إسرائيل: طاقم خاص لفحص خيار «ضرب» إيران
بعد يوم واحد من إعلان وزير الدفاع الإسرائيلي موشي يعلون أن الخيار العسكري تجاه طهران لا يزال قائماً، كشف موقع «والا» الإخباري النقاب عن تشكيل الجيش الإسرائيلي طاقماً خاصاً لفحص أمر الضربة العسكرية لإيران.
ويترأس الطاقم نائب رئيس أركان الجيش الجنرال يائير جولان الذي سيعيد النظر في المسار العسكري في مواجهة إيران، هذا المسار الذي استثمرت فيه إسرائيل مليارات الدولارات. ويأتي تشكيل الطاقم على خلفية الفرضية الإسرائيلية بأن إيران والدول العظمى ستتوصلان إلى اتفاق نووي، وأن هذا الاتفاق يشكل خطراً على إسرائيل.
وأشار المراسل العسكري لموقع «والا» أمير بوحبوط إلى أن قادة في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية يؤمنون أن توفر الخيار العسكري ضد إيران هو ما دفع الغرب لفرض عقوبات شديدة على طهران، والتي بسببها وافقت إيران على التفاوض على مشروعها النووي. لكن طول المفاوضات، التي تصل في الأيام القريبة إلى ذروتها، قاد الإدارة الأميركية إلى موقف مغاير، بعد أن لاحظوا أن الخيار العسكري يعرقل تشكيل ائتلاف واسع لمعالجة النووي الإيراني. وأطلق مسؤولون أميركيون تصريحات تفيد بأن الخيار العسكري يمكنه فقط أن يؤجل المشروع النووي الإيراني قليلاً لا أكثر. وكان الهدف هو تركيز الأنظار على المسار الديبلوماسي وتقليل قيمة الخيارات الأخرى.
وأثّر الموقف الأميركي على جهات مختلفة في الجيش الإسرائيلي، الذي صار بعض قادته يقولون إن الضربة العسكرية لن تقضي لا على الأيديولوجيا المتطرفة، ولن تبدد الخبرة التكنولوجية التي راكمتها إيران على مر السنين. وأشاروا إلى أن الخيار العسكري في أفضل الأحوال يساعد في حث عقوبات شديدة يمكن أن تخنق المشروع، وتلحق به وبالنظام أذى يؤجل المشروع لسنوات من دون إطلاق طلقة واحدة.
وفضلاً عن ذلك، برزت اعتبارات عملانية أثارت شكوكاً حول احتمال تنفيذ ضربة عسكرية. وتحدث وزير الدفاع السابق إيهود باراك، قبيل إنهاء مهام منصبه عن نافذة الفرص التي كانت وصارت تتقلص أمام إسرائيل. وأقواله أثارت شكوكاً بجدية الخيار العسكري، وهو ما ترافق مع الضغط الأميركي. وبات السؤال: هل بوسع حكومة بنيامين نتنياهو أن تأمر بضرب إيران بعد يوم من الاتفاق، وعلى الضد من مصالح الحليف الأهم لإسرائيل؟ هل الخيار العسكري في إيران لا يزال قائما؟
ولهذا السبب أمر رئيس الأركان الإسرائيلي الجنرال غادي آيزنكوت مؤخراً بتشكيل طاقم برئاسة نائبه جولان، لمراجعة الخيار العسكري بعد الاتفاق مع إيران. ويعبر تشكيل هذا الطاقم عن الميل الحالي في الجيش لإعادة النظر في الخيار العسكري إذا أبرم الاتفاق.
وأشار تقرير «والا» إلى أن الموقع سأل وزير الدفاع موشي يعلون أواخر العام الماضي عن الخيار العسكري، وخرج بانطباع أن قيمته تراجعت كثيراً. وأوحى أن الخيار العسكري موضوع لتشجيع الضغط على إيران حتى لا تتجاوز ما أعلنته إسرائيل من خطوط حمراء نووية. ومع ذلك، فإن محيطين بيعلون لا يزالون يؤمنون بوجوب توفير خيار عسكري قوي وموثوق ضد المشروع النووي الإيراني، ما يقتضي مواصلة الاستثمار في هذا الجانب.
وفي كل حال، فإن إسرائيل تعد نفسها منذ 15 عاماً لضربة عسكرية ضد إيران، وقد كلفها ذلك مليارات الدولارات. وكثيرا ما طفا السجال، حول هذا الاستثمار، على السطح بوصفه إنفاقاً فارغاً، لأن إسرائيل لا يمكنها توجيه ضربة عسكرية فعالة للمشروع النووي الإيراني.
وازداد هذا السجال مع تدهور الاقتصاد الإسرائيلي، وتزايد القيود على الإنفاق العسكري، وعلى الميزانية الأمنية الهائلة لإسرائيل. وكان مركز أبحاث السلام في إستوكهولم قد كشف أن ميزانية الأمن الإسرائيلي تبلغ 23 مليار دولار سنوياً، وأن هذا يجعل إسرائيل ثاني دولة في العالم، بعد السعودية، إنفاقاً على السلاح بالنسبة إلى الناتج القومي العام. وتبلغ نسبة الإنفاق العسكري الإسرائيلي 5.2 في المئة من الناتج القومي العام، يصرف القسم الأكبر منها على سلاحَي الجو والاستخبارات.
ومعروف أن إسرائيل عجزت عن إقرار ميزانية العام 2015، وليس متوقعاً أن تقر ميزانية العام 2016، في ظل مطالبات واسعة بتقليص ميزانية الدفاع وزيادة ميزانية الوزارات الخدمية، مثل التعليم والصحة والرفاه الاجتماعي. وتعاظم السجال مؤخراً، وهو ما أثّر على التخصيصات للمسائل المتعلقة بالاستعداد للضربة العسكرية لإيران، حيث أن سياسيين يردون على عسكريين بأن المطالبة بالأموال لا تتناسب مع مدى إيمانهم بالخيار العسكري. ولا يزال محيط يعلون يرفض تقليص الميزانيات استعداداً للضربة العسكرية، لكن هذه ليست قناعة الكثيرين في هيئة الأركان، وبينهم رئيس الأركان.
فرئيس الأركان كان رئيساً لشعبة العمليات ونائباً لرئيس الأركان، وهو يعرف كل الخطط التي وضعت للخيار العسكري. وإسرائيل في كل الأحوال معنية بأن توفر لنفسها ردوداً تقوم على أساس قدرات الجيش المتوفرة، ومن بين ذلك الاستعداد لمواجهة أي رد فعل إيراني يتمثل بإطلاق مئات الصواريخ البعيدة المدى. ورغم كثرة الحديث عن استعدادات إسرائيل الدفاعية في مجال مجابهة الصواريخ، فإن القليل معروف عن الاستعدادات الهجومية، طبعاً عدا امتلاك الطائرات والغواصات والذخائر المتنوعة.
لكن المراسل العسكري لموقع «والا» يشير إلى المناورة الكبيرة التي أجراها سلاح الجو الإسرائيلي قبل شهرين مع سلاح الجو اليوناني، والتي ركزت على مسارات طيران غير معروفة وطويلة، وعلى التدريب المنظوماتي الواسع على الغارات والمعارك الجوية، وعلى مواجهة منظومات الدفاع الجوي من طراز «أس 300» التي يمتلكها الجيش اليوناني.
حلمي موسى
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد