الهجرة الداخلية والخارجية ساهمتا في تفكك الأسرة السورية
تعرضت الأسرة السورية إلى ضغوط كبيرة أدت إلى تفكك الكثير منها خلال هذه الأزمة وتركت على المشهد الاجتماعي منعكسات خطرة كبيرة نحاول رصدها من خلال هذا الحوار الخاص مع الدكتور سليمان سليمان الباحث في الشؤون الاقتصادية والاجتماعية والمدرس في جامعة دمشق الذي أكد أن الحرب التي تشن على سورية من المجاميع الإرهابية وداعميهم من الغرب والدول الرجعية العميلة كان هدفها الأول تدمير وتحطيم البنيان الاجتماعي وتحويل الدولة إلى دولة رخوة مخترقة من خلال المجتمع والأسرة وهذا يعني تركيع الدولة السورية أما اختراق البنيان الاجتماعي فهو نزع ثقافته ووحدته ومحبته وإحلال ثقافة مغايرة لطبيعته وتطلعاته وإشاعة الثقافة الطائفية والأفكار الهدامة وإثارة الحساسيات المذهبية.
وهنا نؤكد مسألة مهمة وهي التقصير من فريق السياسات الاجتماعية والاقتصادية التي اتبعت سياسة التحرير قبل التمكين التي همشت المجتمع من خلال التراخي في القطاع العام الزراعي والصناعي واتساع رقعة اقتصاد الظل وتزايد حالات التهريب ودخول ثقافة غريبة على الأسرة من خلال من كان يسافر إلى الخليج من أهل الريف سواء للعمل أم غيره.
ونحن نعلم أن الإحصاءات الرسمية للبطالة في سورية بلغت 11.5 بالمائة من اليد العاملة لعام 2005 أي ما يساوي 650 ألف شخص صالح وجاهز للعمل ولا يجده من أصل قوى عاملة بلغت 5 ملايين نسمة من الفئة العمرية بين 15 و24 سنة وأن نسبة 51 بالمئة من العاطلين عن عملهم من الأرياف وكان حجم العمالة في لبنان 350 ألفاً وفي الخليج 400 ألف سوري.
وفي هذه الأثناء صدر عن وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل تقرير بين أن عدد طالبي العمل لدى مكتب التشغيل التابع للوزارة قد بلغ مليون شخص في 2004 إضافة للبطالة المقنعة والبطالة المحبطة للأسر التي فقدت الأمل في العثور على عمل وفي أزمة عام 2005 نعلم كيف عاد الكثير من العمالة من لبنان، كل هذه الأسباب مجتمعة كانت الدينمو المولد للخلافات الأسرية والضاغطة على المجتمع.
واليوم في ظل الحصار والمقاطعة والحظر والحرب على المجتمع السوري أصبحت الظروف والأحداث ضاغطة جدا وصعبة سواء لمن تهجر أم لمن استقبل عائلات أقاربه في منزله أو من يعاني من ضعف الدخل والقوة الشرائية لليرة وارتفاع الأسعار وكلفة الاحتياجات الأساسية.
هذه الأسباب مجتمعة وضعت شرخاً كبيراً بين الزوج وزوجته وعائلته وأقاربه من كان يعيش بزمن الوفرة وكان دخله يكفيه ويزيد، اليوم أصبح بحالة عوز أو مشردا وعالة على نفسه وغيره.
وبدأت المعاناة والبحث عن الهجرة أو اللجوء إلى دول أخرى، إذ يسافر الزوج أو الزوجة وفي بلاد الغرب يظنون أن الشهد ينتظرهم ولم الشمل والحياة الرغيدة.
وهناك يصطدمون بالواقع لا الأسرة تم لم شملها ولا زوج قادر على إعالة نفسه هناك.
وهذا هو الحال داخل الوطن مهما كانت ظروف وضنك العيش مزعج وقاسٍ يبقى أفضل من الاغتراب والهجرة ورغم هذا وذاك كان هناك منعكسات خطرة وخلافات زوجية وأسرية وصل منها حالات إلى الطلاق أو فقدان الزوج إما شهيداً وإما خطفاً أو هاجر أو ارتكب أعمالا إرهابية أو إجرامية وأصبح إما مع المجاميع المسلحة وإما في السجون وفي كلتا الحالتين من يدفع الثمن الأسرة وبالتحديد الزوجة.
أصبح تدني الدخل وفقدان رب العائلة الركن الأساسي للأسرة ومعيشتها ونموها ظواهر عامة متفشية أدت إلى حالات تشرد أو تخلي الزوجة أحياناً عن مسؤوليتها تجاه أطفالها إما أن تتزوج وإما تهاجر أو تهجر المنزل.
وهناك مئات الحالات في المحاكم الشرعية حول الوصاية أو الإرث أو النسب للمولود الجديد الذي كثر في الآونة الأخيرة.
محمود الصالح
المصدر: الوطن
إضافة تعليق جديد