الجيش يوسّع سيطرته شرق دير الزور وغربها: تفاهم حول إدلب في «أستانا»
فيما يتجه المشاركون في محادثات أستانا إلى التوافق على وثائق تقنّن مناطق «تخفيف التصعيد»، ومن بينها إدلب، وسط محاولات متكررة من واشنطن لتحييد دور إيران الضامن، يتابع الجيش عملياته في محيط دير الزور الشرقي والغربي، مسيطراً على عدة نقاط مهمة على مدخلها الغربي
على الرغم من المعارك السريعة التي شهدتها محافظة دير الزور مطلع الأسبوع الجاري، تبدو مئات الأمتار الأخيرة التي تفصل كلاً من الجيش وحلفائه من الجنوب و«قوات سوريا الديموقراطية» من الشمال، عن نهر الفرات، وكأنها خاضعة لقواعد مختلفة. وبينما لم توقف قوات الجيش وحلفائه تحركها في محيط المدينة الشرقي والغربي، اكتفت «قوات سوريا الديموقراطية» بالدفاع عن النقاط التي وصلتها قبل أيام، والتي تمتد ما بين منطقة المعامل في الشرق إلى أطراف محطة السكك الحديدية غرباً، من دون التحرك جنوباً.
الجيش الذي تمركز في القسم الأكبر من بلدة الجفرة المحاذية للمطار من الشمال، لم يكمل ــ بدوره ــ تحركه نحو النهر لعبوره، رغم معلومات تقول إن قرار العبور موجود على الطاولة. وعزز تلك المعلومات ما تحدثت عنه مصادر عن وجود تفاهم روسي ــ أميركي لمنع تصادم قوات الجيش و«قسد»، غير أن خط الفصل تحدده تحركات كلّ من الطرفين، وليس محدداً على خط النهر.
ولم ينعكس هذا «التردد» حول ضفتي النهر القريبتين، على باقي الجبهات، بل على العكس، كثّف الجيش وحلفاؤه عملياتهم في محيط المدينة الغربي والشرقي، وحقق تقدماً لافتاً على الجهة الغربية، إثر سيطرته على بلدة البغيلية وجامعة الجزيرة القريبة منها، قبل التقدم نحو مستودعات عياش ومحطة الرادار ومعسكر الصاعقة.
ووصل الجيش عبر هذا التحرك إلى أطراف بلدة عياش، ليصبح على بعد نحو 8 كيلومترات عن مدخل دير الزور الغربي. وفي موازاة ذلك، استكمل الجيش أمس سيطرته على كامل نقاط جبل الثردة في الجهة الشرقية، إلى جانب استعادة تل كروم وكتيبة ضامن، وصولاً إلى كتيبة الدفاع الجوي ومحطة غاز نيشان ومحطة ضخ المياه. التحرك نحو الشرق ترافق مع مشاركة واسعة لسلاح الجو في تأمين التغطية الجوية، إلى جانب استهداف قوات البحرية الروسية لنقاط التنظيم في بلدة سلو جنوب شرق دير الزور بصواريخ «كاليبر»، أطلقتها الغواصتان «فيليكي نوفغورود» و«كولبينو» من شرقي المتوسط.
وأوضحت وزارة الدفاع الروسية أن هذا الاستهداف يساعد في «تسريع وتيرة» عمليات الجيش في ريف دير الزور. الزخم لتوسيع العمليات شرقي دير الزور حضر خلال زيارة رئيس الأركان العامة علي أيوب، أمس، إلى جبهات المحافظة ولقائه قادة العمليات العسكرية والمقاتلين في المطار العسكري، وفي مواقع الجيش المتقدمة شرقي جبل الثردة. وبالتوازي مع العمليات في دير الزور، شهدت جبهات ريف حماة الشرقي اشتباكات عنيفة أمس، بين الجيش وتنظيم «داعش»، خلال هجوم نفذه الأخير على بلدة حمادة عمر جنوب غرب عقيربات.
وبينما تتوسع العمليات في الشرق مقابل هدوء تشهده باقي الجبهات السورية، انتهى اليوم الأول من محادثات أستانا على تأكيدات روسية بتفاهم حول النقاط الرئيسة المتوقع إقرارها في نهاية اجتماعات اليوم. ورأى رئيس الوفد الروسي إلى أستانا، ألكسندر لافرينتيف، أن هذا الاجتماع يمكن عدّه «النهائي بالنسبة إلى مناطق «تخفيف التصعيد»... ولكن عملية أستانا سوف تستمر لمعالجة العديد من القضايا المتعلقة بالتسوية السورية».
وأوضح أنه سيتم اليوم استكمال «الوثائق التي ستحدد بشكل رئيس عمل قوات مراقبة مناطق «تخفيف التصعيد»»، موضحاً أنها «مسألة تتطلب عملاً دقيقاً، ولذلك فإن كل القضايا الفنية قد يتم بحثها بعد انتهاء هذه الجولة من المحادثات». وكان لافتاً أن رئيس الوفد الروسي تطرق إلى عدم وجود أي نقاش حول «القضية الكردية» في سوريا، مضيفاً أن «من المهم طرح هذه المسألة المؤثرة في عملية التسوية... ويجب أن تدرج ضمن الاجتماعات المقبلة».
ولفت إلى أن الدول الضامنة «توافقت على تشكيل لجنة ثلاثية من شأنها الإشراف على مناطق «تخفيف التصعيد» الأربع»، موضحاً أن الجولة المقبلة من محادثات أستانا قد تعقد أواخر تشرين الأول، وقد تشهد انضمام دول جديدة بصفة مراقبين. وحول ما إذا كان هناك نية لطرح النتائج لتبنّيها في مجلس الأمن الدولي، أشار إلى أن «كل شيء سيتوقف على رغبة المجتمع الدولي في دعم تلك التعهدات التي سوف تضعها الدول الضامنة، روسيا وتركيا وايران»، مضيفاً أن «بعض أعضاء المجتمع الدولي لا يريدون رؤية إيران في هذه العملية». وقال إن «على تلك الأطراف الاعتراف بحق إيران في المشاركة ضمن التسوية السلمية فى سوريا، وفي عملية إعادة الإعمار، بما في ذلك الاقتصاد والبنية التحتية».
وأتى الحديث الروسي عن محاولات إقصاء إيران بالتوازي مع مواصلة وسائل الإعلام العبرية، أمس، الحديث عن الفشل الإسرائيلي في الساحة السورية، إذ ذكرت «القناة العاشرة» العبرية أن إسرائيل فشلت في دفع الجانب الروسي إلى تضمين الاتفاقات المبرمة مع واشنطن في الجنوب السوري بنوداً تنص على إبعاد القوات الإيرانية وحلفائها عن حدود الجولان المحتل مسافة تتراوح ما بين 60 و80 كيلومتراً، مضيفة أن الروس أكدوا عدم استعدادهم لتلبية هذا المطلب، وعرضوا في المقابل إبعاد تلك القوات لخمسة كيلومترات عن خط المواجهة في الجولان.
ونقلت وكالة «نوفوستي» عن مصدر في أحد الوفود المشاركة في الاجتماعات قوله إن هناك «ست وثائق منجزة، بينها أربع جاهزة للتوقيع، فيما يبقى العائق الوحيد هو حول ورقتين تشملان قضية تبادل المحتجزين، وإنشاء مجموعة عمل مشتركة» بين المعارضة والحكومة، مشيراً إلى أن الوفد الحكومي أبدى تحفظات حول ملف «تبادل المحتجزين»، وهو ما قد يؤجّل توقيعها إلى اجتماع لاحق. ولفت المصدر إلى أن الدول الضامنة الثلاث سوف تشارك في مراقبة منطقة «تخفيف التصعيد» التي يجري الاتفاق عليها في محافظة إدلب وجوارها، مشيراً إلى أن «قوات تركية سوف تكون في جانب المعارضة، وقوات روسية وإيرانية من جانب الحكومة». ونقلت الوكالة عن مصدر آخر قوله إن «مسألة إشراك تركيا (في المراقبة) هي من أصعب المسائل التي تخللتها المفاوضات». وبالتوازي، أشار وفد المعارضة المسلحة، عبر حسابه الرسمي على «تويتر»، إلى أن الوفد التركي أكد له «عدم وجود أيّ اتفاق بينهم مع الروس أو الإيرانيين على مقايضة وتهجير أهالي جنوب دمشق»، وأن العمل جار لضمّها إلى مناطق «تخفيف التصعيد».
الأخبار
إضافة تعليق جديد