«داعش» يستثمر انتشار الوهابية.. و«رهاب الإسلام»
يرى مختصون عديدون أنَّ عزلة مسلمي أوروبا، هي أحد الأسباب الأساسية التي تجعل بعض أوساطهم تنجذب للداعية المتطرفة، ومنها حملات «داعش». يدعم ذلك تنامي نزعة «رهاب الاسلام»، في دول أوروبية عديدة. من جهة هناك انتشار أحزاب اليمين المتطرفة، لكن هناك أيضاً دراسات مختصة.
في أيار الماضي، خرجت مؤسسة «اعطوا البطاقة الحمراء للعنصرية» البريطانية بنتائج مخيّبة. أجرت دراسة لسنتين على نحو ستة آلاف طالب، تتراوح أعمارهم بين 10 و14 عاماً. خلصت إلى أن نحو ثلث الطلاب البريطانيين يرون أنَّ «المسلمين يستولون على بلدنا»، فيما 60 في المئة يعتبرون أنَّ «طالبي اللجوء والمهاجرين يسرقون وظائفنا».
هذه الشبهات تلاحق، بشكل أو بآخر، نحو 43 مليون مسلم أوروبي، يشكلون 6 في المئة من سكان أوروبا، وتتوقَّع دراسات وصول نسبتهم إلى 10 في المئة العام 2050. يقول مدير شبكة مكافحة العنصرية ميكائيل بريفو، إنَّ «داعش» ألحق «ضرراً كبيراً» بصورة هؤلاء، موضحاً أنَّ «أفعاله الرهيبة التي يقدمها باسم الإسلام، تظهر المسلمين كمجتمع بربري».
لهذا ترجمته في ذهن السياسيين أيضاً، منهم وزير الدفاع التشيكي مارتن ستروبنسكي. كان حاضراً لاجتماع حلف «الناتو»، حينما أطلق الحلف قبل أيام قوة عالية الجاهزية، إحدى مهامها مواجهة تهديد «الارهاب». قال، إنَّ مخاطر «داعش» على أوروبا عديدة: هناك تهديد «الجهاديين» الواضح، لكن أيضاً تمدد التنظيم الإرهابي على سواحل ليبيا، واحتمال تسلّل «مهاجرين آخرين غير المسلمين» إلى أوروبا. الخطر الداخلي، الذي يفضل آخرون الحديث عنه بتورية أكبر، يقدّمه ستروبنسكي عارياً «داعش يهدد أوروبا من نواح عديدة، يمكنه أن يؤثر على مئات آلاف الناس، فيما إمكانات أوروبا ليست بلا حدود».
إمكانية التأثير هذه شخّصها آخرون بدقة أكبر، محاولين تقديم الحلول. شدَّد، المنسق الأوروبي لمكافحة الإرهاب، جيل دو كيرشوف، على أهمية خلق «إسلام أوروبي». لا مفرّ، برأيه، من دعم ترويج فكر «الإسلام المعتدل» في أوروبا ومواجــهة «الفكر الوهابي السلفي». ضرر الأخير أكيد بالنسبة إليه، لجهة زيادة التــطرف وتبعاته، ولطالما أسف على حــال موريتانيا. تذكّر كيف كان يسودها «المذهب المالكي الصوفي المعتدل، لكنها الآن مليئة بالوهابية».
لكن ما حصل في موريتانيا يحصل أيضاً في أوروبا. هناك تكاثرت مدارس دينية تدعمها السعودية، والأخيرة تقدّم تمويلاً سخياً لمدارس تتكاثر في الغرب. لهذا تقول شخصيات إسلامية أوروبية، إنَّ المسؤولية تتحملها أيضاً «المجتمعات المسلمة» في الغرب. أحدهم محمد أجواو، المسؤول عن الأئمة المسلمين العاملين في السجون الهولندية، والبروفسور المساعد في جامعة أمستردام، شارحاً مخاطر انتشار «الوهابية»، قال أمام النواب الأوروبيين، إنَّ «على المسلمين تمويل مجتمعهم الإسلامي بأنفسهم، وعدم الاعتماد على الأعطيات والمنح من الخارج».
لكن كل تلك التفرّعات لا تلغي جوهراً واحداً، يؤكد عليه بعض من قاموا بدراسة التطرّف مطوّلاً. إذا كان هنالك من «ضعف» أو «هشاشة» تجعل دعاية «داعش» وغيره جذابة في الغرب، فالمسؤولية الأولى تتحمّلها السلطات التي خططت ونفذت برامج «الاندماج».
يدعم هذه الخلاصة مدير المركز الدولي لدراسات التطرف في لندن، بيتر نيومان. قال الباحث، خلال مقابلة سابقة ، إنَّ تطويق ظاهرة «الجهاديين»، على المدى الطويل، يتطلَّب أن «تصبح الدول الأوروبية أفضل في دمج المجتمعات المسلمة». الخلل العام الذي يجب تصويبه كان واضحاً بالنسبة إليه: «علينا وقف الحديث عن المجتمع المسلم، إنّهم من المجتمع الأوروبي، إنهم جزء منا ولا مكان آخر يذهبون إليه، لذلك يجب إيجاد مصلحة لهم هنا على المدى الطويل».
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد