عيد القيامة وتشويه التاريخ السوري
يحتفل العالم المسيحي خلال ايام بما ُيسمى عيد الفصح، والحقيقة ان اسم الفصح لا علاقة له بالعيد الذي يحتفل به المسيحيون والذي ينبغي ان يكون اسمه الحقيقي عيد القيامة، لان فيه يحتفل الناس بذكرى قيامة المسيح من الموت وبعثه مجددا الى الحياة، مثله في ذلك مثل اسلافه السوريين القدامى من دموزي في العهد السومري، الى تموز في العهد البابلي، الى البعل حدد في العهد الكنعاني، الى تيشوب اوتلفينو في العهد الحثي، الى ادونيس في العهد الفينيقي، الى رمون في العهد الارامي، الى يسوع في العهد المسيحي. ونحن نعلم من المدونات التاريخية المكتوبة، والتي لا يرتقي الى صحتها الشك، ان كل هؤلاء القوى السماوية التي يدب فيها جبروت الشباب او ابناء الله السوريين/ بن -عل/ كما تسميهم نصوص اوغاريت وكما سمى يسوع السوري نفسه ابن الله، وطبعا ليس بمعنى البنوة والابوة كما نفهمه اليوم بل بمعنى ان الله خلق قوة سماوية دعاها من باب الحب / ابن/ ولكنه كلف هذا الابن بالسهر على مصير البشر الذين كلهم / ابناء الله / بمعنى مخلوقات الله او ابناء الانسانية والجنس البشري. ولذلك اطلق المسيح على نفسه اسم
ابن الانسان، وبلغته السورية الارامية / بار – ناشا/ فابن الانسان جاء ليهتم بخلاص وسعادة البشر وليجعلهم يعرفون الملكوت السماوي الذي جاؤوا منه في الاصل، باعتبار أنهم مخلوقات الله وعليهم ان يعودوا اليه. وخصوبة الحقول وتجدد الطبيعة ووفرة المحاصيل في فصل الربيع كانت بمثابة تلك العودة الى الجنة السماوية التي لا معنى لها ولا سبب لوجودها لو لم يكن الانسان موجوداً. وكانوا يبكون وينوحون عليه بعد موته كما نفعل اليوم رمزيا في/ الجمعة العظيمة او الحزينة / ثم يبتهحون بقيامته كما نفعل اليوم نهار العيد.
تجدد الطبيعة كان عند اسلافنا يحول الارض الى بستان مزهر يماثل جنة السماء الرمزية. وتجدد الطبيعة في الربيع الذي اطلق عليه اجدادنا السومريون اسم / اكيتي/ ثم / اكيتو/ كان هو عيد رأس السنة الجديدة. ويجب ان ننتبه الى ان كلمة / اكيتو/ السومرية ودلالالتها على الخصب وتوفر المحاصيل ووفرة المواسم وتكاثر البهائم والحيتان لم تختفي بل استعارتها العربية ولفظتها / قوت/ ونعرف ان القوت اليوم يدل بدوره على الاكل اي على حاجة الانسان الاساسية لتدوم الحياة، حيث بلا قوت لا حياة لكل مخلوقات الارض. ونعثر ايضا في اسم / اكيتو/ على فعل سوري في لغتنا المحكية في فعل نستعمله كثيرا في الحياة اليومية وهوفعل / كت / يكت/ فنقول : كت المي ليغسل يديه. ولازم تكت الزيت في الصحن وبلش المطر يكت اي بدأ يهطل وكت…. كت…. يعني اكثر من الصب وزد كثيرا. يعني الخصوبة والتكاثر. ونجده ايضا في الفصحى في صيغة / قات/ اقتات/ يقتات وقوت كما سبق.
وكان الله في حبه لابنائه البشر الذين وكما سبق هم / ابناء الله / او بالسورية القديمة / بن عل/ يضحي بابنه الوحيد او مخلوقه المفضل في سبيل البشر ويتركه يعرف الموت وينزل الى الجحيم، ثم يرسل ابنته بأسمائها المتعددة إيننانا السومرية وعشتار البابلية وعنات الكنعانية وهبا او هيفا الحثية وعشتروت – افروديت الفينيقية واتارجتس الارامية ثم فينوس الرومانية، الى مملكة الموتى لاسترجاع الابن الذي قبل الموت في سبيل البشر.
وهكذا نرى ان إيننانا تسترد دموزي وعشتار تستعيد تموز وعنات تسترد البعل وكذلك تفعل هبا الحثية أو هيفا ومثلها تفعل عشتروت وافروديت وفينوس. ونرى ان الله هنا لا يفرق بين المرأة والرجل أو العنصر المذكر والعنصر المؤنث بل يعطي المرأة الدور الاعلى وفيه المهمة الكبرى أي استرجاع الرجل / الأبن أو الحبيب/ من ظلمات الموت حيث يبعثه مجددا وعودته الى الحياة يعود ليؤدي مهمته الاساسية والتي ُخلق من اجلها أي ارسال المطر للقضاء على الجفاف، وابعاد شبح المجاعة والموت عن الناس والعمل على خلاصهم من الموت ليجعل الجنة المزدهرة من جديد تكون ليحيا فيها الانسان وكأنه في الجنة التي وعده الله بارجاعه اليها رمزيا. وهذه الجنة هي الارض وما فيها من خيرات وطيبات وليست جنة دينية يمضي اليها الانسان بعد الموت اذا كانت اعماله صالحة. وهذا هو المفهوم الروحي السوري للجنة. وهومفهوم عز نطيره في التاريخ ليس فيه خوف اوترهيب بعذاب او حرق بالنار لأن مفهوم الله عند اسلافنا السوريين القدماء كان يتلخص في كلمة واحدة هي/ المحبة / التي تربط الله بابنائه اومخلوقاته وتربطهم به. ولذلك فلم يكن هناك اضاحي ونحر ذبائح له بل فقط تقديم بعض عطايا الموسم الزراعية من باب العرفان بالجميل او تكريمه وشكره فقط عن طريق الخبز الذي هو اساس الحياة والخمر الذي يمثل ماء الحياة. ونلاحظ ان هذا ما فعله الملك السوري الكنعاني ملكي صادق ملك اورشليم- القدس والملقب بكاهن الله العلي خالق السماوات والارض. وعبارة خالق السماوات والارض تأتي بالكنعانية السورية في الصيغة التالية
عل- قنا-ارص-و-شمم، وذلك قبل أن تأتي العبارة في الاديان التي نسميها اليوم توحيدية كاليهودية والمسيحية والاسلام.
ونلاحظ ايضاً أن ملكي صادق عندما التقى بإبراهيم فإنه باركه بالخبز والخمر ولم ينحر له دبيحة، وأن إبراهيم نفسه سجد أمام ملكي صادق، أي أن البدوي المتنقّل ترك مكانه للمزارع المستقر الذي سوف يبني الحضارة.
هذا الطقس فعله المسيح بنفسه، عندما ،وحسب رواية الأناجيل، فقد مضى الى اورشاليم ليشارك في العيد حيث نعلم انه غسل اقدام تلامذته ثم كسر الخبز واعطاهم اياه على ان هذا الخبز جسده ثم سقاهم الخمر او النبيذ على انه دمه. واعلمهم انه سوف يتعذب ويموت حسب الطقس السوري الذي تحدثنا عنه في سبيل خلاص الانسانية. وهو يصلب ثم يموت ثم يدفن.
وليس من باب الصدفة ان اول من يلتقي يسوع لحظة قيامته من الموت كانت امرأة هي مريم المجدلية التي تبدو وكأنها تماثل ايننانا وعشتار ومن تبقى لانها دخلت الى القبر وشهدت قيامة يسوع من الموت فكأنها رمزيا اقامته من الموت واخرجته من عالم الموتى وكانت اول من انبأ الناس بقيامة يسوع.
ونلاحظ هنا ان دور المرأة لم يتغير، فهي ايضا التي تحارب وتهبط الى عالم الموتى لاستعادة الرب الشاب الذي نزل الى عالم الموتى، وبقيامته يبصر البشر الجنة التي وعدهم بها من جديد وهذه الجنة، وكما سبق، ليست جنة روحية بل جنة ارضية هي الخصب المتجدد.
السؤال الذي يطرح نفسه الان هو لماذا صعد المسيح وهو من اهل الجليل السوري الى اورشليم وبأي عيد احتفل مع التلامذة ؟
الأناجيل تقول حسب الرواية التقليدية الخاطئة انه مضى ليحتفل بعيد الفصح اليهودي
الجواب: المسيح لم يكن يهوديًّا بل انه رفض اليهود واليهودية معًا. ثم إنه أعلن نفسه أعلى من كل أنبياء اليهود من إبراهيم إلى موسى إلى داود إلى سليمان إلى من تبقّى، حين قال العبارات التالية:
قبل أن يكون إبراهيم أنا كنت
إن الله قادر أن يجعل من هذه الحجارة أولادًا لإبراهيم.
وفي الرد على أنه من سلالة داود قال:
أمامكم هنا من هو أعظم من داود.
ثم الغى كل شريعة موسى ورفضها ووضع مكانها وصية فيها كل الروحية السورية التي عمرها آلاف السنوات وهي:
أحبّوا بعضكم بعضًا كما أنا أحببتكم.
ثم مضى إلى أبعد وإلى القطيعة النهائية حين أعلن لليهود هذه العبارة الخطيرة:
كل الذين أتوا قبلي (أنبياء اليهود) هم قتلة سارقون.
وهنا جنّ جنون اليهود وارادوا قتله لولا انه فر منهم واختفى.
ومن الغريب أن الكنيسة والقرآن ايضا يعتبران أنبياء اليهود مرسلين من الله وانهم انبياء كرام ، مع اننا نعرف اليوم ان ابراهيم قايض امواله بزوجته سارة وعرض على الملك الكنعاني ابيمالك ان يضاجع زوجته سارة مقابل ان يترك لابراهيم امواله. وكذلك فعل مع فرعون مصر حين اوصى سارة ان لا تقول انها زوجته بل اخته حتى ينال نعمة في عين الفرعون الذي احب ان يضاجع سارة زوجة ابراهيم. فيا له من نبي جليل ذلك النبي الذي يبيع جسد زوجته بالمال. كما ان ابراهيم لا يتردد في تحضير ابنه للذبح لان الله طلب منه ذلك.
فلنتصور حالة ذلك الطفل النفسية وهو ينتظر ان يذبحه ابوه لولا تدخل الهي في اللحظة الاخيرة. لا شك انه كان يجب ارساله الى مصحة نفسية.
ولماذا يطلب الله من ابراهيم طلبا كهذا دون ان يفكر في الطفل والكابوس الذي سوف يعيشه. لا ننسى ان ابراهيم نفسه يطرد وببساطة جاريته هاجر وابنه منها اسماعيل الى الصحراء وهو يعلم انهما ذاهبان الى الموت. كيف يقبل نبي مرسل ان يفعل مثل هذه الامور ؟
وكيف يكون النبي المرسل لهداية البشر عنصرياً متزمتا بلغة اليوم كما كان ابراهيم عندما طلب من عبده أن لا يأخذ زوجة لابنه اسحاق من بنات كنعان وهو ساكن في ارضهم وبينهم. ولماذا جاء الى ارض كنعان اذن ؟
اما موسى فنعلم اليوم انه ارتكب جريمة قتل حين قتل رجلا مصريا وهي جريمة يعاقب عليها القانون، ومع ذلك فان الرب يختاره ليجعل منه نبيا وينزل عليه الشريعة وعلى رأس موادها وصية: لا تقتل.
من الغريب ان يختار الله قاتلا ليصير نبياً ويأمره أن يوصى الناس ان لا يقتلوا وهو نفسه سبق له ان قتل.
ثم : لا تسرق
والله نفسه يوصي موسى ان يوصي اليهود أن يسرقوا كل ممتلكات المصريين قبل أن يغادروا مصر.
وأما داوود فمعروف أنه كان قاتلاً ولصًّا وقاطع طرق وأنه لما أصبح ملكًا على إسرائيل أحب زوجة قائد عسكره وأرسل من يقتل زوجها ليحصل عليها. فيا له من نبي .
وكذلك البقية فحدث ولا حرج.
فنوح بعد الطوفان يشرب الخمر ويسكر فيتعرى من ثيابه وينام في خيمته فدخل ابنه حام الخيمة فرأى اباه عاريا وابصر عورته فخرج واخبر اخويه. ولما استيقظ نوح من السكر واستعاد وعيه وعلم ان ابنه حام (الصحيح شام وليس حام) ولكن تحريف التاريخ يقتضي تشويه الاسماء، غضب وقال: ملعون كنعان عبد العبيد يكون لاخوته.
المشكلة ان كنعان ابن حام لم يكن بعد قد خُلق فكيف عرف نوح ان حام سيكون له ولد اسمه كنعان وكيف عرف أن اسمه سيكون كنعان؟
ولماذا لعن نوح كنعان وكنعان لم يوجد بعد ولم يفعل شيئاً؟
ولماذا لم يلعن حام ؟
العلم عند نوح، ولكن علينا ان لا ننسى ان كنعان يعني سوريا وكل السوريين في كل ارجاء سوريا الطبيعية، ومع ذلك فقد اصبح نوح نبيا مرسلا!!
اما النبي لوط فلم يفعل سوى انه ضاجع ابنته الكبرى وابنته الصغرى دون ان يعلم، ربما لانه كان سكرانا بدوره، ولم يتدخل الله ليفعل شيئاً.
فهل اخطأ المسيح حين قال عن انبياء اليهود انهم جميعا قتلة لصوص سارقون ؟
ولماذا الديانات ( الكنيسة المسيحية والإسلام ) التي أتت بعد اليهودية أعطت اعتبارًا كبيرًا لهؤلاء الأشخاص وبشكل خاص إبراهيم؟
المسيح صعد الى اورشليم ليحتفل بعيد الربيع في نيسان / أبريل أو عيد اكيتو كما كان يفعل اجداده في كل انحاء سوريا الطبيعية. وما من شك ان اليهود لم يكتفوا بسرقة ارض كنعان بل سرقوا كل الثقافة والعادات واللغة والتقاليد كما اصبح معروفا اليوم وبعد اكتشاف وقراءة آلاف الوثائق السومرية والبابلية والكنعانية والحثية والفينيقية.
ولا شك ان اليهود اقتبسوا عيد السنة الجديدة اكيتو وصاروا يحتفلون به واطلقوا عليه اسم /الفصح / والكلمة بالعبرية تعني فعل فسح -يفسح – اوعبر – يعبر. يعني انهم اعتبروا عيد الاكيتو عيد عبورهم من مصر الى صحراء سيناء حسب مرويات التوراة. ومن فسح جاءت كلمة فصح التي لا معنى لها بالعربية ولا باي لغة سوريه قديمة. كما انه من المحتمل انهم تعلموا هذا العيد من المصريين وشاركوا فيه وهو العيد الذي لا يزال اهل مصر يحتفلون به الى اليوم باسم / شم النسيم / كما هومعروف.
وهكذا تم الخلط والتشويه من قبل آباء الكنيسة الأوائل حين أطلقوا على هذا العيد اسم عيد الفصح اليهودي ولم يطلقوا عليه اسمه السوري، أي عيد القيامة، مع أن الناس حتى اليوم يقولون في المعايدة في هذا العيد عبارة لا تخفى دلالتها وهي
المسيح قام
فيرد الثاني
حقًّا قام.
ويجب أن لا ننسى رمزية أحداث العرس في قانا الجليل الذي دعي اليه المسيح مع امه مريم وكيف انه فعل اولى معجزاته، اي تحويل الماء الى خمر. ويجب ان نحاول أن نفهم لماذا يمد الله المسيح بالقدرة على تحويل الماء الى خمر ليشرب الناس ويثملوا، ولماذا حرم الله الخمر في دين آخر كالاسلام مثلا ؟
ولنتذكر قول المسيح الذي يدل على انه كان يشرب:
جاء يوحنا المعمدان لا يأكل خبزا ولا يشرب خمرا
فقلتم به مس من الشيطان
وجاء ابن الانسان(المسيح) يأكل ويشرب
فقلتم هو ذا رجل أكول سكير.
عيد القيامة المسيحي هو في الاصل عيد اكيتو السوري القديم
ولكن تم تشويه اكثر تاريخنا لغايات لا يجهلها احد فصرنا كالغرباء عنه
فايز مقدسي
إضافة تعليق جديد