توقفوا عن خلق الإرهابيين
الجمل- ترجمة رنده القاسم:
يتساءل الجميع اليوم حول كيفية إيقاف المزيد من الإرهاب...
البعض يقول أننا نحتاج إلى المزيد من الحروب ضد دول إسلامية ، أو المزيد من التجسس، أو المزيد من الإجراءات الصارمة على حرياتنا..
و لكن ، و بغض النظر عن كل الآراء ، فإن طرق إيقاف هجمات إرهابية مستقبلية معروفة تماما، إذ علينا أن "نجفف المستنقع".....
أولا- توقفوا عن إسقاط المعتدلين و تسليح المجانين: و نعلم أن من الصعب فهم هذه الفكرة، و لكن إن أردنا إيقاف الإرهاب علينا التوقف عن دعم الإرهابيين، لاسيما أننا نسلح أكثر المتطرفين عنفا في الشرق الأوسط ، كجزء من إستراتيجية جيوسياسية غبية جدا تهدف لإسقاط قادة لا يروقون لنا.
و من الغريب أننا نسعى لإسقاط عرب معتدلين عملوا على استقرار المنطقة و رفضوا إيواء الجهاديين... فمثلا الإرهابيين الذين قاموا في 2015 بقتل رسامي كاريكاتور في باريس كانوا عائدين للتو من الحرب الدائرة ضد الحكومة السورية ، حيث كانوا يحصلون ، بشكل مباشر أو غير مباشر ، على سلاح و تدريب أميركي. فإذا أردنا إيقاف الإرهاب علينا إيقاف دعم الإرهابيين.
ثانيا- توقفوا عن دعم الدكتاتوريات التي تمول الإرهابيين: فالسعودية أكبر راعي في العالم للإرهاب الإسلامي المتطرف، و هي تدعم داعش و الكثير من المجموعات الإرهابية المتوحشة، و وفقا لتصريحات من قبل لجنة التحقيق في أحداث الحادي عشر من أيلول فإن المملكة العربية السعودية هي مرتع لأشد الإرهابيين الإسلاميين تطرفا في العالم و هم السلفيين ، و كل من داعش و القاعدة سلفيون، و المملكة العربية السعودية، بمساندة من الولايات المتحدة، تدعم المدرسة المتطرفة التي تنشر الإسلام الراديكالي ... ومع ذلك ، و على مدار سبعين عاما و الولايات المتحدة تقوم على دعم الجيش السعودي،باستخبارات وكالة الأمن القومي الأميركية و بكل الطرق الأخرى الممكنة.
علاوة على ذلك، يقول خبراء إرهاب أميركيون أن دعم الولايات المتحدة للدول المستبدة و القاسية في الشرق الأوسط ، مثل السعودية ، هو المثير الأول للإرهابيين العرب... لذا إذا توقفنا عن دعم آل سعود و طغاة عرب آخرين ، فإننا سنحقق ضربة مضاعفة على الإرهاب:1- سوف نضعف الداعم الأساسي للإرهاب ، 2-سوف نتخلص من محرض رئيسي للإرهابيين و هو دعمنا لأكثر الطغاة العرب اضطهادا و وحشية.
ثالثا-إيقاف الغزو الإمبريالي للنفط العربي: على مدار ستة عقود و الولايات المتحدة تتولى تغيير أنظمة في البلاد التي لا يروق لها قادتها ، مثل إيران عام 1953، العراق مرتين، أفغانستان مرتين، تركيا و ليبيا.. و دول أخرى غنية بالنفط.
خطط المحافظين الجدد المتعلقة بتغيير النظام تبدلت عبر الشرق الأوسط و شمال إفريقيا عام 1991، و اعترف سياسيون أميركيون رئيسيون بأن حرب العراق كانت من أجل النفط لا من أجل إيقاف الإرهاب( تظهر وثائق بريطانية الأمر ذاته) . معظم الحرب على الإرهاب هي في الواقع قتال من أجل الغاز الطبيعي، و وصف الجيش الأميركي الهجمات الإرهابية على الولايات المتحدة ب: "ثمن قليل يجب دفعه من أجل أن نغدو قوة عظمى"..
و خبراء الأمن ، المحافظون و الليبراليون، يتفقون على أن شن الحرب في الشرق الأوسط أضعف الأمن القومي و زاد الإرهاب.
فعلى سبيل المثال، جيمس ك.فيلدمان ،و هو بروفيسور سابق في التحليل و الاقتصاد في معهد القوة الجوية للتكنولوجيا و معهد دراسات القوى الجوية المتقدمة، و خبراء آخرون قالوا بأن الاحتلال الأجنبي هو المسبب الرئيسي للإرهاب. الأمر الذي يتفق معه البروفيسور روبيرت أ. بيب من جامعة شيكاغو، و المختص بشؤون الأمن الدولي.
إننا نخوض أطول و أبهظ الحروب في التاريخ الأميركي، و لكننا أصبحنا أقل أمنا عن السابق، و يوجد هجمات إرهابية أكثر من السابق..و تذكروا بأن القاعدة لم تكن موجودة في العراق قبل الغزو الأميركي لها، و إذا أردنا إيقاف الإرهاب، علينا التوقف عن إسقاط قادة عرب و غزو دول عربية من أجل الاستيلاء على نفطها...
رابعا- أوقفوا قتل المدنيين الأبرياء بالطائرات بلا ربان: و يقول ضباط رفيعو المستوى في ال CIA أن الضربات بالطائرات بلا ربان تزيد من الإرهاب.و وكالة ال CIA المسؤولة عن هذه الضربات، اخبرت أوباما أن هذا الأمر يمكن أن يزيد من الإرهاب، فإذا أردنا منع نشوء المزيد من الإرهاب، علينا أيقاف ضربات الطائرات بلا ربان.
خامسا- إيقاف التعذيب: يتفق خبراء الإرهاب و الإستجواب على أن التعذيب يخلق المزيد من الإرهاب.و قادة داعش تحركوا نتيجة تعذيب الولايات المتحدة الأميركية ...و نعود إلى مثال هجوم باريس 2015 حيث قال أحد الإرهابيين أنه لم يكن متطرفا قبل أن يعلم بالتعذيب الأميركي في سجن أبو غريب في العراق...فإذا أردنا إيقاف خلق إرهابيين جدد، علينا إيقاف التعذيب نهائيا...
سادسا- إيقاف المراقبة الجماهيرية: إذ يرى خبراء الأمن انها تجعلنا غير حصينين من الإرهابيين.
سابعا- توقفوا عن حجب حقائق الحادي عشر من أيلول: فالمسؤولون الحكوميون يرون أن هجوم أيلول كان إرهابا برعاية الدولة، فقط اختلفوا حول الدولة المسؤولة.
و لأن الحادي عشر من أيلول أكبر هجوم إرهابي في تاريخ الولايات المتحدة، و كل استراتيجياتنا المتعلقة بالأمن القومي بنيت وفقا عليه، فإننا لا نستطيع إيقاف الإرهاب إلا إذا سبرنا غور ما حدث حقا، و أية دولة وراءه... و الكثير من كبار المسؤولين الأميركيين،بما فيهم قادة عسكريين و ضباط أمن و أعضاء في لجنة الحادي عشر من أيلول، غير راضيين عن تحقيقات الحادث حتى الآن... و بعض الأعضاء في لجنة التحقيق التابعة للكونغرس يطالبون إما ب" لجنة دائمة للحادي عشر من أيلول" أو بتحقيقات جديدة للوصول إلى الحقيقة.
و قال بوب غراهام، و هو معاون مدير لجنة التحقيق في أحداث الحادي عشر من أيلول التابعة للكونغرس و رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ ، بأن الهجمات الإرهابية و داعش و التطورات الإرهابية الأخرى ليست سوى نتيجة فشل مواجهة السعودية و الكشف عن تقرير تحقيقات الحادي عشر من أيلول المتعلق بتورط السعودية..و كذلك طالب العديد من السياسيين الأميركيين بكشف النقاب عن التقرير..
و هناك آخرون يحملون أفكارا مختلفة حول من يقف وراء الحادي عشر من أيلول، و لكن حتى نتوصل إلى الحقيقة ،سوف تستمر الهجمات الإرهابية.
المدافعون عن السياسة الحكومية الحالية يقولون : "علينا أن نفعل شيئا لإيقاف الإرهابيين" ..
نعم ، نحن نفعل، و لكن يجب أن نتوقف عن القيام بالأمور السبعة المذكورة أعلاه و التي تفاقم الإرهاب، علينا التوقف عن رمي أشياء جديدة في النهر.
و لكن هناك قوى لا تريد تغيير المسار، إذ أنها تكسب نفوذا و قوة هائلين عبر استراتيجيات حربنا الحالية ضد الإرهاب، فمثلا تغدو الصناعة العسكرية غنية عبر الحرب ، إذن الحرب اللانهائية ميزة و ليست سيئة .. و التعذيب جيد من أجل خلق ذرائع مزيفة من أجل الحرب، و الرقابة تتعلق بالمصالح الاقتصادية و الدبلوماسية و سحق المخالفين...و دعم أكثر القادة المسلمين تطرفا هو من أجل النفط و السلطة....."ثمن قليل ينبغي دفعه" من أجل الهيمنة على العالم.
Rand Corporation" " هي المرشد لجيش الولايات المتحدة و قد أطلقت عام 2008 دراسة تحت عنوان "كيف تنتهي المجموعات الإرهابية: دروس لمواجهة القاعدة".. و يؤكد التقرير على ما كان يقوله الخبراء منذ سنوات، و هو أن الحرب على الإرهاب تضعف الأمن القومي، و في تقرير حول الدراسة ورد: "يجب أن يعتبر الإرهابيون مجرمين ، لا مقاتلين مقدسين، و تحليلاتنا تفترض أن ما من حل في أرض المعركة من أجل الإرهاب"
نحن الشعب ، يجب أن نقف و نطالب بأن يوقف قادتنا المتعطشون للسلطة القيام بأشياء تمنحهم المزيد من القوة و لكنها تضمن زيادة الإرهاب ضدنا نحن السكان المدنيين.
عن Washington Blog
الجمل
إضافة تعليق جديد