون اعضاءها شخصيات سياسية وامنية سابقة بينها وزير الدفاع السابق وليم بيري (عمل في ادارة الرئيس السابق بيل كلينتون) ورئيس بلدية نيويورك السابق الجمهوري رودولف جيولياني (اشرف على عمليات الانقاذ بعد هجمات 11 ايلول 2001) والقاضية ساندرا دي اوكونور العضو السابقة في محكمة العدل العليا (عينها الرئيس الراحل رونالد ريغان) والمحامي الديموقراطي المعروف فيرنون جوردان الصديق المقرب من كلينتون. كما تضم المدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية "سي أي إي" روبرت غيتس وكبير موظفي البيت الابيض سابقاً (خلال عهد كلينتون) ليون بانيتا والسناتور الديموقراطي السابق عن ولاية فيرجينيا تشارلز روب والسناتور الجمهوري السابق عن ولاية وايومينغ آلان سيمبسون.
ويمكن وصف تأليف هذه اللجنة بانه تأكيد جديد لوجود ما يمكن تسميته "الحكومة الدائمة" او "البيروقراطية الدائمة"في واشنطن، والمؤلفة من شخصيات سياسية من الحزبين ذات خبرات حكومية او امنية او اقتصادية واسعة، وتعمل في مراكز الابحاث او في الاعمال بعد تقاعدها، لكنها تبقى قريبة من صنع القرار، وتشارك في صنعه بين وقت وآخر، حين يطلب منها ذلك، كما تشارك دوماً في صنع الرأي.
هشام ملحم
المصدر : النهار
إضافة تعليق جديد