أنقرة تريد البقاء في إدلب !
لا تزال تصريحات المسؤولين الأتراك حول عملية إدلب تقول الشيء ونقيضه، على حين أعلنت وزارة الدفاع التركية عن الحاجة لوجود قواتها في المحافظة الواقعة شمال غرب سورية، إلى حين زوال الخطر الأمن الوطني التركي، في تصريح مطاط يشي بنوايا مبيتة لدى أنقرة لاحتلال أراض سورية أو وضع اليد عليها من أجل تحسين مواقع تركيا في أي مفاوضات حول التسوية السورية.
ويستدل من تخبط المسؤولين الأتراك، على تصدي شريكتي أنقرة في عملية أستانا طهران وموسكو، من وراء الكواليس وعبر القنوات الدبلوماسية، للتصريحات التركية شديدة المغالاة والبعيدة عن مضمون الاتفاق الذي توصلت إليه الدول الضامنة في خلال الجولة السادسة من محادثات أستانا.
واتفقت الدول الثلاث على تفاصيل منطقة «تخفيف التوتر» في إدلب، على أن تنتشر فيها قوات عسكرية مراقبة من تلك الدول لا تتجاوز أعدادها الخمسمئة مراقب من كل دولة.
وجاء تصريح وزير الدفاع التركي نور الدين جانيكلي مفاجئاً من حيث حديثه عن أن انتشار قوات بلاده في محافظة إدلب ضروري في الوقت الراهن، لحين انتهاء الخطر الذي يهدد تركيا.
وحتى وقت قريب كانت أنقرة لا ترى أي خطر من «جبهة النصرة» التي تتخذ من «هيئة تحرير الشام» واجهة لها وسيطرت في الصيف الماضي على معظم محافظة إدلب.
وتعتبر الحكومة التركية أن مليشيا «وحدات حماية الشعب» الكردية المدعومة من «التحالف الدولي» ضد تنظيم داعش، بقيادة واشنطن، بمثابة التهديد الأكبر لأمنها الوطني.
ولطالما حذرت تركيا من أن تقوم الميليشيا بوصل مناطق سيطرتها في الشمال السوري ما بين الجزيرة وعين العرب ومنبج إلى عفرين ومنها إلى إدلب بدعوى محاربة متطرفي داعش و«النصرة».
ومن أجل ذلك أطلقت تركيا بعد ضوء أصفر روسي عملية «درع الفرات» في أب 2016، للسيطرة على شريط حدودي من أراضي محافظة حلب يمتد ما بين مدن جرابلس، الباب، وإعزاز.
وقبل أشهر لوحت بعملية في منطقة تل رفعت بريف حلب الشمالي من أجل طرد «حماية الشعب» منها، ووصل مناطق «درع الفرات» مع مناطق سيطرة حلفاء تركيا من مليشيا «حركة أحرار الشام الإسلامية» في ريف إدلب الشمالي، إلا أن العملية التي قادتها غرفة عمليات حوار كلس فشلت بالكامل، واضطرت أنقرة إلى تعديل خططها بالكامل بعد هزيمة «النصرة» لـ«الأحرار»، وإخراجها من معادلات القوة في المحافظة.
وبدأت قوات تركية، استعداداتها لدخول المحافظة، تنفيذا لاتفاق أستانا بشأن مناطق «تخفيف التوتر».
وأكد الجيش التركي الإثنين، بدء أنشطة الاستطلاع في المحافظة، قبل عملية عسكرية متوقعة في المنطقة.
وأضاف: أن الخطوة شملت إقامة نقاط مراقبة، وأنه يقوم بمهامه بما يتماشى مع قواعد الاشتباك المتفق عليها في عملية أستانا.
وقدم رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم مشاركة الجيش التركي في عملية إدلب على أنها حماية لتركيا من موجة هجرة جديدة، وقال: إن «السبب وراء أنشطتنا هو تمهيد الطريق ومنع تدفق موجة محتملة من المهاجرين إلى بلدنا والحد من التوترات».
وفي تصريح يشي بأن هدف أنقرة قد لا يكون القضاء على «النصرة»، قال يلدريم: إن تركيا تهدف أيضاً إلى تأسيس نقاط سيطرة في إدلب لنشر المزيد من القوات في المستقبل، وإن أنشطة القوات المسلحة في إدلب ستساعد في منع نشوب صراعات داخلية بين المدنيين والجماعات المتشددة في المنطقة.
وتتقاطع تصريحات يلدريم مع ما نشرته صحيفة «خبر 7» التركية حول السبب الكامن وراء عدم دخول القوات التركية إلى الأراضي السورية، على الرغم من تأكيد مصادر معارضة أن قافلة تركية خرقت الحدود السورية وتمركزت في منطقة دارة عزة في ريف حلب الغربي بحماية مسلحي «النصرة».
وعزت الصحيفة عدم دخول الجيش التركي إلى إدلب في المرحلة الأولى، إلى وجود مفاوضات ما بين «الجيش الحر» وبين «النصرة»، حسبما أبلغها مسؤولون وعسكريون أتراك.
وتؤكد الدعوات التي وجهها يلدريم إلى الولايات المتحدة للتخلي عن حزب الاتحاد الديمقراطي «بيدا»، الذي تتبع له «حماية الشعب» وبشكل فوري، أن الهدف التركي من عملية إدلب لا يتعدى محاصرة مناطق سيطرة «حماية الشعب» في عفرين وتل رفعت ومنعها من تنفيذ تهديدها بالزحف إلى إدلب لاقتلاع «النصرة».
وفي دليل على أن العملية تستهدف «حماية الشعب»، أعلنت غرفة عمليات «حوار كلس» في بيان استعدادها للمشاركة في «العملية العسكرية المرتقبة في إدلب»، والتي تهدف إلى «ضم الشمال لاتفاقية تخفيف التوتر التي تم الاتفاق عليها في مسار أستانا»، نافيةً أي دوافع للثأر أو الانتقام.
وعملت «النصرة» على مواجهة العملية عبر تحذير المسلحين من أن «إدلب ليست نزهة لهم» وتخوينهم لمشاركتهم في عملية تشارك فيها روسيا وإيران.
المصدر: الوطن
إضافة تعليق جديد