المربون يشتكون،والتجارة الداخلية ترد
انخفاض هائل يوازي النصف تقريباً في أسعار الفروج، في أقل من شهرين، والسبب في رأي أحد كبار المربين، البيض التركي المهرب الذي دخل منه مؤخراً بحدود مليون بيضة و800 ألف صوص عبر إدلب ومنها إلى حماة ثم إلى الأسواق السورية ليباع بأرخص من البيض البلدي، ما حمل المربين على تربية أعداد هائلة من الصيصان، استعصت كثافة أعدادها الذبح في المسالخ بالتزامن مع قلة الطلب في السوق.
وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك- وعلى لسان أحد المعنيين فيها- أكدت أنه لا يمكنها القيام بشيء ولربما تنفع توجيهات وزيرها للشركة السورية للتجارة بشراء الفائض من مادة الفروج في تقليص الخسارة بالنسبة للمربين، مشيراً إلى أنهم تذوقوا حلاوة الربح عندما رفعوا سعره إلى 100% في رمضان وعليهم أن يتذوقوا مرّها أيضاً.
الطمع ضرّ مانفع
90% من الفروج المطروح في الأسواق حالياً تركي المنشأ وهذا شيء محتوم بعد مرور 3 أشهر على دخول بيض التفقيس التركي إلى سورية، حسب أحمد أحد المربين، الذي رفض ذكر كنيته، فالبيض بحاجة إلى البقاء في المفقس 21 يوماً ومن ثم لينضج مدة 50 يوماً، والآن هو طريح الأسواق للبيع، يضيف: العشوائية في التربية التي تسبب بها البيض التركي الأقل سعراً حمل البعض على زيادة أعداد التربية، فالمربي الذي كان يربي 5 آلاف طمع وبات يربي 8 آلاف صوص وأصحاب المفاقس بدلاً من شرائهم 10 آلاف بيضة اشتروا 30 ألفاً ليوزعوها على المربين، مشيراً إلى أن الزيادة التي حصّلها المربون في رمضان والتي تفوق 100% عندما وصل سعر الفروج إلى 1800 ليرة على تربية أعداد ضخمة من الصيصان، وهذا يحمّله جزءاً من المسؤولية، على قوله “راحت السكرة واجت الفكرة”.
مكاتب تمويل خاصة
الإقبال الهائل على التربية بأعداد ضخمة لم يكن بسبب انخفاض سعر البيض التركي وإنما بسبب وجود مكاتب خاصة بالتمويل التي تقوم بشراء البيض التركي وبيعه بالدين الى المربي مع الحصول على نسبة من الربح (فرق سعر) قد تصل إلى 100 ليرة على الصوص الواحد- كما يقول المربي حكمت حداد- وهذه المكاتب لا تقوم بتمويل زبون واحد وإنما منطقة كاملة وتالياً تساهم في حدوث فقاعة وتضخيم في التربية ما يحمل المربي على الخسارة.
وأضاف: الأعداد الهائلة من الصيصان أعجزت أصحاب المسالخ عن سحب تلك الكميات للذبح وخاصة مع انخفاض الطلب على الفروج في السوق، ما جعل المداجن مكدسة بالفروج الذي زاد وزن الوحد منه عن 3 كيلو غرامات، مشيراً إلى أنه في هذا التوقيت من المستحيل أن تجد فروجاً وزنه أقل من كيلو غرامين في السوق، وهذا سبّب خسارة أخرى للمربين فكلما زاد عمر الفروج زاد علفه وتكلفته.
انخفاض القدرة الشرائية
زيادة العرض نتيجة زيادة كمية الإنتاج، وفي المقابل انخفاض القدرة الشرائية للمواطن تزامن هذا الشهر مع تحضيره للمونة والمدارس والأعياد ما أدى الى انخفاض سعر الفروج يقول حداد أحد المربين: بعض المربين يعرفون أن البيض تركي المنشأ ومع ذلك يشترونه فهو أرخص من البيض البلدي.
مستفيدون من التهريب
مطالبات وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك الحديثة بتشديد حملات الرقابة على محلات بيع الفروج واتخاذ أقصى العقوبات الرادعة بحق كل من يتعامل مع شراء أو بيع أو تهريب الفروج التركي، ومن ثم توجيهاته القريبة للشركة السورية للتجارة بشراء الفائض من الفروج من المربين تؤكد وجود الفروج التركي المهرب في الأسواق السورية الذي ساهم في انخفاض سعره كما البيض منذ فترة عندما انخفض سعره إلى 750 ليرة بعد دخول البيض التركي المهرب، والحل الوحيد بإجماع المربين على وقف التهريب، وهذا غير ممكن في الوقت الحالي مع وجود الحدود المفتوحة مع إدلب، فهناك من المربين من يقوم بشراء العلف والصوص التركي لانخفاض سعره وتربيته في مداجنهم، يقول سالم أحد المربين: تجاوب مدير الجمارك معنا كان شيئاً جيداً لكنه أكد لنا عدم قدرته على ضبط الوضع في ظل وجود متنفذين مستفيدين من التهريب، مضيفاً: بغض النظر عن ذلك فلا يمكن للجمارك التأكد من مصداقية منشأ البيض، مع إمكانية تقديم المربين فواتير نظامية محددة بأسماء مداجن قد لا تكون موجودة في الواقع.
“حكي” إعلام فقط!
في الوقت الذي رأى فيه حداد أنه يجب على “السورية للتجارة” تخزين ما لا يقل عن 100 طن يومياً من الفروج حتى لا يخسر المربي ويضمن الحفاظ على ضبط السعر، أكد مربي آخر أنه حتى الآن لم تقم “السورية للتجارة” باستجرار فروج واحد من السوق وأن الإعلان عن ذلك لم يكن إلا مجرد “حكي” للإعلام.
المربون السبب
وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك كان لها رأي مختلف بعض الشيء هذه المرة فبحسب مدير أسعار دمشق عبد المنعم الرحال قال: إن الأرقام الخيالية لعدد الأضاحي التي ذبحت في سورية والتي تزيد على 50 ألف رأس في دمشق، إضافة إلى الإقبال الكبير على التربية نتيجة انخفاض سعر الصوص من 400 ليرة إلى 200 ليرة، كل ذلك تسبب في كثرة العرض وقلة الطلب، ما أدى الى انخفاض سعر الفروج في هذا التوقيت.
وأضاف: إذا لم يربح المربون 100% يعتبرون أنفسهم خاسرين اقتصادياً ولكن يبدو أن معدل الربح الذي فاق 100% في شهر رمضان عندما كانوا يبيعون كيلو الفروج بـ1800 ليرة بينما تكلفته لا تتجاوز 600 ليرة، جعلتهم يعتبرون انخفاض مقدار الربح خسارة بالنسبة لهم، مشيراً الى أن طمع المربين بتربية أعداد هائلة من الصيصان بعد ذلك الربح الفاحش في رمضان ساهم في خسارتهم، إضافة إلى استقرار الوضع الأمني وعودة التربية لبعض المناطق، مؤكداً أن سعر أي سلعة في السوق تحكمه قضيتا العرض والطلب.
بحاجة إلى اختصاصي
ولم يجزم الرحال بوجود تهريب للبيض في الأسواق السورية، فهذا بحاجة إلى اختصاصي ولا يوجد في دمشق سوى طبيب بيطري واحد لكنه أكد، في الوقت نفسه، استمرار دوريات مديرية التموين بجولاتها المستمرة على الأسواق وقيامها بضبط فروج مهرب منذ مدة، قائلاً: حالياً لا نستطيع فعل شيء، فمهمة الوزارة ضبط الأسواق والمحافظة على انسياب السلع في السوق، ولربما ينفع توجيه الوزير للشركة السورية للتجارة بشراء الكميات الفائضة من الفروج وتخزينها في البرادات في تقليص حجم الخسارة.
المصدر: تشرين
إضافة تعليق جديد