ديمة الجندي: أخشى من الموضة والاستنساخ

الفنانة ديمة الجندي التي عرفناها في أدوار الفتاة الطيبة والجميلة المحبوبة, كما في أدوار أخرى أكثر تعقيدا, أطلت علينا هذا العام في دور جديد كليا... دور «زهرة», الفتاة الخرساء الصماء في مسلسل بعنوان «باب الحارة» حقق نسبة مشاهد كبيرة جداً في سوريا والوطن العربي, وحققت من خلال هذا الدور الذي لم يكن طويلا, استحسان الجمهور ومتابعته.
ايضا, اطلت في أدوار أخرى: الفتاة المضطهدة في «لا مزيد من الدموع», والجامعية في «فسحة سماوية» لتؤكد موهبتها وحضورها وتطورها المستمر, عاما بعد عام. في حوارنا مع ديمة الجندي, فتحنا « كل الدفاتر» وقرأنا فيها كل ما يمكن قراءته.

€ دور «زهرة», الخرساء والصماء, كان دورا صغير الحجم, ما الذي شدك إليه؟
­ أغراني العمل مع المخرج القدير بسام الملا وكنت قد صرحت للصحافة أكثر من مرة أنني أتمنى أن أعمل معه وحين طلبني مدير الانتاج للدور قال لي ان الشخصية لا تنطق بأي كلمة, وهذا الامر فاجأني في اللحظة الأولى, لكنني أدركت لاحقا أن الشخصية خرساء وصماء, وهو ما شدني ثانيا, فالدور جديد تماما بالنسبة الي... أثناء البروفات, كان لدي خوف شديد, وخصوصا ان المخرج يسام الملا كان يراجع معي الدور, والانفعالات التي يجب أن أجسدها, وهذا ما جعلني أتحمس أكثر لأداء الشخصية, وأحضر لها بجدية كبيرة. وفي خلال تحضيري للدور, بحثت عن فتاة خرساء ممن لم يتعلمن إشارات الصم والبكم, لكي أراقب حركاتها, وكيف تتعامل مع الآخرين, وشكل ردات فعلها, وكيف يمكن أن تعبر, وكيف تصدر أصواتاً, وحاولت أن أعمل على التفاصيل, وساعدني في ذلك الأستاذ علاء كوكش, الذي أشرف على جزء من تصوير العمل, وهذه مناسبة لأعاود توجيه الشكر له.
€ في معظم مشاهدك كانت الفنانة ديمة قندلفت شريكة لك, في دور الأخت الشقيقة. عموما كيف ترين دور الفنان الشريك في تحريض أداء الممثل أو التأثير فيه؟
­ أنا والفنانة ديمة قندلفت حققنا ثنائيا جميلا... من البداية, ارتحت لها كإنسانة وكصديقة, وهي شخصية ظريفة جدا, وكنا نتبادل الاقتراحات, ونتناقش بما هو أجمل, وفي المحصلة, الكل يبحث عن الصيغة الفضلى لتقديم الحالة الفضلى, ولا شك أنها كانت شريكا جيدا وفعالا, وأنا كنت سعيدة بهذه الشراكة.
€ في لقاء صحفي اجرته  مع زميلتك ديمة قندلفت, قالت انها أحبت أن تلعب دور الخرساء لو لم تلعب دورها... فلو عكسنا السؤال لك, فأي الأدوار كنت ستختارين لو لم تلعبي دور الخرساء؟
­ أحببت أن ألعب دور ابنة الفنانة صباح الجزائري, أو زوجة ابنها, لأنني أحب الفنانة القديرة صباح الجزائري, وربما لأنني أشبهها, أو ربما لأن الدور أطول, وأنا أحب أن أؤدي دورا طويلا تحت ادارة المخرج بسام الملا.
€ هل ستتكرر الفرصة مع المخرج بسام الملا بعد «باب الحارة»؟
­ أفترض ذلك, وأحب أن يحدث, واعتقد أن مخرج بقوة بسام الملا ما كان سيسند لممثلة لم يعمل معها سابقا, دورا وصفه هو بأنه «صعب», لولا إيمانه بهذه الممثلة, على الرغم من قصر حجم الدور.
€ في مشهد وداع زهرة في «باب الحارة», يبدو أنك بكيت بشكل حقيقي... عموما, هل تبكين بشكل حقيقي؟
­ هذا العام تحديدا بكيت أكثر من مرة. قبل بروفة مشهد الوداع, أحسست أنني لن أستطيع البكاء, لكن مع البروفة, ومع إحساس ديمة قندلفت أحسست فورا بالرغبة بالبكاء... عموما, أنا لا أحب أن أستحضر شيئا مسبقا مثلا, وألجأ إلى التكنيك, لكن في «باب الحارة» بكيت, وفي «لا مزيد من الدموع» بكيت أيضا.
€ قدمت دورا أكبر مساحة في مسلسل «لا مزيد من الدموع» مع المخرج الأردني محمد العوالي, فكيف وجدت التجربة؟
­ العمل لم ينل حظه في العرض, وقد عرض على القناة الأرضية الثانية, وفي توقيت غير مناسب, وأعتقد أن ذلك ساهم بعدم متابعة العمل جيدا, وهو برأيي جيد, ومهم ويتحدث عن قضايا معاصرة ومعاشة, وفيه شيء إنساني, كما ان أجواء العمل ظريفة وغريبة, وهو تحدث عن الإنجاب وتأجيله, والرجل الذي يبحث عن أمر خاص من دون إحساس بالمسؤولية, اضافة الى خطوط أخرى, مثل زوجة الأب وغيرها الكثير.
€ كيف وجدت الجو العام لدورك؟
­ الشخصية صعبة وتحمل معاناة كبيرة, وتتعرض لعنف زوجة الأب, وفي أحد المشاهد كانت الشخصية تتلقى صفعة من زوجة أبيها €أدتها الفنانة فيلدا سمور€ وطلبت منها أن تصفعني بجدية, لكي أعطي الاحساس الجدي والصحيح.
€ «فسحة سماوية»... عملك الثالث, دخل على زوايا جريئة عموما, فأين تميز العمل برأيك؟
­ العمل ككل جديد... الفكرة بحد ذاتها جديدة, كأن يكون هناك منزل مؤجر, طابق للرجال وطابق للنساء, إضافة للطروحات الاجتماعية الجريئة التي تمس العديد من القضايا والمتاعب التي يتعرض لها الإنسان في الزمن الراهن, وفي الجانب العملي, كان الجديد في العمل أن الطاقم ككل كان من الشباب, من فني الإضاءة, إلى المصور, إلى المخرج المنفذ, وحتى المخرج سيف الدين سبيعي الذي يقدم تجربته الثانية, وأيضا معظم الممثلين كانوا شبابا, وكان هناك تنسيق وتنظيم شديد, والكل كان جيدا, فالشباب قدموا شيئا غير تقليدي, وخاصة على مستوى الإخراج... الشكل والرؤية الإخراجية, ولا بد من الإشارة أيضا إلى جو التفاهم بين مجموعة العمل, والإلفة الحميمة التي تحمل مفهوم الأسرة, فالفنانة القديرة منى واصف كانت تحنو علينا كأم, وكنا نناديها «خالة أم فواز», حتى خارج التصوير, حتى انها كانت تأتي بالفاكهة معها إلى موقع التصوير. وذات مرة أقامت لنا الفنانة وفاء موصللي وليمة عظيمة في الموقع, وأنا لم ارتح في عمل بمثل ما ارتحت في هذا العمل.
€ بين أعمالك هذا العام تنوع في الأدوار والمناخات, فإلى أي مدى كان ذلك مقصودا؟
­ هذا العام كان لدي تنوع أدوار من دون ان اقصد. مسلسل «باب الحارة» ذو البيئة الشامية في زمن الثلاثينيات... «لامزيد من الدموع» كان معاصرا لكن ببيئة فقيرة, حتى ان الشخصية ظهرت من دون ماكياج, وبلباس متواضع... في «فسحة سماوية» كنت فتاة جامعية, لكن بلباس بسيط... اما الدور الرابع في مسلسل «الوردة الأخيرة» فقد وضعني في البيئة الحلبية أيام الفرنسيين.
€ باستثناء المخرج فردوس أتاسي مخرج «الوردة الأخيرة», عملت مع ثلاثة مخرجين للمرة الأولى, فما الذي أضافته التجارب الثلاث لك كممثلة؟
­ تحققت أمنيتي بالعمل مع المخرج بسام الملا هذا العام, وتجربتي مع المخرج محمد العوالي كانت جيدة, وهو مخرج جيد, وإنسان رائع ومهذب وخلوق, وتعامله جيد, كما انه يترك مساحة حرية للممثل. هنا, اشير الى ان هذا المخرج لم يكن يعرفني بشكل مسبق, لكن التجربة أسعدتني. المخرج سيف الدين سبيعي صديق, ولم أشعر بالغربة معه, والود والألفة استمرا حتى ما بعد العمل, وهذا شيء يسعدني. كما عملت مع المخرجة أنيسة عساف في مسلسل «الزيزفون» وهو خمس عشرة حلقة ولم يعرض بعد. في العموم, الحصيلة هذا العام كانت جيدة, وقدمت فيها أدوارا متنوعة, أحببتها, وتلقيت أصداء جيدة تجاه كل ما قدمت.
€ كيف وجدت الدراما السورية عموما هذا الموسم؟
­ الإنتاج مستمر, وهناك أعمال جيدة ظهرت وحققت استحسان ومحبة الناس... الممثل السوري يتطور ويحقق نجاحات واضحة, وإن كان ثمة انتاجات ضعيفة فهذا أمر طبيعي, لكن في العموم الدراما تحافظ على تقدمها. هذا العام, القطاع العام لم يقدم شيئا, وهذا أمر مؤسف, فالقطاع العام ممثلا بالتلفزيون هو ضمانة للدراما, ويجب أن يكون في الصدارة, وكلنا نعلم أن التلفزيون سبق وقدم أعمالا ممتازة... هناك إمكانية للعمل, وهناك ميزانيات ضخمة تصرف, لكن يبدو أن الأعمال المنتجة لا توزع أو تسوق بشكل جيد, وربما الخيارات ليست سليمة تماما. لا أدري, لكن يجب أن يكون التلفزيون حاضرا دائما في العملية الانتاجية, ومن المؤسف الا يعرض هذا العام إلا مسلسل وحيد من انتاج القطاع العام هو «الوردة الأخيرة».
وتضيف: اما من ناحية ما تم تقديمه من أعمال عموما, لا أستطيع الحكم جيدا لأنه لم يتح لي المتابعة بشكل جيد, لكن أخشى أن يكون هناك وقوع في مشكلة «الموضة» مرة أخرى, واستنساخ الأعمال الناجحة, خصوصا في الموضوع, وهذا غير صحي. بالمقابل, مسلسل «باب الحارة» يجد له متابعين من شرائح متعددة, بدءاً من المغتربين الذين يحنون إلى العادات القديمة والزمن الجميل, بالألفة والشهامة والأخلاق, وصولا الى الشباب الذين يرغبون بالتعرف الى زمن لم يعرفوه, ربما لأنه يتفرد في طرحه, ناهيك عن الجهد المميز للمخرج وجهد مجموعة العمل. لقد تيسر لي مشاهدة «ثلاثيات» المخرج نجدت أنزور, وأحببت العمل كثيرا جدا وأعتقد أن المخرج أنزور من أهم المخرجين, وأتمنى أن أعمل معه. كذلك, شاهدت أجزاء من بعض المسلسلات, فأحببت «غزلان في غابة الذئاب», وسمعت آراء طيبة للناس, حول مسلسل «كسر الخواطر» الذي شد الجمهور بخفته وفكاهته, بغض النظر عن الآراء النقدية, فالناس تحب الكوميديا والمشاهد المضحكة التي تحمل البسمة والضحكة, وسمعت ايضا صدى جيدا عن مسلسل «الانتظار» للمخرج الليث حجو.
€ وأخبارك الأخيرة ماذا عنها؟
­ أشارك في عمل للمخرج هيثم زرزوري وهو عمل بيئي حلبي بعنوان «حوش العيلة» وزمنه يعود إلى القرن التاسع عشر, والمخرج بذل جهدا كبيرا, وأتوقع أن يكون العمل جيدا. ويتحدث عن قضايا عائلية واجتماعية, لها امتدادات معاصرة.

صبحي حليمة
المصدر: الكفاح العربي